عن الحب والحياة

عن الحياة والحب*
« من يعش يعانِ » مقولة قالها شوبنهاور ونيتشه وهما ممن خَبُر تعاليم البوذية. أما القديس أغسطينوس فقد أكد على أنه « من يعش يحب »، مستلهما بذلك تعاليم المسيحية والأديان التوحيدية، في حين أن القياس المنطقي لأرسطو يقطع بأنه إذا كانت الحياة تعني المعاناة، وإذا كان الحياة تعني الحب، فإن الحب إذن هو المعاناة.
هناك أيضاً حقيقة عامة أخرى لا يمكن أن نتهرب منها حتى ولو كنا على سطح أقصى جزيرة على سطح الأرض: إذا ذهب الحب هناك معنا، تبعتنا المعاناة إلى هناك أيضاً. ومما لاشك فيه أن أكثر خلجات القلب جمالاً يعتريها جانب مظلم كئيب، بل ومؤلم كذلك. فكون المرء واضح الفكر والمنطق، ولديه القدرة على تنمية ذاكرته شيء رائع، غير أنه من الصواب أيضاً أن نقول أن الأشياء التي ننساها، وحالات الفراغ والنسيان الذهني التي نتعرض لها، والأشياء التي لا ندركها تعتبر صوراً من صور الحماية لنا؛ ولا يوجد طريق أخرى سواها لتحمّل تكاليف الدهر وتبعات الإنسانية.
إذا لم يفقد الإنسان عقله، فإن فقدان الذاكرة يعد أحياناً شيئاً مفيداً للإنسان. فعندما ننظر إلى عيون مَن نحبهم رجالا ونساء، وعندما نلقي نظرة إلى آبائنا أو أطفالنا أو أصدقائنا، نتساءل حينها كيف يمكننا أن نتحمل حقيقة الحياة دون معاناة: يوماً ما سيتحتم علينا أن نفترق أو نغادر وربما تحدث حالة طلاق أو نذهب إلى المنفى أو نتبرأ من بعضنا البعض. وفي نهاية الأمر، لا ريب أننا سنموت.
على أية حال، إننا نعيش بين السماء والأرض، وصدقت مقولة مورسولت (Meursault) بطل رواية (The Outsider) للروائي ألبير كامو: « ليس هناك مفر ». ومن ثم ينبغي علينا أن « نغير من أنفسنا » بالمعنى الذي أراده باسكال حين قال: انس، فكر في شيء آخر أو دع التفكير. فهذا هو أحكم وأذكى نهج يسلكه الإنسان.
يقول يوليوس قيصر في مسرحية شكسبير التي عرفت باسمه مخبراً عن كاسيوس أنه: « يفكر أكثر مما ينبغي »، ويضيف قيصر أنه يفضل أن يتخذ في بطانته الرجال السمان، ناعمي البال، الذين ينامون الليل. ويقول هيليكون، مستشار الامبراطور الروماني كاليغولا في رواية كامو: « أنت تعلم علم اليقين أنني لا أفكر أبداً وأنني من الذكاء بمكان لأنأى بنفسي عن ذلك ». إن البديل هو أن تحب لكيلا تفكر. الحب هو المعاناة … والحب هو النسيان. هيكات، إلاهة الظلام والسحر عند اليونانيين، لها وجهان حيث تجسد القمر ليلاً، والشمس نهاراً. إن تناقضات الحياة أمر لا مناص منه.
قد نستخدم أحيانا نفس الكلمات، غير أننا لا نعني نفس الأشياء. فالممر أو الطريق (طاو) الذي يؤدي إلى التنوير وإعادة إحياء الأجيال في الطاوية يسمح لنا أن نصل إلى مرتبة أعلى من الإنجاز من خلال العمل على النفس وعلى كيان الشخص ككل. إننا نقف على مسافة بعيدة من الازدواجية اليونانية والتصنيفات الغربية. تعلمنا الطاوية كيف نستخدم التحكم بالنفس، والتنفس، والجنس لإعادة اكتشاف الطاقة الكونية داخل أجسادنا والتي تعد جوهر الكل لكي ننصهر ونصبح شيئا واحداً معها. لا توجد حواجز بين ما هو مدنس وما هو مقدس، فإن الحب لا يعني النسيان، وإنما معناه أن يتخطى الإنسان الأمور الطارئة، وأن يبحث عن الخلود، ومن ثم يسمو على المعاناة المرتبطة بالموت. وتعطي التأثيرات المبكرة والمتأخرة للبوذية لهذه التعاليم الطاوية العديد من ظلال المعاني المختلفة، معتمدة على إمكانية قبولنا أو رفضنا لمفهوم البعث (سامسارا) وحرية النيرفانا (السعادة المطلقة). وعلى الرغم من تنوعها؛ إلا إن الشيء الوحيد المشترك بين هذه التقاليد هو رفضها للازدواجية.
إن المراحل والدرجات التي تؤدي إلى السمو من الجسد إلى العقل- من التحرر والتحلية والتخلية- تجسد جملة طريق التصوف؛ كما أن الطاقة التي نحتاجها والمقصد الذي نسعى من أجله هو حبٌ تحرَر من جميع أنواع التبعية الغريزية والعاطفية وانصهر مع الطاقة الحيوية في منظومة الكون، فكل شيء يمكن أن يصبح جزءاً من نفس الدافع، ومن نفس الإلهام: فالطعام والتنفس والعناية بأجسادنا وحياتنا الروحية هي أعمال صوفية مقدسة تمكننا من أن نصل إلى الحقيقة المطلقة وأن نسمو بالنفس من خلال الحب والشفقة.
إنه الحب الذي حجب وقيد، أو الحب الذي نعيشه هو ما يجعلنا نعاني أو يجعلنا ننسى أو يغيرنا للحظات. إنه ذلك الحب الذي « يتجسد » بدون عقل، أو « يتحول إلى مشاعر » وبدون روح. إنه حب « طبيعي » غير أنه حب ناقص ومكبل؛ ويجب علينا أن نتعرف على الطريق المستقيم، وهو ما يتطلب منا وقتاً وجهداً، ويقودنا من الجسد إلى التنفس، ومن التنفس إلى الروح، ومن الروح إلى الكل.
إن الازدواجية تعد شركاً، كما أن الفردية تعد سجناً. إن معاناتنا تزداد حتماً إذا وقعنا في شرك أو كنا في سجن. وبالعودة مرة أخرى للحديث عن التصنيفات التي تحدثنا عنها من قبل، يمكننا القول أنه يجب علينا أن نضع فاصلاً بين عاطفة الحب التي نعيشها (وقد تتمكن منا) وروحانية الحب التي نتقنها، والتي نختارها، وتتيح لنا أن نسمو بأنفسنا لنحقق الرفاهية المنشودة.
يُقال أن حب الروحانية هو صورة أكثر صفاءً من التصوف، فالبعض مثل جوانغ زي، والذي كان واحداً من أساتذة الطاوية، تبنى فكرة أنه يجب علينا أن « نفرغ أنفسنا » وأن نحرر أنفسنا من النوايا ومن اللغة، في الوقت الذي تبنى فيه آخرون وجهة نظر مغايرة (كما هو الحال في بعض تعاليم الكونفشوسية) والذين أكدوا على أهمية السعي وراء « الكمال » دون إنكار نوايانا. وعلى النقيض، ترى المجموعة الأخيرة أنه ينبغي لنا أن نوجه أنفسنا، وذلك بتطويرها من خلال التدريب والسلوك والأفعال التي يمكن أن تحقق لنا السمو والتحرر.
وعندما يقول القديس أغسطينوس: « تمتع بالحب وافعل ما يحلو لك » فإنه لا يفكر في تعاليم أحد تيارات الطاوية والتي تنادي، كما فعل جوانغ زي، بإعادة اكتشاف الطريق، والنور الطبيعي، وغياب الإرادة، وترك أو « ملء الفراغ ». إن الكلمات تتشابه غير أن المتطلبات والنهايات تختلف تماماً. ولذا يتحتم علينا أن نجاهد أنفسنا، واضعين نصب أعيننا أن التحكم في النفس والسمو بها هي بالتأكيد أشياء في غاية الأهمية؛ ولكن بالرغم من إيمان القديس أغسطينوس بازدواجية الكائن والأخلاق؛ إلا أنه يشير إلى الأخلاق المسيحية التي ترى أن: التمتع بحب المسيح عيسى يعني التحرر من الخطيئة والتغلب على جسمانيتنا الطبيعية حتى نسمو بأرواحنا في نقائها وقربها من السماء. إن هذا النوع من الحب يتطلب منا قدرةً وجهداً كبيراً ويصل بنا إلى مرتبة عالية، لأنه لا ينكر أيا من الصفات البشرية: فالجسد وغرائزه وإغوائاته كلها نتاج الخطيئة الأصلية. وإذا تمتعنا بوضوح التفكير والمنطق منذ البداية، فإنه يمكننا أن نكون أحراراً « نفعل ما يحلو لنا » في حب المسيح وحب الله. وتتشابه العقائد اليهودية والإسلامية في تعاليمها عن الحب. فهما مخالفتان للمسيحية في عقيدة الخطيئة والخلاص عبر المسيح، إلا أن تعاليمهم الأساسية واحدة: فالحب عامل لا يمكن الاستغناء عنه في العلاقة مع الله الواحد، وكذلك التعليم وبذل الجهد والانضباط الذاتي مطلوب لتحويل هذا الحب، وإضفاء لمسة روحانية عليه، وللتمتع بالقرب من السماء.
« الحب هو المفتاح »، هكذا قال الشاعر الشاب رامبو، والذي اختار في نهاية المطاف أن يعيش في المنفى وحيداً. أما الشاعر نرفال، والذي كتب الشعر في نفس القرن التاسع عشر، فقد كان خائفا من أن يكون قد اختار الحب الخطأ (حب المخلوقة أوريلا بدلاً من حب الخالق)، وقد انتهت حياته في نهاية المطاف بالانتحار.
إن أدبيات العالم مليئة بهذه الآمال والتناقضات والآلام، وهي في واقع الأمر مصدر ديمومتها وثرائها. فقد استخدم شكسبير الدراما كي يعبر عن حقيقة ما يعنيه أن تكون بشراً. فجوليت هي المثال النموذجي للحب والسعادة التي تسبب لنا الألم. وقد حملها الحب على أن تدرك أن روميو هو الرجل الذي تحبه والعدو في الوقت ذاته: ومن ثم فإن حبها مستحيل. ثم تكشف طريقة شكسبير السر: « إن الحب دخان يتجمع من حر الزفرات، فإذا تقشع وصفا، برقت به عيون العاشقين، وإذا كثف استحال بحراً وكانت دموع العاشقين للبحر مداداً ».
أما هاملت المعذب، فإنه يضحك ويبكي وهو يحاول أن يجد إجابة للسؤال الذي يؤلمه: « أكون أو لا أكون » في نظر حبيبته أوفيليا، والتي تسبب موتها غرقاً في إعادته إلى قضيته الوجودية: إن غياب الحب هو، على نحو عجيب، دعوة للانتحار. ويبدو أن التوتر والتناقض والألم والموت تمثل غذاء الحب كما أنها أيضا تمثل ملحه.
وتسعى جميع الروحانيات والأديان إلى تحقيق التناسق والتناغم وإلى التغلب على التوتر الغريزي والأساسي بداخل الإنسان: إنه التوتر بين الحب والمعاناة. هذا التوتر هو طريق آخر للتعبير عن الأمل في أننا سنجد الحرية التي تقبع وراء التبعية. فجميع الروحانيات والأديان تعلمنا الشيء ذاته: إذا كنا نسعى وراء الثقة بالنفس والرفاهية التي تكمن في نهاية الطريق الذي يقطعه المريدون؛ فيتعين علينا أن نبدأ بتعلم الاهتمام بأنفسنا. وإذا كانت المشاعر التي نحسّ بها على الفور في قلوبنا تجعل الحب يبدو بسيطاً وواضحاً، إلا أنه ينبغي لنا التمهل في دراسة هذا الحب وهذه القلوب. يجب علينا أن نتعلم أن نحب وأن نتزود بأشكال هذا « المفتاح » … والأبواب التي يناسبها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*تم نشر المقالة الأصلية بتاريخ ٢٩ سبتمبر ٢٠١٠ باللغة الإنجليزية
http://tariqramadan.com/english/2010/09/29/of-live-and-love/

2 تعليقات

  1. لا يستحق الثناء والحب حقا إلا الله ولكنها درجة عالية نسأل الله حقا أن يهبنا إياها بفضله وكرمه وجوده.
    ومن شعر الاستاذ عبدالمحمود نور الدائم وهو من كبار العارفين الصوفية ، هو الشيخ العارف الأستاذ عبد المحمود بن الشيخ نور الدائم بن القطب الشيخ أحمد الطيب بن البشير. ولد بجزيرة أم طريفي بولد رملي في سنة 1261هـ، وكانت وفاته سنة 1333هـ. وقبره بطابت المحمود.
    يقول……

    وسحَّ دمع اشتياقٍ من مآقيكا
    كئيب قلبٍ حزيناً من مساويكا
    عبداً ذليلاً بريئاً من دعاويكا
    يوم التلاقِ إذِ المولى يلاقيكا
    في مهمه الفرِّ عمن كان يلهيكا
    وساوس في جحيم البعد تلقيكا
    ذاك الحِمَى علَّ ما تهوى يوافيكا
    تميلُ حباً إليه من تأبِّيكا
    قاسيتَها فبروقُ الوصل توميكا
    تفشي لسرٍّ خفيٍّ قد طُوي فيكا
    ـسُّهاد كحِّل عيوناً في مراقيكا
    معارفاً بحيا الإيمان تُحييكا
    واجر المدامع شوقاً في تناجيكا
    في السير هذا وإن كلّت مساعيكا
    فيه ارتقاءٌ إلى العلياءِ يُرْقيكا
    تقفْ مع النفس فالشيطانُ يُغويكا
    فجندها عن قريبٍ وهو يَسبيكا
    من الأمور وفي الدارين يُرديكا
    قال المشائخ عنها دع تعاميكا
    ريبٍ إلى الغاية القصوى يراعيكا
    مراقباً بجميلٍ من معانيكا
    ولم يكن غيره لله يُدنيكا
    عسى الإله من الأنوار يكسوكا
    ـمولى نهاراً وأيضاً في لياليكا
    ممن عن الحضرة الغرّا يؤنِّيكا
    بين البرية بالنقصان تخزيكا
    وازهد فمولى الورى بالزهد يَكفيكا
    ضاق الخِناقُ فإن الله يعطيكا
    ترى مرادك إلا منه يأتيكا
    عن الصواب ونهج الحق يعميكا
    ولا الذي عن شُهود الحقِّ يُقصيكا
    من الورى سيّما هذا مُرَبِّيكا
    شرّاً إذا فُشِيَتْ بالهم يضنيكا
    بالصفح عمّن بسهم البغض يرميكا
    واحذر من اليأس إن اليأس يُشقيكا
    دنيا وأخرى به تلقى أمانيكا
    يضوع نشرُ علومِ الغيبِ من فيكا
    تنفكَّ عنها سهام الحقِّ تُتويكا
    إلا تقياً على البيضا يؤاخيكا
    بشير سعدك للعَليا يُناديكا
    سئامةً من قبيل النفسِ تأتيكا
    خيامها بزفيرٍ معه يشجيكا
    وبرقُ ذاك الحِمى بالبِشر يُبديكا
    ونشرها بلسانِ الحال داعيكا
    إلا بكدٍّ وجدٍّ في مساعيكا
    سهرٍ كذاك اعتزالٍ عن مفانيكا
    من كاد إن نظرته العين يبكيكا
    صفيِّ قلب بعينالودِّ رائيكا
    لله بالله كي تسمو مراميكا
    ولا تصرَّ على ذنبٍ فيطغيكا
    ولا يتيمٍ ولا من ردَّ أيديكا
    حرٌّ وساحةُ من يقبله تكفيكا
    الله يعلم ما تُبدي وخافيكا
    تظفر بشيءٍ وهذا الموت آتيكا
    في منهج القوم إلا أن تُرى فيكا
    إخلاص قلبٍ عن الأهواء يُنجيكا
    فُتوَّةٌ فطنةٌ خلقٌ تُحليكا
    فلم تجد في غدٍ إلا أياديكا
    أضحى بأسبابه جهلاً يعاديكا
    من كَفِّ أيدي حضور قد ثوى فيكا
    ثـمارَ علم بـها يلتذُّ ناديكا
    بالصبر راداً لشطح الحال من فيكا
    عُجْبٍ يقودك من أعلى نواصيكا
    والكبر من بعد حسن الوصف يُشنيكا
    فابعد لئلا بهذا الداء يُعديكا
    إلا فتىً قد فنى في الله باريكا
    غوث الورى وحِمىً إن قلَّ حاميكا
    منازلاً دونها الجوزاءُ هاتيكا
    فاهوى بقلبٍ عسى تُمحى دياجيكا
    علمٍ عن الغير في الإدلاج يُغنيكا
    يكاد كشفاً بسر الغيب ينبيكا
    بصيرةٌ نورها بادٍ وناهيكا
    على كمالٍ وصدقٍ في معانيكا
    عمن له كنت تهوى من أمانيكا
    فإنه بِدَوَا الإرشاد يشفيكا
    كلاّ ولا فاعلاً ما عنه ناهيكا
    عزاً ومجداً وفخراً مع تحلِّيكا
    قالت مفاخرةً منذا يضاهيكا
    سرِّ النبيين من ذكراه ترضيكا
    قف في الدجوج بباب الله باريكا

    قف بالدجوجِ بباب الله باريكا
    ومرِّغ الخدَّ في الأعتابِ منكسراً
    واخلع ثياب الريا والعُجبِ عنك وكن
    ولا تُطع غافلاً تُرديك حالتُهُ
    وعيسَ سيرك فازجرها على هِممٍ
    وانسخ من القلب ما تلقيه نفسُك من
    وارم الفيافي وُلوعاً بالمسير إلى
    واقهر بعزمكَ في كلِّ الصِّعاب لما
    قاسِ الشدايد في هذا الطريق فإن
    وجل بفكرك في ميدان سيرك لا
    عذِّب حشاك بنيران الغرام وبالـ
    ودُم على الحب في الأحيان مغتنماً
    وناجِ ربك في الأسحارِ مجتهداً
    ولا تَحُلَّ وثيق العهد من ضجرٍ
    ومتع النفس في حب الإله بما
    واطرح مرادك إن رمت المراد ولا
    والنفسُ إن لم تكن بالجِدِّ تملكها
    أمارةٌ بسوى مافيه منفعةٌ
    أعدى عدوِّك قال المصطفى ولذا
    وراع في سيرك الشيطان وهو بلا
    واجعل ضميرك بالخيرات متصلاً
    شمِّر على الورد في الأوقات مع طرب
    واكسُ الفؤاد من الأذكار ثوب رضى
    وفرغ القلب من كل الشواغل بالـ
    واصرم جميع الذي قد كنت تألفُه
    دع لذةً بسهام المقت ضاربةً
    واغمض عيونك عن دنيا تَلَذُّ بها
    ومُدَّ أيدي اضطرارٍ في الدياجي إذا
    واغلق سوى باب مولاك الكريم ولا
    لا تأكلنْ مأكلاً قالوا بحرمته
    لا تكتسبْ الدُّنا شيئاً يُعيبُ غداً
    وراع كل امرءٍ بالفضل متصفٍ
    وللعداوة لا تفشي فإن لها
    ولا تُحِلُّ ذرا المجد الرفيع سوى
    لا تسأمن من دعاء الخيرِ آوِنَةً
    ولذة الغمض دعها إن تُرد شرفاً
    وجُد بروحك في هذا الطريق عسى
    وواظب العزم واعمل بالشريعةِ لا
    ولا تؤاخِ امرؤاً في الناس قاطبة
    وردِّ نفسك بالصبر الجميل عسى
    وكن ولوعاً بهذا السير مُجتنباً
    وصِلْ حنيناً إذا الأظلامُ قد ضربت
    كيف التأنِّي وسحب الخير هاطلةٌ
    كيف المنام وكأس الشرب دائرةٌ
    لا تبلغَنَّ لقصدٍ أنت آملُهُ
    مع جوع نفسٍ وصمتٍ دائمٍ وكذا
    لم يقض مأربه في ذا الطريق سوى
    سقيمِ عشقٍ بنار الشوقِ محترقٍ
    أيا أخا الود شمِّر في الطريق وكن
    وانـزع بتوب نصوحٍ كل معصية
    لا تقبضنَّ يداً من سائل أبداً
    والبخل خلقٌ ذميم ليس يقبله
    بأذية الخلق لا تشغل لسانك إنّ
    والعمرُ أطيبه قد فات منك ولم
    وحقِّ عيشٍ تقضَّى لم تكُن بطلاً
    عفافةٌ رقّةٌ صدقٌ ومعرفةٌ
    زهادةٌ أدبٌ ذكرٌ ومكرمةٌ
    ولا يؤودك إحسانٌ تفيض به
    ولا يصدنك عن ذكر المهيمن من
    واشرب به هايماً كأساً معتقةً
    واجنى بأنْمَلِهِ من روضِ حضرتِهِ
    والشربُ إن دبَّ في الأحشاء كن رجلاً
    واحذر إذا ما بدا كشفٌ لقلبك من
    فالعجبُ يسلبُ ما في النفسِ من نِعَمٍ
    وإن رأيت على الأقوام معترضاً
    هذا طريقٌ غريب ليس يدركه
    صدِّق بأحوال أرباب الطريق فهم
    لله درهمُ من فتيةٍ بلغت
    أذكرهمو زرهمو أصحبهمو ولهم
    ومنهم اصحب خبيراً في الطريق على
    صفا له الوقت والتذت به مُهَجٌ
    كأنه كخلوقٍ خُلقُهُ وله
    واخدمه إن رمت وصلاً واعْتِلا قدمٍ
    ولا تردَّ له قولاً تُرَدُّ به
    واظهر له كل عيبٍ فيك منكتمٍ
    ولا تكن فاشياً أسراره أبداً
    واكثر من الأدب المشهور معه تنل
    وصل ربي على من في الأنام له
    محمد العربي المصطفى قِدَمَاً
    وآله الغرِّ والأصحاب ما تليت
    وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

  2. إن الحب دخان يتجمع من حر الزفرات، فإذا تقشع وصفا، برقت به عيون العاشقين، وإذا كثف استحال بحراً وكانت دموع العاشقين للبحر مداداً.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا