يوميات شهر رمضان (11-20)

اليوم 11 : الحسد
من بين المشاعر السلبية التي يجب أن نقاومها في دواخلنا نجد الحسد. بداية، يجب أن نعلم ونتذكر أن الله تعالى يهب ما يشاء لمن يشاء، وينزع ما يشاء ممن يشاء، وأنه تعالى فضل بعضنا على بعض في الرزق. من خلال هذا الفهم يمكن أن نتجاوز هذه المشاعر السلبية. قال عليه الصلاة والسلام :  » إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب »، إذن من واجبنا أن نقاوم الحسد عندما نتمنى زوال النعم عن أصحابها، لكن من الممكن مثلا أن نتنافس في الخيرات، كما جاء في قوله تعالى :  » وفي ذلك فليتنافس المتنافسون »، وهذا من التنافس الإيجابي. من ناحية أخرى، في آخر آية في القرآن هناك الحديث عن التعوذ من شر الحسد  » ومن شر حاسد إذا حسد ». إذن هناك عمل تربوي يجب القيام به لمقاومة هذه المشاعر السلبية.

في نهاية الحلقة، لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، والسلام عليكم ورحمة الله.

اليوم 12 : العقل

من المَلَكَات التي يجب أن ننتبه إليها جيدا نجد مَلَكَة العقل؛ لأنها عنصر حاسم وجوهري في تشكيل فهمنا للدين وللعالم ولانخراطنا في قضاياه، وإلا فإنها قد تجرنا إلى الاستعلاء وإلى الاعتقاد أننا نعلم كل شيء. للعقل حدود، و أول موقف عقلاني يجب أن نتخذه إزاء العقل هو الاعتراف بحدوده، يعني أنه لا يمكن استيعاب جميع أمور الحياة والخلق بالعقل وحده، ون القرآن الكريم يدعونا إلى الاعتراف بحدوده، في قوله تعالى :  » ألم، ذلك الكتاب لا ريب فيه، هدى للمتقين »، فالأحرف الثلاثة الأولى « ألم » لا نعلم معناها، كما هناك مقولة :  » للقلب دوافع يجهلها العقل »، يعني أن القلب له أسرارا، وله معرفة خاصة به، كما جاء في قوله تعالى : « لهم قلوب لا يفقهون بها »، وقوله كذلك : « فإنها لا تعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور »، وبالتعالي فإن العقل مدعو إلى التواضع الفكري، سواء على مستوى الشعور، أو الفكر، أو استيعاب نظام العالم، حتى لا ينجر إلى الاستعلاء الفكري. جاء كذلك في القرآن في حديث الله تعالى عن الملائكة قائلا :  » إني أعلم مالا تعلمون »، ليأتي جواب الملائكة : » سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا »، والعالم كذلك ينهي كلامه بصيغة « والله أعلم ». إذن من واجبنا مقاومة هذا الاستعلاء والاعتراف أننا لا نعلم كل شيء، وأن الله تعالى أعلى وأعلم؛ بالإضافة إلى وجود ملكات أخرى موجودة فينا قد تعلم وتدرك أكثر من ملكة العقل.

في نهاية الحلقة، لا تنسوا أبدا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، لأن الحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله.

اليوم 13 : الارتياب واليأس

في سلوكنا إلى الله تعالى يمكن أن نمر بفترات حرجة قد يتملكنا فيها الشعور بالشك والارتياب،غير أن هذا الشك قد يأخذ أشكالا عديدة، فهناك الشك في الله، عندما نشك هل لهذه الحياة معنى أم لا، كما أن هناك الشك في ذواتنا…إن الشك أمر طبيعي وبشري، لكن يجدر بنا أن أن نقاومه بالانفتاح على العالم والسعي إلى إيجاد أجوبة، كما حدث لسيدنا إبراهيم عليه السلام عندما قال : « وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى »، فجاء استفسار الله تعالى قائلا : « أو لم تومن، قال بلا ولكن ليطمأن قلبي »، إذن كان إبراهيم عليه السلام يسعى إلى تحقيق التوازن بين العقل والقلب… وفيما يخص الشك في النفس، فهو أمر طبيعي كذلك، ويجب أن ندرك أنه ليس هناك إنسان يحمل في نفسه الشر المطلق. قال تعالى : »
قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ».

في نهاية الحلقة، لا تنسوا أبدا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، لأن الحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله.

اليوم 14 : الكبر

سنواصل حديثنا عن المقاومة، لنتحدث هذا اليوم عن مقاومة الكبر. قال تعالى :  » فأبى واستكبر وكان من الكافرين »، وفي آية أخرى  » إنه لا يحب المستكبرين ». يجب أن نحارب هذا الكبر في تفاصيل حياتنا اليومية وفي طريقة تفكيرنا وفي نظرتنا للعالم، وحتى في صياغة الآراء الفقهية، فالعلماء كما جرت العادة يختمون آراءهم بصيغة « الله أعلم »، لأن الله تعالى هو الأعلى والأعلم، ولا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نمتلك الحقيقة المطلقة، بل إن سلوكنا الروحي يدعونا إلى الحياء والتواضع والوسطية.

في نهاية الحلقة، لا تنسوا أبدا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، لأن الحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله.

اليوم 15 : الدوغمائية

سنتحدث اليوم عن الدوغمائية التي تعد من الأمور التي يجب أن نقاومها على غرار الكبر والاستعلاء الفكري، و التي تتعلق بطريقة معينة في التفكير. الدوغمائية ليست هي الكبر أو الاستعلاء الذي يعني امتلاك الحقيقة وفرض نوع من السلطة على الآخرين، بل هي طريقة خاصة نتبناها في علاقتنا مع الحقيقة، تتعلق بالنظر إلى الأمور بشكل ثنائي وتبني الموقف الفكري التالي :  » أنا محق، إذن أنت خاطئ »، دون تفكير سليم ورزين ينظر إلى الأشياء ويحيط بجميع أبعادها المركبة، فننتهي بفرض هذا التصور على الآخرين، والحكم على الآخرين انطلاقا من هذه النظرة الضيقة دون نقاش أو أخذ ورد. نجد الدوغمائية في الفكر الديني كما نجدها حتى عند العقلانيين، إنها موجودة في كل مكان، وبالتالي يجب أن ننتبه جيدا إلى خطورة الدوغمائية. نجد في كتاب الله تعالى :  » فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب »، يعني أن النبي عليه الصلاة والسلام كان مدعوا لتبليغ الرسالة دون الحكم على الناس. من ناحية أخرى، نجد أن الشريعة فتحت الباب لتعددية الآراء واختلافها دون الاقتصار على رأي واحد كما جاء في معنى الحديث النبوي  » المجتهد إذا أصاب فله أجران، وإذا أخطأ فله أجر واحد ».

في نهاية الحلقة، لا تنسوا أبدا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، والسلام عليكم ورحمة الله.

اليوم 16 : النمطية

من بين المواضيع التي يجب أن نقف عندها والمتعلقة دائما بالمقاومة، نجد موضوع النمطية. غالبا ما نتحدث عن وحدة المسلمين ووحدة الأمة، وهذا أمر جيد، لكن يجب ألا نمزج بين وحدة الأمة وبين النمطية، فالوحدة تعكس بطبيعة الحال قيمنا ومبادئنا المشتركة، لكن ليس المقصود منها أن نفكر جميعا بنفس الطريقة، لأن وحدة الإيمان لا تعني النمطية في التفكير، كما أن الوحدة تعني القبول بالتعددية وباختلاف التأويلات. هذا التنوع نجده في الآية :  » يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا »، إذن هناك تنوع في إطار الوحدة الإنسانية؛ تنوع على مستوى الشعوب والأجناس والألوان. التنوع ضرورة حتمية لإيجاد نوع من التوازن، كما جاء في قوله تعالى :  » ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض » وفي آية أخرى :  » ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ». إذن كل من يبحث عن الوحدة من خلال تكريس النمطية فهو يخلق الانقسام، بل يحب أن نسعى إلى الوحدة من خلال تكريس التنوع والقبول بالتعددية.

شاهدوا ما يحدث الآن مع الأسف من انقسامات بين الشيعة والسنة. نحن لم نصل إلى مستوى القبول بالتنوع، الذي نجده حتى في مجال الفكر الإسلامي، فهناك النهج الحرفي النصوصي، وهناك النهج الإصلاحي، وهناك النهج العقلاني، وهكذا… إذن نحن مدعوون إلى القبول واستيعاب هذا التنوع، فالإنسانية واحدة، والتيارات والطرق متنوعة التي يجب أن تؤول كلها إلى تحقيق الكرامة البشرية :  » ولقد كرمنا بني آدم ».

في نهاية الحلقة، لا تنسوا أبدا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، والسلام عليكم ورحمة الله.

اليوم 17 : الظلم

سنواصل حديثنا عن المقاومة وسنتطرق اليوم إلى مقاومة الظلم. قال تعالى : « إن الله يأمر بالعدل »؛ والظلم هو عكس ما قاله عليه الصلاة والسلام : « … واعط لكل ذي حق حقه »، وبالتالي فالعدل هو اعتراف بحقوق جميع الناس ومقاومة مختلف أشكال الظلم، ومنها ظلم الإنسان لنفسه، قال تعالى على لسان آدم وحواء :  » ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين »، وهناك العدل بمفهومه الشامل؛ قال تعالى :  » يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما ».العدل أمر جدير بالأهمية في سلوكنا الإيماني ومقاومة جميع أشكال الظلم ضرورة حتمية.

في نهاية الحلقة، لا تنسوا أبدا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، والسلام عليكم ورحمة الله.

اليوم 18 : الفقر

الفقر قضية من القضايا الاجتماعية التي يجب أن نتصدى لها والتي نكاد نجدها في جميع المجتمعات المعاصرة، بل يجب الدعوة إلى جهاد ضد الفقر لمحاربة هذا الآفة من خلال الانخراط في مسلسل الإصلاح. منذ نزول الوحي، كان أمر الله تعالى إلى نبيه عليه الصلاة والسلام بالتأمل في أمرين أساسين : التأمل في آيات الله التي قد تخفى علينا، والتأمل في أحوال الأخفياء من عباد الله، وهم الفقراء. قال تعالى :  » كلا بل لا تكرمون اليتيم »، كما قال تعالى :  » وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ». إن تجربة الصيام تذكرنا بهذا الأمر، وتوقظ ضمائرنا من أجل استشعار أحوال الفقراء، والعمل من أجل محاربة الفقر، بطريقة نبيلة لا تشعر الفقراء بالدونية. قال تعالى :  » إنما نطعمكم لوجه الله، لا نريد منكم جزاء ولا شكورا »، إذن هناك نبل وسمو في التعاطي مع هذا الأمر، فوجه الله تعالى هو المبتغى في نهاية المطاف.

في نهاية الحلقة، لا تنسوا أبدا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، والسلام عليكم ورحمة الله.

اليوم 19 : العنصرية

سنواصل حديثنا عن المقاومة، وسيكون حديثنا اليوم عن العنصرية، التي ازدادت حدتها بسبب العولمة والهجرات التي تعرفها المجتمعات المعاصرة. العنصرية هي نبذ الآخرين ليس بسبب ما يقومون به من أعمال أو ما يفكرون فيه، بل بسبب هويتهم أو لونهم أو جذورهم الثقافية أو حتى معتقداتهم الدينية. فإذا استندنا إلى ما يقوله الإسلام في هذا الصدد، سنجد أن العنصرية مرفوضة تماما، كما أن الإسلام لم يقم أية تراتبية مبنية على اللون أو الثقافة أو أي معيار آخر؛ قال تعالى : « ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم »، إذن هنا الأفضل عند الله تعالى هو أتقانا، يعني أن الصفات القلبية والخلقية هي التي تخلف الفرق بين البشر عند الله تعالى. هناك أمر آخر يمكن أن نستنبطه من الآية الكريمة هو التنوع والتعددية التي تحكم حركة الإنسانية، وهو ما اقتضته الحكمة الإلهية؛ قال تعالى :  » ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين ». إذن كل أنواع العنصرية مرفوضة تماما وغير مقبولة، سواء تعلق الأمر بازدراء السود أو العرب أو الروم أو بمهاجمة الثقافات أو الأديان، كمعاداة الإسلام أو السامية أو المسيحية. فلا يمكن أن نقيم تراتبية عندما يتعلق الأمر بالعنصرية، فكل هذه الأشكال مرفوضة، لأن البشرية واحدة والتنوع إرادة وحكمة إلهية. إذن من واجبنا أن نحارب هذه العنصرية، فحتى داخل المجتمعات الإسلامية قد نجد العنصرية بين العرب والسود، و بين مختلف الانتماءات والتنظيمات القائمة؛ هذه الآفات لا تمت للإسلام بصلة، كما يجب أن نستوعب هذه الحكمة الإلهية التي تققضي تنوع الشعوب والأجناس والألوان.

في نهاية الحلقة، لا تنسوا أبدا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة والسلام عليكم ورحمة الله.

اليوم 20 : الاضطهاد

هناك بعض الحالات يجب أن نقاوم فيها، كأن نكون مثلا في حالة الاضطهاد، الذي قد يكون مصدره هو السلطة، أو المجتمع الذي قد يمنعك من التفكير والحركة والتعبير بكل حرية واستقلالية، وهذا أمر غير مقبول تماما، ويجب أن نقاومه على غرار ما جاء في حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام : » أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ». إذن الإسلام يقر بحق الإنسان في مقاومة الاضطهاد. قال صلى الله عليه وسلم:  » سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله » وذكر منهم « إمام عادل ». إذن من واجب المسلمين ليس فقط أن يكونوا بجنب المضطهدين والمظلومين،بل يجب كذلك أن يقاوموا المضطهدين كيفما كانوا، دون اعتبار للدين أو الوضعية الاجتماعية، على غرار الطبيب الذي يتعامل مع جميع المرضى على قدم المساواة. يجب أن يكون هدف هذه المقاومة هو الدفاع عن الحرية والحق في التعبير والحركة، كما يجب مقاومة كل منظومة فكرية تحول دون التعبير والتفكير بكل حرية، وتحاول أن تفرض نوعا من الإرهاب الفكري، ومقاومة كل من يحمي ويدافع عن الأنظمة الديكتاتورية.

في نهاية الحلقة، لا تنسوا أبدا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة والسلام عليكم ورحمة الله.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا