[اليوم الثالث والعشرون] هارون: التعاليم السيكولوجية والروحية

باسم الله الرحمان الرحيم. سنتوقف اليوم عند شخصية هارون، لنرى كيف كان يساند أخاه موسى عليه السلام، في مهمته التبليغية، بكل صدق وإخلاص وثقة.

قال تعالى :  » وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا ». وهكذا نرى أن موسى أوتي الكتاب من لدن الله تعالى، وجعل أخاه هارون مساعدا له في السراء والضراء، دون شعور بالحسد أو الغيرة، خلافا لما رأيناه في قصة قابيل وهابيل. وقد كان الدعم الذي يقوم به هارون لفائدة أخيه موسى عليه السلام يأخذ العديد من الأشكال؛ إذ كان بمثابة صوت موسى عليه السلام، بسبب ما كان يجده هذا الأخير من صعوبات في النطق والحديث. قال تعالى على لسان موسى عليه السلام :  »  وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَارُونَ ». وهكذا سيكون هارون بجنب أخيه موسى، لتبليغ الرسالة إلى قومه، ولمواجهة فرعون. ومن هذه الآية الكريمة، يمكن أن نستخلص أنه عندما تكون لدينا مهمة، فمن البدهي أن نرتكز على مؤهلاتنا، ولكن يجب كذلك إشراك الآخرين الذي يملكون طاقات أو مؤهلات لا نملكها، قد تيسر لنا سبل استكمال مهامنا بكل نجاح.

من جهة أخرى، عندما كان موسى سيستقبل الوحي أو الوصايا العشر، طلب من أخيه أن يخلفه في قومه. قال تعالى على لسان موسى عليه السلام :  »  وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ». هنا نرى أن موسى عليه السلام يطلب عون أخيه، ويطلب منه الإصلاح ويحذره من مغبة اتباع سبيل المفسدين، لأنه يدرك تماما كيف كان قومه متمردا. وهنا تتجلى التكاملية في الأدوار بين موسى عليه السلام وأخيه هارون. وسيرى هارون من قوم موسى العصيان والتمرد كما كان متوقعا. وقد حاول أن يسيطر على الأوضاع خصوصا عندما ظهر السامري وطلب من القوم أن يأخذوا لهم أصناما يعبدونها من دون الله، وعندما جاء موسى اشتد غضبه وعاتب أخاه هارون عتابا شديدا. قال تعالى على لسان هارون :  » قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي ۖ إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ». ونرى هنا في جواب هارون حرصه على الوحدة وتحذيره من الفرقة وهذا أمر بالغ الأهمية، كما بقي هارون وفيا لوصية أخيه.

لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم إنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا