« القيادة ونهضة الأمة » بقلم فاطمة الزهراء شرويط

عرف التاريخ الإسلامي نماذج رائعة من القادة المتميزين في مختلف المجالات، ساهموا في بناء الحضارة الإسلامية التي لا زلنا نفخر بها إلى الآن. قادة جمعوا بين العلم والإيمان، سخروا حياتهم من أجل الرقي بالأمة وازدهارها، تميزوا في الطب والهندسة والفلك والكيمياء ومختلف العلوم الأخرى، ورغم تخصصهم كانوا موسوعة متحركة، فكنا نتكلم عن الطبيب الفقيه، والفيلسوف المعماري، وعالم الفلك الرباني….أخرجوا الناس من ظلمات الجهل والضلال إلى نور العلم والإيمان.

هؤلاء القادة أنجبوا أجيالا مؤمنة حرصت على إتمام سلسلة البناء والتعمير والإصلاح في الأرض…

ومرت السنين، وتناست الأجيال الرسالة التي خلقت من أجلها وحادت عن المبادئ والقيم التي تربت عليها، وتقاعست عن طلب العلم، ففقدت بذلك الأمة عزتها وأمست ذليلة بين الأمم.

يطرح الدكتور طارق السويدان طرحا متميزا لإبراز أهمية القيادة ودورها في نهضة الأمة الإسلامية،  حيث يقول : « إن الأمة لن تستطيع أن تنهض دون أن تصنع جيلا قياديا يساهم بفعالية في إحيائها من جديد »
ويقول :  » إن الدول المتخلفة باستطاعتها أن تحتل مكانة متميزة بين الدول المتقدمة وذلك بتوفرها على قيادات ذات كفاءة وفكر، ويضرب مثالا بدولة ماليزيا التي استطاعت في غضون عشر سنوات أن تضع بصمتها بين دول العالم « .

الأمة التي  تبنى على قادة فاعلين مقنعين ومؤثرين، يحركون الناس نحو أهداف واضحة ويغرسون فيهم قيما عالية لا بد لها أن تتقدم؛ لأنها وبكل بساطة تتوفر على أفراد قادرين على تجاوز أزماتهم بحكمة وموضوعية.

ويضيف الدكتور طارق :  » إن القيادة لها تأثير هام على جميع المستويات وفي كل المجالات سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو غيرها « .

القيادة تعتبر اللبنة الأساسية لنهضة الأمة، لأنها تتحكم  في جميع المجالات التي تؤثر في تقدم الأمم وازدهارها، لهذا كان لا بد من العناية بها ودراستها لتحقيق التغيير الذي يطمح له أفرادها.

ويشير الدكتور طارق إلى :  » أن أزمة القيادة تتلخص في خمس مظاهر أساسية : الإبداع، الحرية، الفردية، الكفاءة والأخلاق « .، ويقول أن أهم مواصفات القائد الفعال هي : المصداقية، التوفر على رؤية واضحة، التحفيز والكفاءة.

كيف يكون المرء قائدا إن لم تكن له مصداقية؟ كيف يكسب ثقة الآخرين ومودتهم؟ أم كيف يستطيع أن يؤثر فيهم؟ والكفاءة تساهم مساهمة كبيرة في تحقيق هذه المصداقية.

أما ما يتعلق بالرؤية الواضحة، فدور القائد الأساسي هو تحريك الآخرين نحو الهدف، فان لم يكن له هدف واضح يسعى إليه، فإلى أين سيحرك الآخرين؟ والتحفيز مطلوب لضمان استمرارية العمل وتحقيق الانجاز.

ويختم الدكتور طارق كلامه بقوله » لا بد من إعداد منهجية واضحة للتدريب القيادي لجميع الفئات العمرية، واكتشاف الموهوبين وتدريبهم  »

وهي عملية لا بد منها حتى نساهم في إنشاء جيل مؤثر يحمل الرسالة وينشر الخير والصلاح في الأرض. فالقيادة ليست مسالة ثانوية أو اختيارية بل هي حاجة ضرورية لنهضة الأمة وإحيائها من جديد….

فلكي نعيد أمجاد حضارتنا، لابد أن تسترجع الأمة ما فقدته، لا بد لها أن تنجب قادة يعيدون حمل الرسالة، يعيشون بالقيم العالية، يملئون الأرض خيرا وأملا، ينمون ثقافتهم ويوسعون مداركهم، يتخذون من العلم سلاحا ومن القران زادا، ومن الأخلاق النبيلة سلوكا ومعاملة.

هذا هو القائد الذي تحتاجه الأمة، إنسان صادق، مخلص مع نفسه ومجتمعه، قلبه مليء بالخير والإيمان، قدوة حسنة لمن حوله، أينما ذهب يترك أثرا طيبا .

يقول تعالى : «  مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ، فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ، وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً  » سورة الأحزاب -الآية 23-  

نحتاج فعلا إلى مؤمنين صادقين، يحملون هم الأمة، ويصنعون قادة من أنفسهم وممن حولهم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كلمات الدكتور طارق السويدان مقتطفة من حلقة  » أزمة القيادة  » من برنامج رياح التغيير، شاهد:

http://www.youtube.com/watch?v=mgk4NcTNpvU

 

4 تعليقات

  1. ” إن الدول المتخلفة باستطاعتها أن تحتل مكانة متميزة بين الدول المتقدمة وذلك بتوفرها على قيادات ذات كفاءة وفكر، ويضرب مثالا بدولة ماليزيا التي استطاعت في غضون عشر سنوات أن تضع بصمتها بين دول العالم “
    شو يعني استطاعت في غضون عشر سنوات أن تضع بصمتها بين دول العالم ؟
    ماليزيا دولة مقودة وليست قائدة ، دولة علمانية ديمقراطية رأسمالية من الدرجة الأولى تابعة للنظام العالمي الذي تقوده أمريكا، على النقيض من ما يجب أن تكون عليه دولة الإسلام المرتقبة بإذن الله « الخلافة »
    فإن كانت ماليزيا قدوتك في صنع الدول و الأمم فتبا لهكذا دويلات كرتونية سايسباكوية هشة محتقرة.

  2. أهنّأك، فاطمة الزّهراء شرويط، على هذا المقال الجيّد و لإختيارك الصائب لهذا الموضوع بالذّات، الّذي الأمّة حاليا في أمسّ الحاجة لتدارسه.

  3. احسنت فاطمة الزهراء موضوع جميل يبين اهمية وجود قادة حتى نعود الى ما كان عليه اجدادنا من امجاد صنعوها و ما زلنا نتغنى بها حتى اليوم من وجهة نظري ان احد اسباب هذا التخلف هو التخصص حيث اضحى الكل يهتم بعلم دون الاخر و القاعدة تقول  » يجب ان تعرف كل شيء عن شيء و شيئا عن كل شيء  » اتمنى لك الاستمرار 🙂

  4. شكرا لكم على مروركم الطيب وتعليقاتكم القيمة على المقال. القيادة والتحدث عن صناعة القادة لم يعد خيارا بل ضرورة حضارية تعد ركنا مهما من اركان نهضة الامة، القادة هم الذين يؤثرون وينشرون فكرا ايجابيا، ويوجهون الامة نحو التميز والابداع

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا