حوار حول المساواة والإرث ومسألة الإجهاض

أجرى الأستاذ طارق رمضان حوارا على هامش الندوة حول الشباب في جامعة مانديابوليس في المغرب. وهذا هو نص الحوار:

هل يتيح النص الديني المساواة بين الرجال والنساء كما هو متعارف عليه كونيا؟

طارق رمضان: إن قراءة النصوص الدينية بهامش التأويل الذي نملكه يمكن أن تؤدي بنا إلى قراءة تعظم شأن المساواة. وقد تطرقت إلى هذه القضية في كتاب الإصلاح الجذري. نحن متساوون أمام الله، ومتكاملون في المجتمع. هذا ما تعلمته من علمائي وما كنت أسمعه في الحلقات العلمية التي تكونت فيها عندما كنت في مصر. لقد وصلت إلى نتيجة أن التكاملية يمكن أن تعني كل شيء. فعندما تكلم أبو حامد الغزالي عن العلاقة بين الرجل والمرأة، كان يتكلم عن علاقة شبيهة بتلك التي تجمع بين السيد وعبده. فهما بالتأكيد متكاملان، فلا وجود لسيد في غياب عبده، ولا وجود لعبد دون سيده. وبالتالي يجب إعادة النظر في هذه المسألة.

أعتقد أن المشكل يتعلق بعاملين أساسيين. العامل الأول يتجلى في التفسيرات القرآنية الذكورية، المرتبطة بالمجتمعات التي تسود فيها سلطة الرجل. هذا العامل له تأثير واضح على قراءة النصوص، وأظن أن القراءة النسائية ستكون مغايرة تماما. كما أعتقد أن طبيعة الخطاب حول المرأة أدى بشكل عام إلى استنباط خطاب يهتم بالمرأة كأم أو كزوجة أو كبنت ولم يؤد إلى صياغة خطاب يهتم بالمرأة كامرأة. لا أدري لماذا صغنا خطابا حول الرجل كرجل، ولم نقم بالأمر نفسه بالنسبة للمرأة.

لهذا السبب، أرفض، أثناء حديثي عن قضية النوع، التطرق إلى قضية المرأة فقط. إنها قضية المرأة والرجل. فإحدى المشاكل الرئيسية المعاصرة هي قضية الذكورية في علاقتها مع النصوص الدينية.

إذن هناك مكان لهذه المساواة، لكن الأمر يتطلب عملا حقيقيا ينبني على تقويم قرائتنا للنصوص وإعادة النظر في مواقفنا. يجب كذلك أن نفرق بين النص في إطاره التاريخي، وبين حرفيته وبين الإسقاط الثقافي على النصوص.

وماذا عن المساواة في الإرث؟

طارق رمضان: يعتبر العلماء النصوص حول الإرث نصوصا قطعية، يعني أن هذه النصوص تبقى غير مفتوحة على التأويل. لكن المشكل يكمن في كون بعض العلماء يعتبرون أن النص قطعي في تطبيقه بحكم أنه قطعي في لفظه. على سبيل المثال، فالنص حول قطع يد السارق كان نصا قطعيا، لكن بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام، تم تعليق العمل بهذه الأحكام. لأن تطبيق النص بحرفيته كان في سياق لا يسمح بذلك، ولا يستجيب لمقاصد الشريعة، كمقصد العدل في هذه الحالة. بالنسبة لمسألة الإرث، لا أحد يمكن أن ينكر وجود النص. إن مسألة النصف في الإرث للأنثى التي نجدها فقط  بالنسبة للنسب المباشر، كانت فلسفة أسرية قائمة على زيادة التكليف بالنسبة للرجل وإسداء حقوق خاصة بالنسسة للمرأة. فإذا كان يملك الرجل الضعف، فلأنه من واجبه أن يلبي حاجيات الأسرة بأكملها. لكن حاليا، نحن في وضعية لا تحترم فيها المجتمعات هذا المنطق. فهناك رجال لا يكتفون فقط بالضعف، بل لا يتحملون أعباء باقي الأسرة. إزاء هذه الوضعية، من اللازم أن نتسائل عن مدى وفائنا لمقاصد الشريعة. فعوض أن نقوم بتطبيق هذا الحق الفردي المقيد، يجب أن نطبق الشريعة الإسلامية على مستوى الجماعة. فإما أن تتدخل الدولة في هذا الشأن وتتحمل مسؤولياتها؛ ففي حالة الإرث مثلا، يجب أن تعمل على استرداد حقوق المرأة حتى تضمن استقلاليتها المادية. وإما يجب أن نعيد النظر في تطبيق هذه الأمور حتى نقوم بإصلاح الإطار العام للأسرة. أما التطبيق الحرفي للنص فهو يؤدي إلى بعض الحالات ينتفي فيها العدل، وهذا ما يتناقض مع جوهر وخطاب النص. رغم ذلك،  فلا يجب أن نتجاهل هذه النصوص، فهي أساسية وتحملنا معا المسؤولية الاجتماعية  فيما يتعلق بتدبير الأسرة والدفاع عن وضعية المرأة وحث الرجال على الالتزام بواجباتهم. وإلا نكون قد خنا الإسلام باللعب على التطبيق الحرفي للنصوص وتجاهل الفسلفة العامة للنصوص عندما يكون هذا الأمر في صالحنا.

في سياق الجدل الوطني، ما هو موقفكم من الإجهاض؟

أعلم أن التشريع الوطني (المغربي) يحرم الإجهاض، لكن موقفي صراحة، ومن وجهة نظر إسلامية، هو أنني أعارض كل قانون يحرم الإجهاض مطلقا. في الشريعة الإسلامية، هناك بالتأكيد معارضة لمبدأ الإجهاض،لكن هناك حالة وحيدة تفتح الباب على النقاش وهي عندما تكون حياة الأم في خطر. إذن ليس هناك تحريم مطلق للإجهاض في الشريعة الإسلامية. لماذا؟ لأن الأمر يتعلق بدراسة كل حالة على حدة. من هذا المنطلق، هناك دراسة لحالة المرأة وما حدث لها في هذا الصدد.

إن التستر وراء ستار التحريم، سينتهي بنا إلى الكذب والنفاق أثناء حدوث الإجهاض، فهناك حالات عديدة في هذا البلد تتم في هذا الإطار من الكذب و النفاق.

كما أن الاعتراف بالحق الإسلامي للمرأة في الإجهاض لا يمكن أن ينكره أي عالم. نحن هنا بعيدون عن النقاش بين العلماء السعوديين والآخرين الذين يقرون بحق المرأة المغتصبة في الإجهاض، وبحق المرأة التي يعاني جنينها من تشوهات خلقية، لقد وصل النقاش إلى جميع المذاهب، ويجب تذكير المغرب من خلال مذهبه المالكي أن هناك إمكانيات للانفتاح.

كما لا أتفق مع فكرة إعطاء الانطباع أننا ندافع عن الدين من خلال التحريم، فلا يمكن أن ندافع عن الدين بالتحريم… فالدفاع عن الدين يجب أن يستجيب لواجب الاتساق وبدون نفاق. وكوني لا أتبع التشريع المغربي في هذه المسألة، ليس لأني غربي، ولكني أحاول أن أدافع عن فكرتي من داخل المرجعية الإسلامية التي تقر في هذه الحالة، أن الأصل هو منع الإجهاض ولكن هناك بعض الحالات تجعل من التشريعات التي تمنع الإجهاض تشريعات تخالف مرونة التشريع الإسلامي إزاء هذه المسألة بالذات.

د.طارق رمضان

ترجمة صلاح شياظمي

2 تعليقات

  1. قد تبدو كبيرا في نظر البعض لكن ليس في نظري ايها الاستاذ الكريم تناقش وتفتي في مواضيع دون الاتيان او البرهان ولو بدليل شرعي او ديني او حديث شريف او نص قراني بل تتحدث بمصداقية وضعية تخضع لمنطق غوغائي تنفرد به الاقلية مقابل الغالبية ساعود الى ما خضت فيه بدءا بالمساواة بين الذكور و الاناث فالمساواة مكفولة من رب العالمين مصداقا لقوله تعالى  » ولقد كرمنا بني ادم » و النبي الكريم عليه ازكي الصلاة و التسليم افاد في حديثه الشريف  » امك ثم امك ثم امك ثم ابوك » و كذلك  » استوصوا بالنساء خيرا  » و  » الجنة تحت اقدام الامهات » بمعني ان المراة من الباب الانسانى و الحقوقي افضل منزلة ورفعة من الرجل يعنى ان الامر من هذا الجانب تجاوز المساواة الى حد تفضيل المراة عن الرجل اما مسالة الارت فلا جدال و لا خلاف فيها للذكر مثل حظ الانثيين وسادرس معك الموضوع اجتماعيا كما قصد ت لتدرك لغطك ففي المجتمعات الاسلامية هناك مبدا ان الرجال قوامون على النساء و اذا كنت تتحدث بصفتك مسلما راشدا عاقلا فهناك تفصيل في الامر بحيث ان كل مسلم تزوج من امراة لجمالها او عرضها او مالها اذله الله من هنا نستنبط ان في الارث دائما ما تكون المراة تحت وصاية رجل يعيلها اما الرجل فهو من يعيل و لان رب العالمين اجاز و استفرد العديد من النوازل و العوارض التي من شانها استحقاق الرجل لتلك النسبة بمعنى انه معيل يشتغل او في حالة عطل مريض فقير الى غيره الا انك السيد طارق قبل ان تتطرق الى المساةاة في الارث لما لم تتطرق لموضوع المتكفلين بهم في الاسلام و الذين احل الله لهم و صية تذهب الى حد تقديم الثلث لهم من الارث بما ان هذه النصوص حسب رايك قطعية حرفا ولكن تتغير لكن اعلمك بقاعدة فقهية لم يلقنها اياك اساتذتك الكرام  » هذا الدين صالح لكل زمان و مكان » و كذا قوله عز وجل  » انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون » بمعنى انه قطعي مصون من رب العالمين واولياءه الصالحين و من العالمين اجمعين اما ما يخص الاجهاض فهو محرم شرعا الافي حالة قوله تعالى »ولا ترموا بانفسكم الى التهلكه » ساشرح لك هذا لانه و للاسف فبوصلة عقلك ضيقة لادراك و استيعاب مثل هذه المقاصد بمعنى ان الدين وهو اساس العلم و تقدمه وفي القران و الحديث ما استغرب له العلم وركع له علماء لا يشق لهم غبارولتعد لدراسة الاعجاز العلمي في القران لتتلمذ من جديد فالحالة التي يباح فيها الاجهاض هو عندما تكون صحة الام مهددة بالخطر اي ما يمكن ان يتولد الى وفاة الام وهنا يجوز الاجهاض ام في غيره فهو حرام وقتل للارحام و لا يمكننا مداواة جراحما الاجتماعية بحلول اجرامية اى بدل اباحة الاجهاض و تقنينه يجب حث الامة على العفة وتخليق الحياة العامة واستدراك ما فات شعوبنا من التربية الدينية دون الخوض في جدالات عقيمة توسع الهوة بين الناس وتنشر الضغينة وتستشري فيها الفتنة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا