من أجل الوصول إلى أقصى مدى فيما يخص منطق التعددية

يمكن أن نلاحظ اليوم أن هناك غليانا يشهده العالم الإسلامي، حيث يستنكر العديد من الناس العنف الذي يلازم انبعاث إسلام يحكمه التعصب والتطرف والراديكالية. يجب أن نتفهم هذه التخوفات، كما يجب أن نستنكر العنف السياسي، والمجازر الدموية التي تترجم في الواقع بقتل السياح، والقساوسة، والنساء، والأطفال، باستعمال المتفجرات بشكل عشوائي. لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ندافع عن هذه الأعمال، لأنها ببساطة لا تراعي أبسط تعاليم هذا الدين. يجب كذلك استنكار العنف الذي يأتي من الأعلى، أي من الأنظمة الديكتاتورية، التي تلقى الدعم غالبا من القوى العظمى. لا يمر يوم واحد، إلا ونرى شعوبا بأكملها تتعرض للقمع، والشطط في استعمال السلطة، والانتهاك اللاإنساني لحقوقها. فإلى متى يجب عليهم أن يبقوا صامتين، ليحكم عليهم الغرب أنهم مصدر الخطر، إذا تجرؤوا للتعبير عن رفضهم لهذه السياسات القمعية ؟

لا يتعلق الأمر هنا بتبرير العنف، لكن يتعلق الأمر بمحاولة تفسير الظروف التي تؤدي إلى وقوعه، فالاختلالات التي تحكم العلاقات بين دول الشمال والجنوب، واستغلال البشر والمواد الأولية، بالإضافة إلى استقالة الشعوب الغربية، هي عوامل تنتج عنفا بقدرات تدميرية مذهلة، وبقوة تفوق قدرات الجماعات المسلحة.

هل بإمكاننا تعبئة الناس من أجل تحقيق المزيد من الحقوق على مستوى العدالة الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، لأنه يبدو أن تحقيق العدالة هو الوسيلة الوحيدة لرد الحقوق إلى أهلها، وإسكات صوت الرصاص؟ هذا المجهود هو الترجمة الحرفية لمفهوم الجهاد.. إنها شهادة نابعة من قلب ينوره الإيمان، ومن ضمير يتشكل انطلاقا من استشعار المسؤولية.

بعد 11 شتبنر 2011 ، وبالنظر إلى الهجمات التي استهدفت الشعب الأفغاني، ولمواجهة العنف في فلسطين، والجرائم التي تقترف في الشيشان، أو بشكل موسع عبر العالم، سواء في التيبت، أو الصين، أو بيرمانيا، أو إندونيسيا، أو إفريقيا الوسطى، أو العراق،أو سوريا، لا يكفي أن نتبنى فقط الخطابات الأخلاقية والداعية إلى السلمية. يجب أن يكون نضالنا موجها إلى محاربة أسباب العنف والحرب .من الواجب، بداية، الانخراط في عمل النقد الذاتي، وبعد ذلك، يجب أن نتعبأ من أجل احترام حقوق الشعوب، من خلال تفعيل مسلسل الديمقراطية، الذي يراعي اختيارات الناس، سواء تعلق الأمر بشعوب الجنوب، أو الشمال .يجب كذلك أن نصل إلى أقصى مدى فيما يخص منطق التعددية، كما يجب القبول بالتنوع، رغم أنه بطبيعة الحال قد يشكل خطرا على العيش المشترك، لكنه شرط أساسي لتحقيق التوازن، والانسجام، للحيلولة دون وصول سلطة القوة الحاكمة الوحيدة، أو النظام الأوحد. إن العالم في حاجة إلى خلق أقطاب جديدة، لمواجهة القوة الأمريكية العظمى، على غرار الصين والهند، كما يجب أن تصحو أوروبا من سباتها، وتصحو جميع قوى المقاومة في العالم، من أجل احترام جميع المواطنين في العالم، واحترام حقوقهم المتعلقة بالحرية والعدالة، ليس فقط من أجل المنافسة الاقتصادية، بل من أجل احترام حقوق الإنسان الأساسية.

1 تعليق

  1. قلت حقا يا أستاذ. لا أفهم لما يرى معظم الناس بعين واحدة بينما خلقوا بعينين

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا