« قراءة في كتاب « الإسلام والصحوة العربية » لطارق رمضان » بقلم زكرياء سحنون

صدر خلال شهر نونبر 2011 عن دار النشر presses du châtelet كتاب باللغة الفرنسية بعنوان: L’islam et leRéveil arabe أو » الإسلام والصحوة العربية  » للمفكر طارق رمضان والذي قسمه الكاتب إلى أربعة فصول: ففي الفصل الأول المعنون « هل هي انتفاضات تحت التأثير؟ » يعطي قراءته للاحتجاجات التي شهدتها الدول العربية وبالخصوص تونس ومصر؛  أما الفصل الثاني: « تفاؤل حذر » ، يحاول طارق رمضان فهم أبعاد الانتفاضات و الموقف الغربي المزدوج تجاهها طبقا لمصالحه الجيوستراتيجية. أما الفصل الثالث: (الإسلام: الإسلام السياسي والعلمانية) فإنه يناقش دور الإسلام وبالخصوص دور الحركات الإسلامية في المجتمعات العربية التي تحررت من الدكتاتورية؛ أما الفصل الأخير « المرجعية الاسلامية  » فإنه يدعو المسلم إلى أن يكون له دور فعال في مجرى الأحداث، كما يناقش التحديات التي تواجه الإسلام السياسي مع الإشارة إلى أزمة الديمقراطية في العالم الغربي و مسؤولية المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة في اقتراح حلول للأزمات التي تعاني منها المجتمعات المعاصرة.

يحاول الأستاذ المحاضر في الدراسات الإسلامية المعاصرة بأكسفورد في كتابه  (230 صفحة )  قراءة و دراسة الأحداث التي زلزلت العالم العربي مشيرًا إلى الصعوبات التي تواجه أي متابع ومراقب لهذه الاحتجاجات التي لم تكتمل بعد؛ محاولًا استخلاص الدروس مما سماه المفكر « الانتفاضات  » العربية.

و يدعو المفكر إلى قراءة شاملة للوقائع بأبعاد ثلاثية: إعادة دراسة الماضي القريب، دراسة الفاعلين و أخيرا تحليل المعطيات السياسية والجيوستراتيجية والاقتصادية، من أجل تقديم الرهانات و مرافقة المجتمعات العربية في سيرها نحو الحرية، والديموقراطية و الاستقلال الاقتصادي.

فرغم ابتهاج طارق رمضان بالحركات الاحتجاجية السلمية وشجاعة الرجال والنساء والأطفال في مواجهة الدكتاتوريات في تونس ومصر وليبيا، فإنه يقرر صعوبة تسمية هذه الحركات بالثورات معبرا عن تفاؤل حذر بالمستقبل؛ فبالنسبة للكاتب مصطلح « الثورة » مبالغ فيه لا من الناحية السياسية ولا من الناحية الاقتصادية؛ ويفضل استعمال مصطلح « الانتفاضات » بدل الثورات غير المكتملة ومبتعدا في ذلك عن نظرية المؤامرة.

يعتبر الكاتب أن الحديث عن الديمقراطية في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ليس بجديد ؛ فمنذ 2003 بدأ الحديث عن ضرورة ” دمقرطة” هذه المنطقة، حيث أنه بعد الاحتلال الأمريكي للعراق ، عقدت العديد من التظاهرات الدولية التي تهدف إلى تدريب الشباب على المشاركة والتعبئة المدنية والتفكير الاستراتيجي والإعلام الجديد.. كما قام بعض الشباب العربي خلال صيف 2009 بزيارة لصربيا للاستفادة من دورة تدريبية وورشة عمل نظمت بمركز CANVAS بهدف التعرف على كيفية تكوين الحركات السلمية دون اللجوء إلى العنف و من ضمن شركاء المركز : مؤسسة ” ألبرت أينشتين” ، و المعهد الجمهوري الدولي و منظمة “بيت الحرية”.؛ كما أن هذه البرامج تم تمويلها من طرف الإدارة الأمريكية و شركات خاصة تعمل في قطاع التكنلوجيا مثل جوجل.

لا يشكك طارق في وطنية هؤلاء الشباب لكنه يحاول عرض معطيات لا جدال حولها وأحداث وقعت، كما أنه لا يؤمن بنظرية المؤامرة بل يعتبر هذا التدخل الأوروبي و الأمريكي ، هو إعادة النظر في استراتيجية الدول الغربية؛ لأن الاستمرار في دعم الدكتاتوريات لم يعد ممكنا للعديد من الأسباب السياسية والاقتصادية والجيوستراتيجية يشرحها المفكر في كتابه؛ فالدعم الأمريكي للدكتاتورية في هذه الدول دون شروط لن يفيد المصالح الغربية وغير فعال بالنسبة لهم؛ بالإضافة إلى بزوغ فاعلين جدد مثل الصين والهند وروسيا والبرازيل وتركيا؛ فالشركات الغربية ترى تواجد هذه الدول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تهديدا لأسواقها التقليدية… فكان لابد من « الإصلاح » .

لقد رافقت أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية الانتفاضات الشعبية لكنها احتفظت بعلاقات وطيدة بمسؤولين سابقين أو متعاونين مع هذه الأنظمة وبالخصوص مع المؤسسة العسكرية.

يقول طارق رمضان أن ما يسمى بـ « المجتمع الدولي »  لا يلتفت إلى معانات الشعوب بـ »سورية » ، و »اليمن » و »البحرين » المضطهدة، بينما تَتَلقّى المعارضة الليبية الدعم السياسي والمالي والإعلامي ، بما فيها بعض القادة الجدد الذين كانوا، بالأمس، أكثر الموالين للقذافي، كما يشيد الغرب بالثورات في تونس ومصر رغم أنها تزال تحت المراقبة الاقتصادية والعسكرية.

بالنسبة للمفكر طارق رمضان، فإن الشعوب العربية قد كسرت  » القفل  » وصارت تطمح إلى الحرية ومستعدة لإسقاط الدكتاتورية بطرق سلمية وبقوة العدد، والصحوة العربية فتحت إمكانيات جديدة ؛ كما أن الرهانات عديدة والتحولات عميقة.

ويرى الكاتب أن التحرر المزدوج للعقول والمجتمعات هو أولى الأولويات،  حتى لا تقع  الشعوب في اغتراب الذات أو تقع تحت أي استعمار من نوع جديد سيهدم آمال الملايين من النساء والرجال؛ فهو يطالب المجتمعات المدنية إلى الانخراط في النقاشات الحقيقية المرتبطة بالمشاركة السياسية والاقتصادية وتجاوز صراعات « الإسلاميين » والعلمانيين » حوا مواد دستورية أو حول بنية الدولة ؛ لأن هذا النوع من الجدال أو الصراع ليس حلا للتحديات التي تواجهها المجتمعات العربية و المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة، ولا بد من أن يقوم الطرفان بالنقد الذاتي.

إن المفكر طارق  رمضان يدعو من خلال كتابه، إلى ثورات فكرية عميقة تؤدي إلى تحولات اقتصادية مع تحرر روحي وديني وثقافي؛ كما يدعو الشباب إلى تعبئة حقيقية من أجل التربية الشعبية ، وتحقيق العدالة الاجتماعية ومحاربة الرشوة واحترام حقوق النساء …من أجل ديمقراطية حقيقة للمجتمعات، مع إعادة النظر في النظام الاقتصادي العالمي.

فأمريكا وأوروبا ومعها كذاك الصين وروسيا تنظر إلى منطقة الشرق الأوسط كأسواق ستحقق من خلالها شركاتها فوائد وأرباح طائلة، وهذه النظرة ليست بجديدة، لكن بالنسبة لطارق رمضان ، فإنّ الدور الجديد لصندوق النقد الدولي و للبنك العالمي في فترة « ما بعد الثورات » هو التّأسيس لبُنية جديدة تكرس التّبعية الإيديولوجية و الاقتصادية وتبقيها متخفية تحت غطاء  » الحرية و الديمقراطية ».

ويشير رمضان إلى خطاب الرئيس الأمريكي أوباما خلال شهر ماي 2011 الذي خصص نصفه إلى البعد الاقتصادي و الدعم الأمريكي للتحول الديمقراطي في دول المنطقة عبر مؤسسات « بروتون وودس »؛ أي  دعم مالي للدول العربية و مراقبتها وبالتالي خلق تبعية عبر الديون.

وأخيرا، يدعو طارق رمضان الأفارقة والعرب والمسلمين إلى فهم أفضل لتاريخهم، و تقاليدهم و قيمهم؛ فبالنسبة له ، آن الأوان لتدقيق الأولويات و تحديد الغايات البشرية والإنسانية والأخلاقية؛ فالتاريخ ، ينتظر من العرب والمجتمعات ذات الأغلبية المسلمة إلى أن تكون في الموعد وأن تتعامل مع كل التحديات الناتجة عن تعقيد العالم: الحكامة والعدالة الاقتصادية، التعددية و حقوق النساء، رفض الرشوة و محاربة الفقر، قبول العالمية و الدفاع عن الخصوصية.

إنها العودة إلى الذات.

زكرياء سحنون

3 تعليقات

  1. i thank our teacher Mr. tariq ramadan , really its verry good articl and i think its verry good book, but we have their a big question , why USA give a big help to libie and tunisie and … .and but like Syria nothing about this help why !!!! i dont know ^^ is a big question ( sorry about bad engilsh ) thank you .

  2. il faut savoir que la vie est comme une équation a plusieurs variables que les USA et ses alliées veulent la contrôlée or dans une équations il y a toujours une variable aléatoire que seul le tous puissant Allah le miséricordieux peut la contrôlée….et étant musulman, ce qui m intrigue le plus ce n est pas leurs force machiavélique, mais nos faiblisses, pas matériels, c est plutôt la volonté constructive qui ne manque et pour moi la grande responsabilité est sur le dos de nos oulémas….ils se disputent tout le temps a travers leurs fatwas …..voir sur Youtub…on est en 2013 ce que vous dites au pole nord en l entend au pole sud en lapse du temps …surveiller vos propos …..pour moi l objectif majeur des oulémas est d aider les musulmans a s’unir comme un seul corps ou chaque membres s’occupe de l autre tout en restant a sa place avec ses différances…………

Répondre à VIvra palestine إلغاء الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا