Tweets récents

Main menu
Second Menu

نداء دولي إلى تعليق (موراتوريوم) العقوبات الجسدية، الرجم و الحكم بالإعدام

Posted by:
in Calls
12020 Views



– مدخــــــــــــــــــــــــل :



بصفة منتظمة، يواجه المسلمون في العالم و المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة مسألة تطبيق أحكام مرتبطة بالقوانين الجنائية الإسلامية. وسواء تمّ الرجوع في ذلك إلى مفهوم « الشريعة » أو تمّ الاقتصار على »الحدود » [1] فانَ مفردات النقاش تحدَدها اليوم مسألة مركزية في الجدال الدائر بين العلماء، و/أو بين المسلمين : ما هو أن يكون المرء مخلصا لرسالة الإسلام في الحقبة الزمنية المعاصرة؟ و فضلا عما هو واجب على كل واحد من المسلمين في حياته الشخصية، ما المطلوب من مجتمع قد يعرَف نفسه على أنَه « إسلامي »؟ .
من المعلوم أنَ هناك عدة تيارات فكرية في العالم الإسلامي وأنَ الخلافات بينها متعدَدة، عميقة ومتكرَرة. من تلك التيارات، أقلية تطالب بالتطبيق الفوري والحرفي للحدود، لأنَ هذا التطبيق – حسب رأيها – شرط أوَلي لا محيد عنه بالنسبة لـ « مجتمع ذي أغلبية مسلمة » حتى يعتبر بالفعل مجتمعا « إسلاميا ». وهناك تيارات أخرى تنطلق من عامل واقعي، هو أنَ الحدود موجودة فعلا في النصوص المرجعية [القرآن والسنة]، وترى أنَ تطبيق الحدود أمر مشروط بحالة المجتمع، الذي يجب أن يكون أوَلا عادلا، وبالنسبة للبعض « مثاليا ». بالتالي فإنَ الأولوية تبقى للعمل على إقامة العدل الاجتماعي، ومحاربة الفقر والأمية، إلخ. وهناك في الأخير فئة، قليلة هي الأخرى، تعتبر النصوص المتعلقة بالحدود متجاوزة تماما، وترى أنَ هذه المرجعيات لم يعد لها مكان في المجتمعات المسلمة المعاصرة.
وهكذا نرى أنَ الآراء مختلفة و أنَ المواقف تبدو في الغالب محسومة، دون أن يكون في الإمكان القول بأنَ أدلة هؤلاء وهؤلاء حول هذا الموضوع المحدَد، هي حقيقة واضحة وموَضَّحة. وفي الوقت الذي نكتب فيه هذه السطور، ومع أنَ النقاش الحقيقي داخل المجتمعات الإسلامية هو شبه غائب، والمواقف عائمة، بل في الغالب غامضة، فإنَ نساء ورجالا تطبَق عليهم هذه العقوبات دون أن يكون عليها إجماع بين المسلمين.
بالنسبة للمسلمين، الإسلام هو رسالة مساواة وعدل. ووفاء منا لهذه الرسالة، نشعر بأنَ استمرارنا في صمت تجاه هذا التطبيق غير العادل لمرجعيتنا الدينية لم يعد ممكنا. و لهذا كذلك يجب أن تتحرَر الكلمة ويتحرَر النقاش، و أن لا يستمر الاكتفاء بأجوبة عامة، محرجة، وأحيانا ملتبسة. إنَ هذا الصمت وهذه التشنجات الفكرية ليست جديرة بوضوح رسالة الإسلام العادلة.
فباسم مصادر الإسلام المقدَسة، وباسم التربية والتعليم الإسلامي، وأخيرا باسم الضمير المسلم المعاصر، هناك أمورا يجب أن تقال وقرارات يجب أن تتخذ.




– أقوال أغلبية العلماء
:

يعترف جميع العلماء، في الماضي كما في الحاضر، وفي جميع التيارات الفقهية والفكرية، بوجود نصوص مقدَسة تشير إلى العقوبات الجسدية [القرآن والسنة] وإلى رجم الزناة رجالا ونساء [السنة]، وإلى عقوبة القتل [القرآن والسنة]. والأمر يتعلق هنا بالمضامين الموضوعية للنصوص التي لم يناقشها العلماء أبدا.
والاختلافات بين العلماء وبين مختلف المذاهب [نصيين، إصلاحيين، إلخ.] هي اختلافات تتعلق أساسا بتفسير بعض هذه النصوص و/أو بشروط تطبيق العقوبات المتعلقة بالقانون الجنائي الإسلامي [طبيعة المخالفات والجرائم المرتكبة، الشهود، السياقات الاجتماعية والسياسية، إلخ.]، أو في الأخير – بصيغة أكثر شمولية وأكثر جوهرية – بمستوى التلاؤم مع الحقبة الزمنية المعاصرة.
إنَ أغلب العلماء، عبر التاريخ وإلى يومنا هذا، متفقون على أنَ هذه الأحكام هي إسلامية بالفعل، ولكن « الشروط المطلوب توفَرها » من أجل تطبيقها هي تقريبا مستحيلة التجميع [خصوصا فيما يتعلق بالرجم]، وبالتالي فهي تكاد تكون « غير قابلة للتطبيق أبدا « . إنَ للحدود خصوصا « نزعة ردعية » هدفها هو التحسيس بخطورة الأفعال الموجبة لمثل تلك العقوبات في أذهان المؤمنين.
إنَ من يقرأ كتب العلماء ويسمع محاضراتهم وخطبهم، و من يسافر داخل العالم الإسلامي أو يقارب الجاليات المسلمة في الغرب، سوف يسمع بدون شك وبدون تغيير، هذه الصيغة من طرف المراجع الدينية : « تكاد تكون غير قابلة للتطبيق أبدا « . هذه الصيغة تمكَن أغلب العلماء والمسلمين من تلافي التوغَل في قلب المسألة دون أن يعطي ذلك انطباعا بأنَهم غير مخلصين للمصادر الإسلامية المقدَسة. أمَا التعاطي الآخر مع المسألة فهو تجنَبها و/أو لزوم الصمت تجاهها.
ما يجري على أرض الواقع ؟ :
كنَا نود لو أن تفسَر هذه الصيغة : « تكاد تكون غير قابلة للتطبيق » على أنَها ضمانة لحماية النساء والرجال أمام عقوبات قامعة وظالمة؛ كنَا نتمنى لو أنَ تلك الشروط كانت دعوة إلى إقامة العدل بين البشر أمام القانون من طرف الحكومات والمشرَعين المنتسبين للإسلام. إلاَ أنَ شيئا من ذلك لا يحصل.
فالواقع أنَه وراء خطاب إسلامي يقلَل و يعمل على تقليم الأظافر تحت غطاء هذه الـ « تكاد لا… »، هناك نساء ورجال يعاقبون، يجلدون، يرجمون، و يقتلون باسم تطبيق الحدود، من غير أن تتحرَك ضمائر مسلمي العالم أجمع، كما لو لم يكن أحد يعرف، و كما لو كان الأمر يتعلق بإخلالات بسيطة بتعاليم الإسلام. لكن هذه الأحكام – بإمعان، و في ظلم متفاقم- لا تطبَق إلاَ على النساء والفقراء، ليصبحوا بذلك ضحايا مزدوجين. ولا تطبَق أبدا على الأغنياء، أو على الحاكمين والطغاة. أضف إلى هذا أنَ بعض السجناء ليس لهم الحق في دفاع جدير بهذا الاسم : هناك أحكام بالإعدام تقرَر وتنفَذ في حق نساء و رجال، بل و حتى في حق أطفال [معارضين سياسيين، مروّجين، جانحين، إلخ.] دون حتى أن يتمكَنوا من لقاء أي محامِ. وهكذا، بعد أن كانت لنا علاقات ضبابية مع مصادرنا المقدَسة، ها نحن نستقيل أمام خيانة رسالة الإسلام العادلة.
إنَ للمجتمع الدولي كذلك مسؤولية كبرى وواضحة أمام التعاطي مع مسألة الحدود في العالم الإسلامي. فالتنديد يتم بانتقائية ويتعامل على أساس حسابات و حماية المصالح الجيوستراتيجية والاقتصادية. فعندما تحاول دولة فقيرة من دول إفريقيا أو آسيا أن تطبَق الحدود أو الشريعة، تواجه حملات دولية، كما رأينا ذلك مؤخرا. لكن الأمر يختلف عندما يتعلق الأمر بالدول الغنية، بممالك البترول و/أو الدول التي تعتبر « حليفة »، حيث يتم شجبها بشكل خجول، أو لا تشجب إطلاقا، وذلك على الرغم من تطبيق كثيف ومعروف لهذه الأحكام في حق الفئات الأكثر فقرا وضعفا في المجتمع. وكثافة التنديدات تختلف لتتناسب مع المصالح المرتهنة. وهذا ظلم إضافي.




– عواطف الشعوب، تخوَف العلماء :



إنَ من يسافر في العالم الإسلامي ويخالط المسلمين يجد نفسه أمام استنتاج يفرض نفسه : في كل مكان تظهر الشعوب تتشبثا بالإسلام وبتعاليمه. هذه الحقيقة – وهي مهمة في حد ذاتها – يمكن أن تبدو مثيرة، وخطيرة تماما، وذلك عندما تكون طبيعة هذا التشبث قائمة على الانفعال، دون معرفة ولا فهم جديد للنصوص، بقليل من المسافة أو بدون أدنى مسافة نقدية تجاه مختلف تفاسير العلماء، ولا الوضع الضروري للأمور في سياقاتها، ولا تجاه طبيعة الشروط الواجب توفَرها، بل تجاه حماية حقوق الأفراد وإقامة العدل.
فيما يخص مسألة الحدود، نشاهد أحيانا حالات شغف شعبية تتمنى أو تطالب بالتطبيق الحرفي والفوري لأنَ أصحاب هذه الحالات يعتقدون أنَ الحدود تضمن الصفة « الإسلامية » للمجتمع. والواقع أنَه ليس نادرا أن نسمع مسلمات ومسلمين من الشعب [متعلَمين أو غير متعلَمين، وفي الغالب فقراء ومحتاجين] يدعون إلى تطبيق شكلي وصارم لـ « الشريعة »، دون إدراك أنَهم قد يكونون أوَل ضحاياها. و عندما ندرس هذه الظاهرة نفهم أنَ هناك نوعين من التفكير وراء هذه المطالب:
1- التطبيق الحرفي والفوري للحدود يجعل المرجعية الإسلامية مرئية قانونيا واجتماعيا. إنَ التشريع، بصرامته، يعطي الانطباع بالإخلاص للأمر القرآني الذي يفرض امتثالا صارما للنص. وعلى المستوى الشعبي، رأينا في الدول الإفريقية والعربية والآسيوية، و حتى الغربية، أنَ القسوة، بل التصلب في التطبيق، هو الذي يمنح بعدا إسلاميا في الذهنية الشعبية.
2- بالمقابل، تغذَي انتقادات وإدانات الغرب شعورا بالإخلاص لتعاليم الإسلام تبعا لمنطق التقابل؛ الأمر بسيط وتبسيطي: معارضة الغرب الشرسة دليل كافٍ للخصوصية الإسلامية لتطبيق الحدود. وهناك من سيقتنعون وهم يؤكدَون أنَ الغرب قد فقد منذ مدة طويلة مرجعياته الأخلاقية وأصبح جد متساهل حتى أنَ القانون الجنائي الإسلامي، الذي يعاقب السلوكيات التي تعتبر غير أخلاقية، هو بالمقابل البديل الوحيد عن « الاندحار الغربي ».
هذه الأفكار الشكلانية والتقابلية خطيرة جدا، لأنَها تسعى إلى أن تضفي صفة إسلامية على تشريع ليس من أجل ما يدعو إليه، وليس لأنَه يحمي و يطبَق العدل، ولكن لأنَه يعاقب بقسوة، وظاهريا لأنَ هناك بعض السلوكيات المناقضة والمعارضة لقوانين الغرب التي تعتبر جد متساهلة أخلاقيا [3]. ونحن نرى أنَ هناك اليوم جاليات أو شعوبا مسلمة تكتفي أحيانا بهذا النوع من الشرعية لتدعم حكومة أو حزبا يدعو إلى تطبيق الشريعة في مفهومها كتطبيق حرفي وفوري للعقوبات الجسدية، مثل الرجم والقتل.
ويمكن أن نلاحظ نوعا من الشغف الشعبي، خصوصيته الأولى هي الرغبة في الرد على مختلف أنواع الإحباط و الإهانة عن طريق تأكيد الهوية. يدرك هذا الشغف نفسه كإسلامي [معادٍ للغرب]، ولكنَه لا يتأسس على فهم أهداف ومقاصد الإسلام و مختلف التفاسير والشروط المرتبطة بتطبيق الحدود.
و أمام هذا الشغف، يظل العديد من العلماء حذرين خوفا من فقدان مصداقيتهم لدى جموع الجماهير. كما نلاحظ أنَ ثمة عواطف شعبية تمارس نوعا من الضغط السيكولوجي على العمل التشريعي للعلماء، في حين أنَه من الطبيعي أن يظل هذا الأخير مستقلا حتى يتمكَن من تعليم الشعوب واقتراح البدائل. إنَ الظاهرة معكوسة اليوم : أغلب العلماء يخشون مواجهة المطالب الشعبية التي تكون أحيانا تبسيطية، ومفتقرة إلى رصيد معرفي كافي، ومندفعة، كل ذلك خوفا من فقدان وضعهم الاعتباري و خشية أن يعتبروا جد متساهلين، و أنَهم ليسوا جد صارمين ، و جد متغرَبين، و ليسوا إسلاميين بالقدر الكافي.
إنَ واجب العلماء يفرض عليهم أن يكونوا الضامنين لقراءة معمَقة للنصوص، وللوفاء والإخلاص لأهداف العدل والمساواة، ولدراسة نقدية للشروط والسياقات الاجتماعية. عوض ذلك أ صبح العلماء منساقين إلى القبول بالشكلانية [تطبيق فوري وغير محيَن]، أو بالتفكير التقابلي التبسيطي [غرب أقل، يساوي إسلام أكثر]، أصبحوا يتخفَون وراء صيغ تحميهم، من دون العمل على الإتيان بحلول للظلم الذي يعانيه النساء والفقراء والضعاف : [« تكاد لا تطبَق »].





– الجمود المستحيل : مسؤوليتنا.



إنَ العالم الإسلامي يمر من أزمة عميقة، أسبابها و مظاهرها متعدَدة وأحيانا متناقضة. فالأنظمة السياسية في العالم العربي منغلقة في الغالب، و كثيرا ما تعتمد المرجعية الإسلامية وسيلة للاستغلال فقط. أمَا الرأي العام، هو إمَا مكتوم الأنفاس أو مندفع بشكل أعمى [إلى درجة الانخراط، بل وحتى المطالبة بالتطبيق الأكثر قمعا والأقل عدلا لـ « الشريعة الإسلامية » وللحدود].
أكثر تحديدا، في مجال الشأن الديني، يمكننا أن نلاحظ وجود أزمة سلطة مصحوبة بغياب النقاش الداخلي بين العلماء من مختلف المذاهب الفكرية، وداخل المجتمعات والجاليات المسلمة. ينتج عن ذلك تعدَد في الآراء. هذا التعدَد، إذا كان مقبولا في حد ذاته في الإسلام، فانَه يؤول اليوم إلى فوضى عامَة تتعايش داخلها الآراء الإسلامية الأكثر تعارضا والأكثر تناقضا، والتي يدَعي كل منها « صفته الإسلامية » دون الآخرين جميعا. وأمام هذه البلبلة التشريعية، فإنَ الأمر ينتهي بالشعوب و بعامة المسلمين إلى أن يصبحوا متحمسين بـ « الانطباع العاطفي » أكثر ممَا تدفعهم الآراء القائمة على المعرفة والفهم السليم للمبادئ و للقواعد الإسلامية [الأحكام].
يجب أن ننظر إلى الواقع بصراحة. إنَ الأزمة الرباعية المتمثلة في نظم سياسية منغلقة و قمعية، و في سلطة دينية متشتتة، و في مطالب متناقضة، و في شعوب محرومة من التعليم، مأخوذة بتشبث صادق بتعاليم الإسلام، تشبث عاطفي وانفعالي أكثر مما هو نابع عن تفكير عميق، هذه الأزمة لا يمكن أن تبرَر صمتنا المتواطئ والمذنب، في الوقت الذي يتعرَض فيه رجال ونساء لعقوبات الرجم والجلد باسم تطبيق شكلاني وانتهازي للأصول النصية المقدَسة للإسلام. إنَها مسؤولية المسلمين في العالم أجمع. فإليهم تعود مهمة رفع تحدي الإخلاص لرسالة الإسلام في الحقبة الزمنية المعاصرة؛ وهم الذين يجب أن يشجبوا أي نقص أو إخلال بتعاليم دينهم، حيثما ارتكبت ومهما كانت الجهة المسلمة أو الشخص المسلم الذي يخل بها. قال الرسول صلى الله عليه وسلَم: « انصر أخاك ظالما أو مظلوما ». قال رجل : يا رسول الله، أنصره مظلوما، فكيف أنصره ظالما؟ » قال [ص] : « تردَه عن ظلمه، فذلك نصر له » [4].
هذه هي مسؤولية كل عالم وكل ضمير وكل رجل و كل امرأة، حيثما وجدوا. إنَ مسلمي الغرب يتخفون أحيانا وراء ذريعة أنَ تطبيق الشريعة أو الحدود لا يعنيهم لأنَها غير مفروضة عليهم بحكم أنَهم « أقلية » [5]. و هكذا يلتزمون في هذا المجال صمتا مريبا وثقيلا، أو يصدرون شجبا وتنديدا من بعيد، دون السعي إلى تحسين الأوضاع والعقليات. لكن هؤلاء المسلمين والمسلمات، الذين يعيشون في فمضاءات من الحرية السياسية، والذين يتوفرون على إمكانية الولوج إلى التعليم وإلى المعرفة، عليهم – باسم تعاليم الإسلام نفسها – مسؤولية كبرى في السعي إلى تحسين الأوضاع، وفتح نقاش حقيقي، وإدانة الظلم الذي يمارس باسمهم، والعمل على إيقافه.





– نداء و أســــئــــلـــــــــــــة:




بالنظر إلى كل هذه الاعتبارات، نطرح اليوم نداء دوليا من أجل تعليق فوري للعقوبات الجسدية، الرجم والحكم بالإعدام في جميع الدول ذات الأغلبية المسلمة.
وعلى اعتبار أنَ آراء العلماء ليست صريحة ولا مجموع عليها [بل لا تتوفر على أغلبية واضحة] فيما يتعلق بفهم النصوص وتطبيق الحدود؛ و حيث أنَ الأنظمة السياسية وأوضاع المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة لا تضمن تعاطيا عادلا للأفراد أمام القانون، فإنَه من مسؤوليتنا الأخلاقية والدينية أن نطالب بأن يوضع فورا حد لتطبيق الحدود التي يتم إقرانها خطأ بـ « الشريعة الإسلامية ».
هذا النداء تصاحبه سلسلة من الأسئلة الأساسية موجَهة إلى السلطات الدينية الإسلامية في العالم، سواء كانت سنية أو شيعية، ومن أي مذهب كانت [حنفي أو مالكي أو شافعي أو حنبلي]، ومهما كانت مدارسها الفكرية [نصية أو سلفية أو إصلاحية، إلخ.]:
1- ما هي، بالتحديد في المصادر النصية المقدسة للإسلام، فيما يسمَيه المتخصصون بـ « الحدود »، النصوص [وما درجة صحة كل منها] التي تحيل على العقوبة الجسدية، على الرجم وعلى حكم الإعدام؟ ما هي الهوامش الممكنة في التأويل، وفي أي مجال كانت نقط الاختلاف عبر تاريخ التشريع الإسلامي إلى غاية الحقبة الزمنية المعاصرة؟ .
2- ما هي الشروط الموضوعة لكل حكم في النصوص الشرعية نفسها وفي إجماع العلماء أو من طرف علماء منفردين عبر تاريخ الفقه والتشريع الإسلامي؟ ما هي الاختلافات التي كانت مرتبطة بهذه الشروط، وما هي أنواع « ظروف التخفيف » التي سبق أن تمَ إقرارها من طرف هذه المرجعية الدينية أو تلك عبر التاريخ وفي مختلف المذاهب الفقهية؟
3- لقد اعتبر دائما العلماء الواقع الملائم شرطا لتطبيق الحدود، نظرا لأهميته البالغة التي تقتضي معالجة خاصة [مشاركة المثقفين والمفكرين في النقاش، خصوصا المتخصصون منهم في العلوم الإنسانية]. في أي سياق إذن يمكن التفكير اليوم في تطبيق الحدود؟ ما هي الشروط الواجب توفَرها في ما يخص النظام السياسي وتطبيق التشريعات العامَة : حرية التعبير، المساواة أمام القانون، تعميم التعليم، حالات الفقر والعزلة الاجتماعية، إلخ؟ ما هي في هذا المجال نقط الخلاف بين المذاهب الفقهية وبين العلماء، و على ماذا تقوم هذه الاختلافات؟.
إنَ دراسة هذه الأسئلة يجب أن تتم بما يؤدي إلى توضيح مفردات النقاش فيما يخص مناطق التأويل المسموح بها من طرف النصوص نفسها، مع الأخذ بالاعتبار ما يحدَد وضعية المجتمعات المعاصرة وتطوَرها. هذا التفكير الداخلي للأمة يتطلب جهدا فكريا مزدوجا على مستوى النصوص وعلى مستوى السياقات الواقعية، مع الحفاظ على الإخلاص لمقاصد رسالة الإسلام : يجب أساسا أن يمكَننا هذا التفكير من إيجاد الجواب لسؤال معرفة ما هو قابل للتطبيق [وعلى أي أساس] وما لم يعد قابلا للتطبيق [ اعتبارا للظروف المطلوبة التي أصبح توفَرها مستحيلا، واعتبارا لتطور المجتمعات التي ابتعدت كليا عن المثال المطلوب].
هذا المسعى، من الداخل، يتطلب جهدا كبيرا وجادا، ووقتا، كما يتطلب إقامة فضاءات للحوار والنقاش الوطني والدولي بين العلماء، والمثقفين والمفكرين المسلمين، ووسط الشعوب والمجتمعات الإسلامية، بما أن الأمر لا يتعلق فقط بما له علاقة بالنصوص، ولكن كذلك بالسياقات وبالواقع. وإلى أن يتم ذلك لا يمكن بحال أن يستمر العمل بتطبيق عقوبات ليس من شأنها إلاَ أن تمنح مصداقية لأحكام ظالمة كما يحدث الآن[4]. إنَ تعطيلا لهذه الأحكام أصبح يفرض نفسه من أجل فسح الطريق أمام نقاش حقيقي يجري في إطار من الرصانة والوضوح، دون أن يستغل أبدا كذريعة لتوظيف الإسلام.
ويجب أن تتوقف فورا كل حالات الظلم التي تقترف باسم الإسلام.





– بين النص و المقاصد : الإخلاص:




هناك من يفهم، وسيفهم هذا النداء على أنَه دعوة إلى عدم احترام المصادر النصية المقدسة للإسلام. وهذا يعني بالنسبة له أن المطالبة بالتعطيل هي أمر مناف للنصوص القطعية للكتاب والسنة. بينما الأمر يتعلق بعكس هذا تماما : جميع النصوص المتعلقة بمجال الحقوق تتطلب قراءة على ضوء الغايات التي تبرَرها [المقاصد]. و من الغايات الأساسية والسامية نجد الحفاظ على النفس وإقامة العدل. بينما التطبيق الحرفي للحدود، دون وضع النصوص التي شرعتها في سياق التطبيق، ودون احترام الشروط الصارمة والمتعددة المذكورة ليسسوى التزاماشكليا بتعاليم الإسلام، و هو خيانة في الحقيقة وإخلال بمقاصد الشرع، ذلك أنَه مؤهَل إلى أن ينتج – حسب سياق التطبيق – ظلما بيِّنا.
لقد عطَل الخليفة عمر بن الخطاب بالفعل حد السرقة في عام الرمادة عندما عمَ الجوع بسبب القحط. هذا مع أن النص القرآني قطعي وواضح كل الوضوح في المسألة. ولكن الوضع الاجتماعي حال دون تطبيق هذا النص تطبيقا حرفيا، تطبيق غير عادل : فقد كان من شأن ذلك التطبيق أن يؤدي إلى عقاب فقراء اضطروا للسرقة بهدف وحيد هو سد الرمق لتجنَب الموت جوعا بسبب الفقر المدقع. و هكذا، فباسم مقصد العدل المفروض في الرسالة الشاملة للإسلام، قرَر عمر بن الخطاب إذن تعطيل تطبيق نص قرآني: إنَ الالتزام بوفاء تام لهذا النص كان سيترتب عنه إخلال بالوفاء لهذه القيمة السامية للإسلام التي هي العدل. إنَه باسم الإسلام إذن، و في إطار فهم حقيقي للنص، عطَل عمر بن الخطاب تطبيق هذا النص. وهكذا فالتعطيل الذي ندعو إليه يجد هنا سابقة تاريخية ذات أهمية بالغة.
إنَ التفكير المتدبِّر والإصلاح الضروري في المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة لا يمكن أن يأتي إلاَ من داخل هذه المجتمعات. فعلى المسلمين والمسلمات أن يتحمَلوا مسؤوليتهم و أن ينطلقوا في هذه الحركة التي تفتح باب النقاش و الحوار داخل الأمَة، و أن يرفضوا أن تجد المظالم مشروعيتها و مبرَرات تطبيقها باسم الإسلام، أي باسم المسلمين و المسلمات أنفسهم. إنَ ثمة ديناميكية داخلية النمو أصبحت أمرا مطلقا.
هذا لا يعني أنَه يجب تجاهل الأسئلة التي يضعها مثقفون أو مواطنون غير مسلمين، بل العكس هو الصحيح. يجب أن تكون كل الأطراف في الاستماع إلى الآخر و إلى نقط مرجعياته و إلى منطقه وإلى آماله. يجب أن يرحَب المسلمون بجميع الأسئلة التي ترد عليهم من طرف جميع إخوانهم في الدين أو من طرف الرجال والنساء الذين لا يشاركونهم قناعاتهم : بعد ذلك يعود إليهم وحدهم أن يقوموا بعملية تمحيص وإنضاج أفكارهم؛ من الداخل سيكون ذلك أكثر وفاء وإخلاصا لمطلب العدل في الإسلام، مع الأخذ بعين الاعتبار متطلبات الحقبة الزمنية المعاصرة.



– الخاتمة :





هذا النداء الداعي إلى التعطيل الفوري للعقوبات الجسدية، الرجم والحكم بالإعدام، هو مطلوب بإلحاح على أكثر من مستوى. إنَنا ندعو من خلاله إلى إثارة وعي كل واحد حتى يحس بأنَه معني بما يجري من توظيف للإسلام ومن معاملة مهينة يتعرَض لها رجال ونساء في بعض المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة وسط صمت متواطئ وفوضى عامَة فيما يخص الآراء الفقهية في هذا المجال. وهذا الوعي يتطلب:
– تعبئة عامَة المسلمين عبر العالم ليحثوا حكوماتهم على إقرار تعطيل فوري لتطبيق الحدود، وإلى فتح نقاش واسع بين الجميع [نقد عقلاني ومدعَم بأدلة]، وبين العلماء والمفكرين والقادة والشعوب.
– مساءلة العلماء وحثهم على أن يجرؤوا على شجب الظلم وتوظيف الإسلام في مجال الحدود، وحتى ينادوا باسم نصوص الإسلام نفسها وإخلاصا لها إلى تعطيل فوري لتطبيق الحدود، سائرين في ذلك على أثر نموذج عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
– الرقي بمستوى تعليم وتربية الشعوب حتى تتجاوز سراب الشكلانية والمظاهر. فتطبيق إجراءات زجرية قامعة، والتركيز على العقوبات، لا يمكن أن يجعل من شعب أكثر التزاما بتعاليم الإسلام : بل إنّ القدرة على إقامة العدالة الاجتماعية وحماية السلامة الشخصية لكل فرد، رجلا كان أو امرأة، غنيا أو فقيرا، هي التي تحدَد وفاء الدولة والمجتمع وإخلاصهما الحقيقي. إنَ المعيار في الإسلام هو الحقوق التي تتم حمايتها وليست العقوبات التي يتم إلحاقها [والتي لا يمكن أن تكون إلا استثناء جد مشروط].
– إنَ هذا الإصلاح من الداخل، من طرف المسلمين وباسم رسالة الإسلام ونصوصه المرجعية، لا يجب أبدا أن يؤدي إلى التخلي عن الاستماع إلى العالم المحيط بنا وإلى الأسئلة التي يثيرها الإسلام في ذهنية غير المسلمين : ليس للاستسلام والخضوع لأجوبة « الآخر/ »الغرب »، ولكن للبحث في مرآته عن سبل للبقاء أحسن وأكثر وفاء وإخلاصا للذات، بشكل بنَاء أكثر.
إنَنا ندعو جميع الذين واللواتي سوف ينضمَون إلى هذا النداء، أن يلتحقوا بنا ويُسمعوا أصواتهم حتى يتوقف فورا تطبيق الحدود في العالم الإسلامي، وتتم إقامة حوار عميق حول المسألة. إنَه باسم الإسلام، وباسم نصوصه ورسالته العادلة، لا يمكننا أن نقبل أن يعاني رجال ونساء من عقوبات مميتة في صمت متحرَج ومتواطئ، وجبان في الأخير.

لقد أصبح من المستعجل على مسلمي ومسلمات العالم أن يرفضوا الشرعنة الشكلانية لتعاليم دينهم، وأن يتصالحوا مع عمق رسالة الإسلام التي تدعو إلى صفاء الروح وتتطلَب التربية واحترام التعددية.
لن ينصلح حال المجتمعات بالإجراءات الزجرية القامعة وبالعقوبات، بل بالتزام كل واحد بالعمل على إقامة دولة الحق، والمجتمع المدني، واحترام الإرادة الشعبية، وإقامة تشريع عادل يضمن المساواة أمام القانون بين الرجال والنساء، بين الفقراء والأغنياء. لقد أصبح من المستعجل إطلاق حركة للدمقرطة تدفع إلى نقل الشعوب من حالة استحواذ ما يعاقب عليه القانون إلى المطالبة بما يجب أن يحميه القانون: ضمائرهم وآراؤهم، أنفسهم، حريتهم وحقوقهم.



جنيف في18 مارس 2005



طارق رمضان





[1] في الدول المسلمة نفسها فإن القوانين التي تعتبر « مستمدة من الغرب » غالبا ما يتم التعاطي معها كأدوات تستعمل من طرف الحكومات الدكتاتورية للمخادعة و إضفاء المشروعية على صفتهم الأوتوقراطية، وأكثر مخاتلة وتكتما من أجل العمل على التغريب الثقافي والأخلاقي للمجتمع.



[2] رواه البخاري ومسلم.



[3] هذه الحجَة ضعيفة وخطيرة لكونها تبرَر ضمنيا تطبيق الحدود في السياق الحالي لمجتمعات « أرض الإسلام ».



[4] الشكوك يجب أن تكون في مصلحة المتهم دائما حسب قاعدة عالمية للحق.[وهذه قاعدة جوهرية، ومنذ الأصول الأولى، وتقوم على قاعدة مصادر النصوص المقدسة، للشريعة الإسلامية].

30 commentaires - “نداء دولي إلى تعليق (موراتوريوم) العقوبات الجسدية، الرجم و الحكم بالإعدام”

  1. Salam,
    Comme je l’ai dis sur un forum, votre appel n est pas crédible..

    Votre appel est vide de structure (comme on dit dans le domaine: pauvre en att’ssil) et se base sur des considérations qui sont étrangères au système islamique…Ca aurait été plus productif de votre part de faire cet effort d’analyse et de ne pas « reporter ces pratiques jusqu à ce que leur conditions soient possibles »..

    Il y a des gens qui sont plus productifs, plus courageux, et que n aiment pas trop les lumières et qu ont donné leurs avis courageusement dont fait partis: Shahrour, Hajj Hamad, niyazzi 3ezz eddine…sans oublier le grand jamal albanna..qui mérite d’être lu.

    Ils y a aussi des gens qui ont répondu à votre appel dans des forum, mais ces gens là ne recevront pas de réponse de votre part vu qu ils ne sont pas des « savants »…

    Encore uen fois, TR deçoit..Il n y a que du vent.

    Agdoud

    1. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد ، وفي إطار الحوار المهني الدائم أرجو أن تتقبلوا مني الملاحظات التالية: -محدودية خطابكم النظري باعتباره بعيدا كل البعد عن هموم المجتمع الإسلامي ليس باعتبار محل إقامتكم ولكن باعتبار مجال اهتمامكم فعوض التحدت عن برامج مجتمعية تساهم في إيجاد حلول للأزمات تركزون على ترهات ، ليس بقيمتها ولكن بقطعيتها الغير قابلة لتحيين .في انتظار ردكم تقبلوا فائق تحياتي

    2. ولن ترضي عنك اليهود ولا النصاري حتي تتبع ملتهم

      يا سيدي يجب ان نتعلم من التاريخ
      فمن تنازل نزل ومن قالها لوجه الله اعزه الله
      الاسلام
      ان ابتغيتم العزة فى غيره ازلكم الله

      لا لكسري او قيصر نغير ديننا يا سيدي
      فوالله الذى لا اله الا هو لان اموت خير لى ان اؤجل امرا فرضه الله علي

    3. J’abonde dans le sens de votre critique; je ne comprends pas le sens de ces appels(lapidation, mariage forcé)qui ne font que ternir le visage du véritable islam. Pourquoi un esprit qui semble si incisif (Je fais allusion bien sûr à Monsieur Ramadan)n’a -t-il pas la clairvoyance de rejoindre la ligne des penseurs musulmans que vous avez cités et auquel j’ajouterai le docteur Sobhi Mansour et de contribuer réellement à dépoussiérer et à montrer la VERITE.

  2. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    يالنسبة لقولك « الشروط المطلوب توفَرها

    أرجو توضيح هذه النقطة و ما هي هذه الشروط؟

    أنا لست بالفقيه و أنت لست كذلك على حد علمي و أعتقد أنه إذا أقيمة الحجة على الزاني و توفرت الشهود على هذا الإنتهاك لحدود الله وجب على الحاكم إقامة الحد و الإمتثال إلى أوامر الله و النصوص القرآنية و الأحاديث النبوية واضحة و صريحة بهذا الصدد لا تحتاج إلى تأويل أو إعادة نظر و من خلال دراسة السيرة النبوية و الخلافة الإسلامية الراشدة نلاحظ عدم تهاون النبي صلة الله عليه و سلم و لا تهاون الصحابه رضي الله عنهم في إقامة الحدود مع بعض التأجيل في بعض الأحيان و لكن ليس الإلغاء و التعطيل , ومن ذلك أذكر تـجيل حد الزنى على المرأة التي جاءة إلى النبي صلى الله عليه و سلم تطلب منه أن يطبق حكم الله فيها بعد و قعت في و الزنى ‘,أجل إقامت الحد حتى تضع جنينها ثم أجلها حتى تتم فترة الرضاعة ثم أقام عليها الحد بعد ذلك. أيظا أذكر عدم تطبيق حد السرقة في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه عام الرمادة و ذلك ﻷن معضم حالات السرقة التي وقعت في هذه الفترة كان سببها المجاعة حتى أنه كاد يقيم الحد على رجل منع عبيده الطعام حتى اضطروا إلى السرقة للبقاء على قيد الحياة.
    و أرى أن رأيك هذا يعتمد على العقل و إلغاء المصادر التشريعية حيث لم تورد فيه حديثا واحدا تعلل به .

  3. بسم الله الرحمان الرحيم
    أضم صوتي إلى هذا النداء الذي لا أشك في أي لحظة في حسن نية صاحبه ‘والذي أود أن يقوم بزيارة لبلدي الجزائر لكي نسعد برؤييته ) وهذا لعلمي أن من يستفيد من هذا الأمر هم أعداء الإسلام الذين يريدون أن يظهروا بأن الاسلام وحده دين متوحش رغم نص كل الأديان على هذه العقوبات العموم يمكنكم مشاهدة هذه المقاطع لتتأكدوا من صحة قولي
    http://www.iran-resist.org/IMG/wmv/Lapidation.wmv
    إضغط

  4. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

    أولا:

    جزى الله الأستاذ طارق رمضان خير الجزاء بأن أتاح لنا الفرصة للمشاركة بهذا الموضوع المصيري والمقدس.كيف لا؟وحرمة دم المسلم عند الله أشد من حرمة البيت الحرام.

    وجزى الله خيرا الأخ الذي أرفق الموضوع بصور حية تساعد على استيعاب ما يجري بحصوص هذا الشأن.

    عندما رأيت الذان رجما بالحجارة بكيت.ليس لأني أعترض على حدود الله -والعياذ بالله-.

    مع فرض أن ماشاهدناه من تطبيق حد الرجم مستوف لكافة الشروط من شهود بررة ومجتمع نظيف مستتر….أو حتى لنفترض أن المرجومين هما من اعترفا بجرمهما وطالبا بتطبيق حد زنى المحصن عليهما طمعا برضا الرحمان عليهما.

    ان ما أبكاني هو نفس الانسان التي قد توصل صاحبها الى المهالك.

    ما أبكاني هو تقصير أولياء الأمور في تربية أولادهم.يتركون أنفسهم تشب دونما قيد أو تقويم.والنفس خطيرة:

    ان لم تنشأ على السواء,فستصير وحشا مع الأيام.وحشا يفتك بكل من هم حوله .وأول ضحايا هذا الوحش نفسه ذاتها.

    هناك من أولياء الأمور الجهلة! من يعتقدون أن تلبية كل مايطلبه الأولاد هو من سينشئهم أسوياء…بل بالعكس,يجب أن تدرك نفس الطفل أننا في الحياة الدنيا لانأخذ كل مانشتهي.وكم تشتهي النفس وتتمنى!!!يجب أن يدركوا أن النفس سفيهة!!
    تتقلب وتتمنى كل شئ…دون حد.

    نعوذ بالله من شرور أنفسنا.

    منذ سنوات قليلة,في بلدي الأصلي.سمعت بحادثة أذهلتني.كان قد مر عليها في ذلك الوقت ستة أشهر.فقد كنت تقربا آخر من سمع بها.

    وقعت القصة بمقربة احدى الجامعات,حيث أن الحارس الليلي رأى شيئا يتحرك من بعيد,لم يتبينه بسبب بداية الظلام.وعندما اقترب.اذ هما طالبان قد التصقا بعد ممارستهما الزنى,بسبب أن الفتاة استعملت مانعا للحمل لاينبغي الا لمتزوجة بعد ولادة أو ولادتين على الأقل.شاء مقدر الأمور بأن يفضحا وأي فضيحة؟؟؟أخذوهما الى المستشفى لفصلهما.لكن دون جدوى.فغطوهما بغطاء وأخذوهما بالطائرة الى ولاية أخرى بمستشفى أكبر حيث تم فصلهما.وقيل لي أن الفتاة قد توفيت من شدة الموقف…وقيل لي أن أهلها رفضوا استلام جثتها فتكلفت المستشفى بدفنها…
    في تلك الفترة من الزمن بدأت الفاحشة والعري في بلدي تنتشر انتشار النار في الهشيم.

    بعد سماعي للقصة لم أصدق!! فبدأت أسأل من أعرف من صديقاتي بالجامعة…وكلما سألت واحدة تقول لي:هل سمعت بذلك الأن فقط؟؟؟ثم تبدأ في ذكرتفاصيل القصة لي.
    الى أن قررت أن أسأل أختي الكبرى بالرغم من أننا لانتحدث عادة في مثل هذه المواضيع…فأخبرتني بالقصة كاملة

    لاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم.

    أيقظتني تلك القصة من عالمي الذي كنت أعيش فيه.كنت أعيش في عالم الكتب:

    رياض الصالحين,الكبائر,أشرطة عن فضل العلم والتعلم,الاسراء والمعراج,ولربك فاصبر[عن شروط الحجاب الشرعي]

    كنت في عالم الصحابة والتابعين.استيقظت على !!!قوم لوط
    أو ماشابه ذلك…
    أجل.فعندما بدأت أسأل صديقاتي غير المتدينات عن تلك القصة. كن حزينات لأن برأيهن أن القيام بالفاحشة من الخلف خير من استعمال موانع حمل غير مضمونة…!!

    صديقاتي غير المتدينات طيبات.عندما صرخت في وجه صديقتي عندما كانت تحكي لي عن الذكور المخنثين وأن الرجال يفضلونهم على النساء…صرخت فيها:الآن من هو العادي أو الطبيعي أنا أم أنتم؟؟؟أنا من يجهل كل هذا أم أنتم المطلعون على الغرائب والعجائب.عندها نظرت الى الأرض وقالت:بل أنت الطبيعية وابقي هكذا.

    أعرف منذ متى بدأت الرذائل تنتشر في بلادي الجزائر.

    منذ أن حل حزب الجبهة الاسلامية للانقاذوانتشرت الهوائيات المستقطبة بقنوات الغرب…

    M6 وcanal+…الخ

    ليس معنى هذا أن الجبهة الاسلامية للانقاذ كانت هي الحل السحري لتكون الجزائر دولة اسلامية مطبقة للشريعة على أكمل وجه…

    حسبنا الله ونعم الوكيل.وللحديث بقية.

  5. بعد أن علمت ما يحدث في بعض البلدان الاسلامية فيما يخص تطبيق حدود العقوبات الجسدية كالجلد أو الرجم…الخ.وخاصة مؤخرا من أحد المواقع الاسلامية,حيث أن في باكستان مثلا,لو أن امرأة اغتصبت وقدمت بلاغا بذلك دون اقران أربعة شهود مع الشكوى فان الحكم سيكون عليها هي بأن تجلد أو حتى تقتل رجما لو كانت مثلا محصنة!!

    أي اسلام هذا؟؟؟

    أي ظلم هذا؟؟؟

    ثم تأملت جيدا في دعوى الدكتور طارق رمضان التي دعا فيها الى تعليق حدود العقوبات الجسدية.وقرأت مقالات لكتاب آخرين عن موقف الدكتور طارق رمضان مثل:

    فقيه..في زمن العولمة[فتحي أبو حطب[ حيث شبه مبادرة الدكتور طارق رمضان يطلقة من العيار الثقيل عن رفض للجمود الفقهي…

    وأشار الكاتب الى أن الدكتور طارق رمضان اختار بدقة وعناية زمن ندائه بتعليق الحدود التي ذكرناها سابقا,وعبر عن ذلك بقوله

    « وكأن طارق رمضان بمبادرته يزيل لغما يعرف من خلال معايشته للغرب أنه قادم لا محالة… »

    ومن وجهة نظري:

    قبل أن يمنع طارق رمضان عنا ثوران الغرب من جراء التطبيق الفوضوي للحدود في حالة نجاح ادماج المسلمين في الحكم[الشئ الذي بدأ فعلا في الحدوث مؤخرا] فقد منع أخونا طارق رمضان عنا غضب وعقاب الله الديان.

    اذ لم يتصد لمنكر العبث بأرواح الناس ياسم الدين ناه قبل طارق رمضان..ما عدا بعض التنديدات الروتينبة التي لا تسمن ولا تغني من جوع!!والناس تقتل والأعراض تنتهك وغضب الديان..الله أعلم بمداه!!

    ألم يعد حال معظم أمة الاسلام كحال النصارى في زمن صكوك الغفران؟!ألم يعد حالنا يشبه حال المغضوب عليهم والضالين!!

    ألا نعلم أن مما أهلك من قبلنا أنهم اذا أذنب فيهم الشريف تركوه واذا أذنب فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد!أو كما قال نبي الهدى صلى الله عليه وسلم.

    الحمد لله الذي جعل في أمة محمد رجالا صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

    جزاك الله عنا خير الجزاء أخانا طارق وجعلك خيرا مما نقول.

  6. Mon frère ;

    Il y a des urgences.
    Je suis septique pour ce moratoire vu la situation inconfortable de tout musulman dans ce monde.
    D’abord la gravité du sujet qui met la nation dans une position défensive.
    Une nation qui n’a de sa souveraineté que la spoliation de ses sujets par des moyens multiples mais efficaces.
    Qui peu décider un moratoire pour des gouverneurs qui n’ont pour but que le maintien du pouvoir et la continuité dans la médiocrité.
    Pour qui ces lois que vous trouver si inhumaines sont-elles appliquées et où ?
    Que je sache, il n’y a que des musulmans sous la dominance des socialistes, des capitalistes et d’autres mélanges spécifiques au peuple désigné pour ne pas s’orienter vers le deuxième harem.
    « Sache mon frère que chaque individu possède dans sa vie un but essentiel autour duquel s’organisent ses pensés, vers lequel se dirigent ses actes, autour duquel se concentrent ses espoirs : ce but est ce qu’on appelle l’idéal. Aussi, plus ce but est élevé et noble, plus les actes qui en découlent sont saints et nobles. »
    C’est un réveil général simple de cette nation et un appel clairvoyant vers ALLAH qui permettra de rendre la justice à l’humanité. C’est cela la loi d’ALLAH.
    Qu’ALLAH concrétise nos bienfaits et nous accorde la réussite.

    1. Salam Alykoum

      j’aurai bien aimé que le sujet soit de revoir l’application de ces lois pour qu’elles soient juste et appliquées selon les directive d’Allah et de son prophète et non pas un sujet pour remettre en question ces lois qui n’ont pas lieu d’être discuté ni aujourd’hui ni dans 1000 ans, vu qu’à l’époque du prophète elles n’ont pas été sujet ni à un débat ni à moratoire.

      C’est fou votre façon à vous et à d’autres à vouloir inventer un nouveau islam pour satisfaire les juifs et les chrétiens vous voulez à tout prix obtenir la bénédiction des mécréants en inventant un nouveau islam.

      Et puis vous parlez de savants, je n’ai jamais entendu aucun savant remettre en question une loi divine, et encore moins celle là. Alors franchement à trop cotoyer les français et les suisses, cela à fini par déteindre sur votre coeur et votre spiritualité.

      Vous devez souffrir énormément à vouloir faire cohabiter islam et monde occidental mais le mieux serait peut être de vivre sur terre d’islam et quitter cette terre de mécréance avant qu’il en soit trop tard.

      Et puis si l’occident ont du mal avec la lapidation et la peine de mort, ce n’est pas à nous de céder, ils sont de plus en plus ouvert sur l’homosexualité et le mariage gay, demain vous allez nous présenter un moratoire sur les textes à ce sujet qu’il ne sont pas claire et que nous devons arrêter de dire que l’islam est contre…

      Itaki Allah, vous n’êtes pas savant, alors un peu d’humilité avant de défier Allah avec ce genre de textes.

      Lisa d’Alger

    2. المستدرك على الصحيحين أبو عبد الله الحاكم النيسابوري :عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : ( تكون فتنة يكثر فيها المال ويفتح فيها القرآن حتى يقرأه ·
      المؤمن والمنافق والصغير والك بير والرجل و المرأة يقرأه الرجل سرا فلا يتبع عليها فيقول والله لأقرأنه
      علانية ثم يقرأه علانية فلا يتبع عليها فيتخذ مسجدا ويبتدع كلاما ليس في كتاب الله ولا من سنة رسول الله
      صلى الله عليه وسلم فإياكم وإياه فإن كل ما ابتدع ضلالة ) .

  7. Je viens de voir en bref votre position sur la lapidation. Pour moi , la question n’est meme pas liee a l’islam.Lapidation et comndanation a mort ont ete des peines infliges aux passe car il n’y avait pas d’autre alternative de procedure correctionnelles. Je suis une fervante defentrice des droit de l’homme. C’est pratiques doivent etre banies a jamais. Il est toutefois comprehensile la maniere avec laquelles vous developper le debat sur cette question. Car aujourd’hui et maleheureusemet il existe un retard extraordinaire dans la pensee musulmane. Aucun effort phylosophique est fourni pour faire comprendre au monde musulman que finalement nous habitant la meme terre, le meme monde. Il est temps que le monde musulman entre dans le devant de la scene pour promouvoir l’espece humaine en usant de sa richesse spirituelle.

    N.R Alger

  8. Salam,

    Les personnes qui sont contre cette démarche du professeur Tariq Ramadan, n’ont rien compris de sa noble initiative. Puisse Allah leurs ouvrir l’esprit car elles polluent inutilement le débat.
    Qu’Allah continue à vous donner la force de vous battre professeur Tariq. Il y a énormémént de gens qui vous soutiennent.

    Monir, Bruxelles

    1. salam alikom
      je veux dire exactement ce que tu a dit Mr Mounir: Les personnes qui sont contre cette démarche du professeur Tariq Ramadan, n’ont rien compris de sa noble initiative, ils doivent être à jour, c’est jamais trop-tard à apprendre…
      merci Mr Tariq, nous somme tous avec vous…

    2. Salam,
      Il ya cette histoire d’une troupe musulmane qui séjournait dans une contrée étrangère. Le propriétaire, les voyant, leur demanda la raison pour laquelle leur monture avait la gueule enfermée c’est à dire quelquechose qui les empêchait de manger.
      Les HOMMES ont dit qu’ils ne voulaient pas que leurs bêtes ne mangent ce qu’ils ne leur appartenait pas de droit.

      Le lien?

      Quand tu entends islam ton coeur frémisse, ta crainte grandit, ton respect émerge parce que l’islam repose sur des valeurs, qui réellement appliquées, bouleverse nimporte quel humain. Imaginez la réaction du propriétaire…ItakiLahi.

      Donc Mr Ramadan, peu importe le nombre sachez que je suis derrière vous.

      Ignorant, j’ai d’abord mon premier devoir: l’autocritique!

    3. salam alakoum merci pour ce que vous faite Monsieur Tariq ramadan que DIEU vous guide qu’il vous renforce et vous mette sur la bonne voie, pour ma part je suis d’accord avec ce que vous dite dans cette article je me joint au moratoire par amour pour DIEU son prophète et l’islam seul L’AVIS de DIEU sur moi m’intéresse.

  9. salam alikou, étant française d’origine algérienne, j’ai eu l’opportunité ou le désarroi de vous suivre avec mon frère vivant en france, je crois fort bien que les muslmans européens n’ont pas pu élargir leurs connaissances religieuses car ils ne trouvent pas qui entendre (langue) et eprsuasion je crois que c’est pour cela qu’ils entendent des gens comme vous! et qui m’a également orineté vers ce genre de site pour (pour lui) m’éloigner du mouvement salafiste dont je ne suis pas tout à fait adepte, mais qui m’attire énormément, je vous disais que si vous (comment on vous apelle) islamologue (je ne sais d’ou vient ce nom) étiez aussi contradictoire dont vos discours, d’une part être musulman(je crois)et vous vous mettiez contre un pilier de l’islam quand on est musulman in l’est à part entière!
    l’islma ne se divise pas, étant musulman(j’en suis fière) c’est accepter d’être (aabd) esclave de dieu et savoir l’être!
    en ce qui concerne la burqa , je ne la porte pas , mais je ne pense pas que vous soyez apte à répondre (fatwa) aux questions relatives à ce sujet!
    enfin, et j’espère trouver une réponse, que vous vous resaisissez, et que vous entrez dans le droit chemin, car on a appris par (vrais chouyoukh) de respecter quiconque!
    salam ala man itabaa elhouda

  10. Salamou aleykoum,
    je confirme les quelques critiques qui disent que cet appel manque de références islamiques et viens en réponse au propre vécu du Dr Ramadan qui vit d’abord dans un environnement occidental et subit les pressions des différents lobbies. D’autre part bâtir tout l’appel sur une expression sur « presque jamais applicables » en référence à des « ulémas » d’hier et d’aujourd’hui sans les citer, je trouve que c’est un peu léger. Mon avis est que le débat mérite d’être lancé mais pas de cette façon car un appel fait qu’on y adhère ou pas et là ça n’avancerait pas. Je pense qu’il est primordial que le débat se déclenche aussi dans le monde musulman et non en seulement Europe, car qu’on le veuille ou non, la légitimité viens de la majorité.
    Je suis par ailleurs un fervent défenseur des autres « batailles » du Dr Ramadan surtout contre les extrémistes de tous bords.
    Mes salutations
    Kamel

  11. Selem aleykoum , très bon moyen pour se faire entendre dans le monde musulman … C’est une première étape déterminante avec pour objectif d’arrêter tous les châtiments corporels et les peines capitales ! Masha Allah enfin des messages de paix !

  12. Monsieur Tarik Ramadan,

    depuis des années, j’écoute toutes vos interventions et lis vos articles. le travail que vous faites est admirable à mon sens. je suis entièrement d’accord pour l’idée d’un moratoire en attendant les fruits d’un débat de fond entre vrais savants musulmans. tant que la justice sociale, politique et économique n’est pas bien instaurée, il est impossible d’appliquer la loi islamique dans toute sa rigueur.

    merci et bonne chance.

  13. إلى أي نقطة من النص يشر [2] رواه البخاري ومسلم
    هل أنت ماسوني؟

    من تكون أنت حتى تقرر في نما شرعه الله
    إن طبقوا التشريعات أو لم يطبقوها فلهم أو عليهم لكن أن تجر نفسك إلى شيء قد يجرك إلى الهلاك (يوم الحساب) فهذا أمر مثير للجدل.
    هل تريد مناقشة شرعية تطبيق تلك القوبات (أقصد الشرعية الدينية) أم تريد إرضاء من لم يرضيهم ذلك؟
    الإسلام يا أخي إن أنقصت منه فهو ناقص وإن زدت عليه فقد وقعت في البدع. فهو كما هو أن تقبل به كله أو بعضه فهذا شأنك لكن لا يحق لك أن تناقش أو تفرض على غيرك بما تراه أنت أو غيرك أصوب.
    الإسلام ليس بحاجة إلينا بل نحن من هم بحاجةإليه، أيهما أخطر حسب رأيك؟ أن تطبق تلك الشعائر، أو إلى ما حال عليه حال المسلمين وأقصد الزنى الذي إنتشر بين المسلمين، وذلك بدعمهم وإجتهادهم وتفانيهم في ذلك لا لكونه يعتبر من الحريات الأساسية للفرد لديهم، بل لكونه أجدى سلاح يمكنهم إستعماله للسيطرة على العالم، العامل الأكثر مردودية لتجارتهم غير إنسانية على الإطلاق.

    أخيرا أضنك تعلم ما أقصد. وأضنك لا تخدم دينك مطلقا. وأضنك من دعاة النظام العالمي الجديد. أخي مهما كنت ومهما كانت الجهة التي تخدمها. لي أن أقول لك. الإسلام أعلى من أن تطاله أيديكم ونظامكم العالمي الجديد لن يكون إلا نقمة على من خدموه وعملوا له. ننتظر منكم أكثر من هذا -أعلم ذلك-. لكن ما ينتظركم من أنفسكم أعضم وأشد.

    للمسلمين إمام يقودهم، دع ما هو للإمام للإمام وما هو قيصر إلى قيصر

    لو أنك بحث عن قضايا تصلح بها شأن المسلمين ونويتها لوجه الل لكنت قد وجدت ما يمكن أن تكرس له علمك وثقافتك، ولكنت قد رضيت ونفعت به نفسك والمسلمين جميعا وحتى غير المسلمين.
    فنحن لم نسقط ناطحتي السحاب لكنهم فعلوا. فليحاولوا أن يكونوا أكثر إنسانية منا

    تحياتي الخالصة

  14. salamo alaykom
    meme si je suis pour ces lois divines ,qui restent tout le temps valables .
    mon frere tariq que dieu te preserve pour cette oumma ,quand je vous ai entendu parler des trois conditions qui doivent se reunir pour pouvoir exercer ces lois j etais tout a fait d accord mais quand je lis : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما (النساء:65)، فهذه الآية تسلب وصف الإيمان عن كل من لم يحتكم في أمره كله إلى شرع الله ورسوله. je sais que la chose est plus dangereuse que j ai cru.
    salam

  15. Même si je suis tout a fait pour ces lois divines qui restent tout le temps valables,pour la simple raison .allah swt dit:فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما (النساء:65 Je demande du dieu swt de te preserver frere tariq pour cette oumma .
    salam

  16. il faut apliqué la lois de dieux parceque on peut pas faire des lois mieux que dieux j’etudie le droit est j’ai constatè que les lois faite par l’homme sont inneficasse

  17. Essalamou Alaikoum

    J`ai suivi pal mal de fois les debats que mene Mr Tarik Ramadan face aux occidentaux et surtout face aux ennemis de l`islam en europe et ailleurs

    A chaque fois il lui posent les memes questions sur la lapidation et autres

    Croyez vous que ces memes gens osaient-ils poser ces questions la si nous en tant que monde musulman et arabe etions dignes de representer positivement et correctement notre religion qui est l`Islam?

    bien sure que non.

    Je veux dire que si nous etions capables de vivre l`islam veritable comme dieu l`a ordonne et comme le prophete Mohamed Alih essalat wa assalam l`a montre nous aurions pu appliquer toutes ces regles de comdanation citees dans le coran sans qu`aucun individu puisse nous le repprocher

    Malheureusement c`est tout a fait le contraire qui se passe.

    Pas de justice, pas de securite, pas de respect, pas d`education, pas et pas et pas…

    Apres tout cela nous insistons sur le fait d`appliquer les regles de comdanation fermement comme indique dans le coran

    c`est totalement faux
    Il faudra d`abord appliquer tout le coran avant de passer a l`application de ces regles
    Justice, dignite, securite, savoir apres le reste viendra naturellement sans que personne ne pourra nous le repprocher

    1. لاتحللون ما حرم الله عليكم و لا تحرمون ما حلل الله لكم لان هذه صفات المشركين و قبل كل شي اذا الكتاب المقدس البايبل ينص على نفس العقوبات (كالرجم) و غيره و مع هذا اليهود و النصارى يؤمنون فيه وفي كل ما هو مكتوب ولم نسمع من قبل ابدا بمثل هذا النداءات و الاعلانات لتغيير احكام البايبل فلماذا انتم المسملين الموحدين ترديون تغيير شرع الله بحجج واهيه؟

      اتمنى انكم تعقلوا و تفهموا و تفقهوا و تعوا ما تقولون و خافوا الله في المسلمين…

  18. I have already been online on the internet more than Three hours nowadays, however i never discovered any appealing content just like yours. It really is rather price plenty of personally. For my part, if perhaps just about all internet masters as well as blog writers designed ideal content material when you likely did, online will most likely be a lot more helpful than any other time.

Leave Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

نداء دولي إلى تعليق [موراتوريوم] العقوبات الجسدية، الرجم و الحكم بالإعدام

نداء دولي إلى تعليق [موراتوريوم] العقوبات الجسدية، الرجم و الحكم بالإعدام
في العالم الإسلامي

* مدخــــــــــــــــــــــــل :

بصفة منتظمة، يواجه المسلمون في العالم و المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة مسألة تطبيق أحكام مرتبطة بالقوانين الجنائية الإسلامية. وسواء تمّ الرجوع في ذلك إلى مفهوم « الشريعة » أو تمّ الاقتصار على »الحدود » [1] فانَ مفردات النقاش تحدَدها اليوم مسألة مركزية في الجدال الدائر بين العلماء، و/أو بين المسلمين : ما هو أن يكون المرء مخلصا لرسالة الإسلام في الحقبة الزمنية المعاصرة؟ و فضلا عما هو واجب على كل واحد من المسلمين في حياته الشخصية، ما المطلوب من مجتمع قد يعرَف نفسه على أنَه « إسلامي »؟ .
من المعلوم أنَ هناك عدة تيارات فكرية في العالم الإسلامي وأنَ الخلافات بينها متعدَدة، عميقة ومتكرَرة. من تلك التيارات، أقلية تطالب بالتطبيق الفوري والحرفي للحدود، لأنَ هذا التطبيق – حسب رأيها – شرط أوَلي لا محيد عنه بالنسبة لـ « مجتمع ذي أغلبية مسلمة » حتى يعتبر بالفعل مجتمعا « إسلاميا ». وهناك تيارات أخرى تنطلق من عامل واقعي، هو أنَ الحدود موجودة فعلا في النصوص المرجعية [القرآن والسنة]، وترى أنَ تطبيق الحدود أمر مشروط بحالة المجتمع، الذي يجب أن يكون أوَلا عادلا، وبالنسبة للبعض « مثاليا ». بالتالي فإنَ الأولوية تبقى للعمل على إقامة العدل الاجتماعي، ومحاربة الفقر والأمية، إلخ. وهناك في الأخير فئة، قليلة هي الأخرى، تعتبر النصوص المتعلقة بالحدود متجاوزة تماما، وترى أنَ هذه المرجعيات لم يعد لها مكان في المجتمعات المسلمة المعاصرة.
وهكذا نرى أنَ الآراء مختلفة و أنَ المواقف تبدو في الغالب محسومة، دون أن يكون في الإمكان القول بأنَ أدلة هؤلاء وهؤلاء حول هذا الموضوع المحدَد، هي حقيقة واضحة وموَضَّحة. وفي الوقت الذي نكتب فيه هذه السطور، ومع أنَ النقاش الحقيقي داخل المجتمعات الإسلامية هو شبه غائب، والمواقف عائمة، بل في الغالب غامضة، فإنَ نساء ورجالا تطبَق عليهم هذه العقوبات دون أن يكون عليها إجماع بين المسلمين.
بالنسبة للمسلمين، الإسلام هو رسالة مساواة وعدل. ووفاء منا لهذه الرسالة، نشعر بأنَ استمرارنا في صمت تجاه هذا التطبيق غير العادل لمرجعيتنا الدينية لم يعد ممكنا. و لهذا كذلك يجب أن تتحرَر الكلمة ويتحرَر النقاش، و أن لا يستمر الاكتفاء بأجوبة عامة، محرجة، وأحيانا ملتبسة. إنَ هذا الصمت وهذه التشنجات الفكرية ليست جديرة بوضوح رسالة الإسلام العادلة.
فباسم مصادر الإسلام المقدَسة، وباسم التربية والتعليم الإسلامي، وأخيرا باسم الضمير المسلم المعاصر، هناك أمورا يجب أن تقال وقرارات يجب أن تتخذ.

* أقوال أغلبية العلماء:

يعترف جميع العلماء، في الماضي كما في الحاضر، وفي جميع التيارات الفقهية والفكرية، بوجود نصوص مقدَسة تشير إلى العقوبات الجسدية [القرآن والسنة] وإلى رجم الزناة رجالا ونساء [السنة]، وإلى عقوبة القتل [القرآن والسنة]. والأمر يتعلق هنا بالمضامين الموضوعية للنصوص التي لم يناقشها العلماء أبدا.
والاختلافات بين العلماء وبين مختلف المذاهب [نصيين، إصلاحيين، إلخ.] هي اختلافات تتعلق أساسا بتفسير بعض هذه النصوص و/أو بشروط تطبيق العقوبات المتعلقة بالقانون الجنائي الإسلامي [طبيعة المخالفات والجرائم المرتكبة، الشهود، السياقات الاجتماعية والسياسية، إلخ.]، أو في الأخير – بصيغة أكثر شمولية وأكثر جوهرية – بمستوى التلاؤم مع الحقبة الزمنية المعاصرة.
إنَ أغلب العلماء، عبر التاريخ وإلى يومنا هذا، متفقون على أنَ هذه الأحكام هي إسلامية بالفعل، ولكن « الشروط المطلوب توفَرها » من أجل تطبيقها هي تقريبا مستحيلة التجميع [خصوصا فيما يتعلق بالرجم]، وبالتالي فهي تكاد تكون « غير قابلة للتطبيق أبدا « . إنَ للحدود خصوصا « نزعة ردعية » هدفها هو التحسيس بخطورة الأفعال الموجبة لمثل تلك العقوبات في أذهان المؤمنين.
إنَ من يقرأ كتب العلماء ويسمع محاضراتهم وخطبهم، و من يسافر داخل العالم الإسلامي أو يقارب الجاليات المسلمة في الغرب، سوف يسمع بدون شك وبدون تغيير، هذه الصيغة من طرف المراجع الدينية : « تكاد تكون غير قابلة للتطبيق أبدا « . هذه الصيغة تمكَن أغلب العلماء والمسلمين من تلافي التوغَل في قلب المسألة دون أن يعطي ذلك انطباعا بأنَهم غير مخلصين للمصادر الإسلامية المقدَسة. أمَا التعاطي الآخر مع المسألة فهو تجنَبها و/أو لزوم الصمت تجاهها.
ما يجري على أرض الواقع ؟ :
كنَا نود لو أن تفسَر هذه الصيغة : « تكاد تكون غير قابلة للتطبيق » على أنَها ضمانة لحماية النساء والرجال أمام عقوبات قامعة وظالمة؛ كنَا نتمنى لو أنَ تلك الشروط كانت دعوة إلى إقامة العدل بين البشر أمام القانون من طرف الحكومات والمشرَعين المنتسبين للإسلام. إلاَ أنَ شيئا من ذلك لا يحصل.
فالواقع أنَه وراء خطاب إسلامي يقلَل و يعمل على تقليم الأظافر تحت غطاء هذه الـ « تكاد لا… »، هناك نساء ورجال يعاقبون، يجلدون، يرجمون، و يقتلون باسم تطبيق الحدود، من غير أن تتحرَك ضمائر مسلمي العالم أجمع، كما لو لم يكن أحد يعرف، و كما لو كان الأمر يتعلق بإخلالات بسيطة بتعاليم الإسلام. لكن هذه الأحكام – بإمعان، و في ظلم متفاقم- لا تطبَق إلاَ على النساء والفقراء، ليصبحوا بذلك ضحايا مزدوجين. ولا تطبَق أبدا على الأغنياء، أو على الحاكمين والطغاة. أضف إلى هذا أنَ بعض السجناء ليس لهم الحق في دفاع جدير بهذا الاسم : هناك أحكام بالإعدام تقرَر وتنفَذ في حق نساء و رجال، بل و حتى في حق أطفال [معارضين سياسيين، مروّجين، جانحين، إلخ.] دون حتى أن يتمكَنوا من لقاء أي محامِ. وهكذا، بعد أن كانت لنا علاقات ضبابية مع مصادرنا المقدَسة، ها نحن نستقيل أمام خيانة رسالة الإسلام العادلة.
إنَ للمجتمع الدولي كذلك مسؤولية كبرى وواضحة أمام التعاطي مع مسألة الحدود في العالم الإسلامي. فالتنديد يتم بانتقائية ويتعامل على أساس حسابات و حماية المصالح الجيوستراتيجية والاقتصادية. فعندما تحاول دولة فقيرة من دول إفريقيا أو آسيا أن تطبَق الحدود أو الشريعة، تواجه حملات دولية، كما رأينا ذلك مؤخرا. لكن الأمر يختلف عندما يتعلق الأمر بالدول الغنية، بممالك البترول و/أو الدول التي تعتبر « حليفة »، حيث يتم شجبها بشكل خجول، أو لا تشجب إطلاقا، وذلك على الرغم من تطبيق كثيف ومعروف لهذه الأحكام في حق الفئات الأكثر فقرا وضعفا في المجتمع. وكثافة التنديدات تختلف لتتناسب مع المصالح المرتهنة. وهذا ظلم إضافي.

* عواطف الشعوب، تخوَف العلماء :

إنَ من يسافر في العالم الإسلامي ويخالط المسلمين يجد نفسه أمام استنتاج يفرض نفسه : في كل مكان تظهر الشعوب تتشبثا بالإسلام وبتعاليمه. هذه الحقيقة – وهي مهمة في حد ذاتها – يمكن أن تبدو مثيرة، وخطيرة تماما، وذلك عندما تكون طبيعة هذا التشبث قائمة على الانفعال، دون معرفة ولا فهم جديد للنصوص، بقليل من المسافة أو بدون أدنى مسافة نقدية تجاه مختلف تفاسير العلماء، ولا الوضع الضروري للأمور في سياقاتها، ولا تجاه طبيعة الشروط الواجب توفَرها، بل تجاه حماية حقوق الأفراد وإقامة العدل.
فيما يخص مسألة الحدود، نشاهد أحيانا حالات شغف شعبية تتمنى أو تطالب بالتطبيق الحرفي والفوري لأنَ أصحاب هذه الحالات يعتقدون أنَ الحدود تضمن الصفة « الإسلامية » للمجتمع. والواقع أنَه ليس نادرا أن نسمع مسلمات ومسلمين من الشعب [متعلَمين أو غير متعلَمين، وفي الغالب فقراء ومحتاجين] يدعون إلى تطبيق شكلي وصارم لـ « الشريعة »، دون إدراك أنَهم قد يكونون أوَل ضحاياها. و عندما ندرس هذه الظاهرة نفهم أنَ هناك نوعين من التفكير وراء هذه المطالب:
1- التطبيق الحرفي والفوري للحدود يجعل المرجعية الإسلامية مرئية قانونيا واجتماعيا. إنَ التشريع، بصرامته، يعطي الانطباع بالإخلاص للأمر القرآني الذي يفرض امتثالا صارما للنص. وعلى المستوى الشعبي، رأينا في الدول الإفريقية والعربية والآسيوية، و حتى الغربية، أنَ القسوة، بل التصلب في التطبيق، هو الذي يمنح بعدا إسلاميا في الذهنية الشعبية.
2- بالمقابل، تغذَي انتقادات وإدانات الغرب شعورا بالإخلاص لتعاليم الإسلام تبعا لمنطق التقابل؛ الأمر بسيط وتبسيطي: معارضة الغرب الشرسة دليل كافٍ للخصوصية الإسلامية لتطبيق الحدود. وهناك من سيقتنعون وهم يؤكدَون أنَ الغرب قد فقد منذ مدة طويلة مرجعياته الأخلاقية وأصبح جد متساهل حتى أنَ القانون الجنائي الإسلامي، الذي يعاقب السلوكيات التي تعتبر غير أخلاقية، هو بالمقابل البديل الوحيد عن « الاندحار الغربي ».
هذه الأفكار الشكلانية والتقابلية خطيرة جدا، لأنَها تسعى إلى أن تضفي صفة إسلامية على تشريع ليس من أجل ما يدعو إليه، وليس لأنَه يحمي و يطبَق العدل، ولكن لأنَه يعاقب بقسوة، وظاهريا لأنَ هناك بعض السلوكيات المناقضة والمعارضة لقوانين الغرب التي تعتبر جد متساهلة أخلاقيا [3]. ونحن نرى أنَ هناك اليوم جاليات أو شعوبا مسلمة تكتفي أحيانا بهذا النوع من الشرعية لتدعم حكومة أو حزبا يدعو إلى تطبيق الشريعة في مفهومها كتطبيق حرفي وفوري للعقوبات الجسدية، مثل الرجم والقتل.
ويمكن أن نلاحظ نوعا من الشغف الشعبي، خصوصيته الأولى هي الرغبة في الرد على مختلف أنواع الإحباط و الإهانة عن طريق تأكيد الهوية. يدرك هذا الشغف نفسه كإسلامي [معادٍ للغرب]، ولكنَه لا يتأسس على فهم أهداف ومقاصد الإسلام و مختلف التفاسير والشروط المرتبطة بتطبيق الحدود.
و أمام هذا الشغف، يظل العديد من العلماء حذرين خوفا من فقدان مصداقيتهم لدى جموع الجماهير. كما نلاحظ أنَ ثمة عواطف شعبية تمارس نوعا من الضغط السيكولوجي على العمل التشريعي للعلماء، في حين أنَه من الطبيعي أن يظل هذا الأخير مستقلا حتى يتمكَن من تعليم الشعوب واقتراح البدائل. إنَ الظاهرة معكوسة اليوم : أغلب العلماء يخشون مواجهة المطالب الشعبية التي تكون أحيانا تبسيطية، ومفتقرة إلى رصيد معرفي كافي، ومندفعة، كل ذلك خوفا من فقدان وضعهم الاعتباري و خشية أن يعتبروا جد متساهلين، و أنَهم ليسوا جد صارمين ، و جد متغرَبين، و ليسوا إسلاميين بالقدر الكافي.
إنَ واجب العلماء يفرض عليهم أن يكونوا الضامنين لقراءة معمَقة للنصوص، وللوفاء والإخلاص لأهداف العدل والمساواة، ولدراسة نقدية للشروط والسياقات الاجتماعية. عوض ذلك أ صبح العلماء منساقين إلى القبول بالشكلانية [تطبيق فوري وغير محيَن]، أو بالتفكير التقابلي التبسيطي [غرب أقل، يساوي إسلام أكثر]، أصبحوا يتخفَون وراء صيغ تحميهم، من دون العمل على الإتيان بحلول للظلم الذي يعانيه النساء والفقراء والضعاف : [« تكاد لا تطبَق »].

* الجمود المستحيل : مسؤوليتنا.

إنَ العالم الإسلامي يمر من أزمة عميقة، أسبابها و مظاهرها متعدَدة وأحيانا متناقضة. فالأنظمة السياسية في العالم العربي منغلقة في الغالب، و كثيرا ما تعتمد المرجعية الإسلامية وسيلة للاستغلال فقط. أمَا الرأي العام، هو إمَا مكتوم الأنفاس أو مندفع بشكل أعمى [إلى درجة الانخراط، بل وحتى المطالبة بالتطبيق الأكثر قمعا والأقل عدلا لـ « الشريعة الإسلامية » وللحدود].
أكثر تحديدا، في مجال الشأن الديني، يمكننا أن نلاحظ وجود أزمة سلطة مصحوبة بغياب النقاش الداخلي بين العلماء من مختلف المذاهب الفكرية، وداخل المجتمعات والجاليات المسلمة. ينتج عن ذلك تعدَد في الآراء. هذا التعدَد، إذا كان مقبولا في حد ذاته في الإسلام، فانَه يؤول اليوم إلى فوضى عامَة تتعايش داخلها الآراء الإسلامية الأكثر تعارضا والأكثر تناقضا، والتي يدَعي كل منها « صفته الإسلامية » دون الآخرين جميعا. وأمام هذه البلبلة التشريعية، فإنَ الأمر ينتهي بالشعوب و بعامة المسلمين إلى أن يصبحوا متحمسين بـ « الانطباع العاطفي » أكثر ممَا تدفعهم الآراء القائمة على المعرفة والفهم السليم للمبادئ و للقواعد الإسلامية [الأحكام].
يجب أن ننظر إلى الواقع بصراحة. إنَ الأزمة الرباعية المتمثلة في نظم سياسية منغلقة و قمعية، و في سلطة دينية متشتتة، و في مطالب متناقضة، و في شعوب محرومة من التعليم، مأخوذة بتشبث صادق بتعاليم الإسلام، تشبث عاطفي وانفعالي أكثر مما هو نابع عن تفكير عميق، هذه الأزمة لا يمكن أن تبرَر صمتنا المتواطئ والمذنب، في الوقت الذي يتعرَض فيه رجال ونساء لعقوبات الرجم والجلد باسم تطبيق شكلاني وانتهازي للأصول النصية المقدَسة للإسلام. إنَها مسؤولية المسلمين في العالم أجمع. فإليهم تعود مهمة رفع تحدي الإخلاص لرسالة الإسلام في الحقبة الزمنية المعاصرة؛ وهم الذين يجب أن يشجبوا أي نقص أو إخلال بتعاليم دينهم، حيثما ارتكبت ومهما كانت الجهة المسلمة أو الشخص المسلم الذي يخل بها. قال الرسول صلى الله عليه وسلَم: « انصر أخاك ظالما أو مظلوما ». قال رجل : يا رسول الله، أنصره مظلوما، فكيف أنصره ظالما؟ » قال [ص] : « تردَه عن ظلمه، فذلك نصر له » [4].
هذه هي مسؤولية كل عالم وكل ضمير وكل رجل و كل امرأة، حيثما وجدوا. إنَ مسلمي الغرب يتخفون أحيانا وراء ذريعة أنَ تطبيق الشريعة أو الحدود لا يعنيهم لأنَها غير مفروضة عليهم بحكم أنَهم « أقلية » [5]. و هكذا يلتزمون في هذا المجال صمتا مريبا وثقيلا، أو يصدرون شجبا وتنديدا من بعيد، دون السعي إلى تحسين الأوضاع والعقليات. لكن هؤلاء المسلمين والمسلمات، الذين يعيشون في فمضاءات من الحرية السياسية، والذين يتوفرون على إمكانية الولوج إلى التعليم وإلى المعرفة، عليهم – باسم تعاليم الإسلام نفسها – مسؤولية كبرى في السعي إلى تحسين الأوضاع، وفتح نقاش حقيقي، وإدانة الظلم الذي يمارس باسمهم، والعمل على إيقافه.

* نداء و أســــئــــلـــــــــــــة:

بالنظر إلى كل هذه الاعتبارات، نطرح اليوم نداء دوليا من أجل تعليق فوري للعقوبات الجسدية، الرجم والحكم بالإعدام في جميع الدول ذات الأغلبية المسلمة.
وعلى اعتبار أنَ آراء العلماء ليست صريحة ولا مجموع عليها [بل لا تتوفر على أغلبية واضحة] فيما يتعلق بفهم النصوص وتطبيق الحدود؛ و حيث أنَ الأنظمة السياسية وأوضاع المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة لا تضمن تعاطيا عادلا للأفراد أمام القانون، فإنَه من مسؤوليتنا الأخلاقية والدينية أن نطالب بأن يوضع فورا حد لتطبيق الحدود التي يتم إقرانها خطأ بـ « الشريعة الإسلامية ».
هذا النداء تصاحبه سلسلة من الأسئلة الأساسية موجَهة إلى السلطات الدينية الإسلامية في العالم، سواء كانت سنية أو شيعية، ومن أي مذهب كانت [حنفي أو مالكي أو شافعي أو حنبلي]، ومهما كانت مدارسها الفكرية [نصية أو سلفية أو إصلاحية، إلخ.]:
1- ما هي، بالتحديد في المصادر النصية المقدسة للإسلام، فيما يسمَيه المتخصصون بـ « الحدود »، النصوص [وما درجة صحة كل منها] التي تحيل على العقوبة الجسدية، على الرجم وعلى حكم الإعدام؟ ما هي الهوامش الممكنة في التأويل، وفي أي مجال كانت نقط الاختلاف عبر تاريخ التشريع الإسلامي إلى غاية الحقبة الزمنية المعاصرة؟ .
2- ما هي الشروط الموضوعة لكل حكم في النصوص الشرعية نفسها وفي إجماع العلماء أو من طرف علماء منفردين عبر تاريخ الفقه والتشريع الإسلامي؟ ما هي الاختلافات التي كانت مرتبطة بهذه الشروط، وما هي أنواع « ظروف التخفيف » التي سبق أن تمَ إقرارها من طرف هذه المرجعية الدينية أو تلك عبر التاريخ وفي مختلف المذاهب الفقهية؟
3- لقد اعتبر دائما العلماء الواقع الملائم شرطا لتطبيق الحدود، نظرا لأهميته البالغة التي تقتضي معالجة خاصة [مشاركة المثقفين والمفكرين في النقاش، خصوصا المتخصصون منهم في العلوم الإنسانية]. في أي سياق إذن يمكن التفكير اليوم في تطبيق الحدود؟ ما هي الشروط الواجب توفَرها في ما يخص النظام السياسي وتطبيق التشريعات العامَة : حرية التعبير، المساواة أمام القانون، تعميم التعليم، حالات الفقر والعزلة الاجتماعية، إلخ؟ ما هي في هذا المجال نقط الخلاف بين المذاهب الفقهية وبين العلماء، و على ماذا تقوم هذه الاختلافات؟.
إنَ دراسة هذه الأسئلة يجب أن تتم بما يؤدي إلى توضيح مفردات النقاش فيما يخص مناطق التأويل المسموح بها من طرف النصوص نفسها، مع الأخذ بالاعتبار ما يحدَد وضعية المجتمعات المعاصرة وتطوَرها. هذا التفكير الداخلي للأمة يتطلب جهدا فكريا مزدوجا على مستوى النصوص وعلى مستوى السياقات الواقعية، مع الحفاظ على الإخلاص لمقاصد رسالة الإسلام : يجب أساسا أن يمكَننا هذا التفكير من إيجاد الجواب لسؤال معرفة ما هو قابل للتطبيق [وعلى أي أساس] وما لم يعد قابلا للتطبيق [ اعتبارا للظروف المطلوبة التي أصبح توفَرها مستحيلا، واعتبارا لتطور المجتمعات التي ابتعدت كليا عن المثال المطلوب].
هذا المسعى، من الداخل، يتطلب جهدا كبيرا وجادا، ووقتا، كما يتطلب إقامة فضاءات للحوار والنقاش الوطني والدولي بين العلماء، والمثقفين والمفكرين المسلمين، ووسط الشعوب والمجتمعات الإسلامية، بما أن الأمر لا يتعلق فقط بما له علاقة بالنصوص، ولكن كذلك بالسياقات وبالواقع. وإلى أن يتم ذلك لا يمكن بحال أن يستمر العمل بتطبيق عقوبات ليس من شأنها إلاَ أن تمنح مصداقية لأحكام ظالمة كما يحدث الآن[4]. إنَ تعطيلا لهذه الأحكام أصبح يفرض نفسه من أجل فسح الطريق أمام نقاش حقيقي يجري في إطار من الرصانة والوضوح، دون أن يستغل أبدا كذريعة لتوظيف الإسلام.
ويجب أن تتوقف فورا كل حالات الظلم التي تقترف باسم الإسلام.

* بين النص و المقاصد : الإخلاص:
هناك من يفهم، وسيفهم هذا النداء على أنَه دعوة إلى عدم احترام المصادر النصية المقدسة للإسلام. وهذا يعني بالنسبة له أن المطالبة بالتعطيل هي أمر مناف للنصوص القطعية للكتاب والسنة. بينما الأمر يتعلق بعكس هذا تماما : جميع النصوص المتعلقة بمجال الحقوق تتطلب قراءة على ضوء الغايات التي تبرَرها [المقاصد]. و من الغايات الأساسية والسامية نجد الحفاظ على النفس وإقامة العدل. بينما التطبيق الحرفي للحدود، دون وضع النصوص التي شرعتها في سياق التطبيق، ودون احترام الشروط الصارمة والمتعددة المذكورة ليس سوى التزاما شكليا بتعاليم الإسلام، و هو خيانة في الحقيقة وإخلال بمقاصد الشرع، ذلك أنَه مؤهَل إلى أن ينتج – حسب سياق التطبيق – ظلما بيِّنا.
لقد عطَل الخليفة عمر بن الخطاب بالفعل حد السرقة في عام الرمادة عندما عمَ الجوع بسبب القحط. هذا مع أن النص القرآني قطعي وواضح كل الوضوح في المسألة. ولكن الوضع الاجتماعي حال دون تطبيق هذا النص تطبيقا حرفيا، تطبيق غير عادل : فقد كان من شأن ذلك التطبيق أن يؤدي إلى عقاب فقراء اضطروا للسرقة بهدف وحيد هو سد الرمق لتجنَب الموت جوعا بسبب الفقر المدقع. و هكذا، فباسم مقصد العدل المفروض في الرسالة الشاملة للإسلام، قرَر عمر بن الخطاب إذن تعطيل تطبيق نص قرآني: إنَ الالتزام بوفاء تام لهذا النص كان سيترتب عنه إخلال بالوفاء لهذه القيمة السامية للإسلام التي هي العدل. إنَه باسم الإسلام إذن، و في إطار فهم حقيقي للنص، عطَل عمر بن الخطاب تطبيق هذا النص. وهكذا فالتعطيل الذي ندعو إليه يجد هنا سابقة تاريخية ذات أهمية بالغة.
إنَ التفكير المتدبِّر والإصلاح الضروري في المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة لا يمكن أن يأتي إلاَ من داخل هذه المجتمعات. فعلى المسلمين والمسلمات أن يتحمَلوا مسؤوليتهم و أن ينطلقوا في هذه الحركة التي تفتح باب النقاش و الحوار داخل الأمَة، و أن يرفضوا أن تجد المظالم مشروعيتها و مبرَرات تطبيقها باسم الإسلام، أي باسم المسلمين و المسلمات أنفسهم. إنَ ثمة ديناميكية داخلية النمو أصبحت أمرا مطلقا.
هذا لا يعني أنَه يجب تجاهل الأسئلة التي يضعها مثقفون أو مواطنون غير مسلمين، بل العكس هو الصحيح. يجب أن تكون كل الأطراف في الاستماع إلى الآخر و إلى نقط مرجعياته و إلى منطقه وإلى آماله. يجب أن يرحَب المسلمون بجميع الأسئلة التي ترد عليهم من طرف جميع إخوانهم في الدين أو من طرف الرجال والنساء الذين لا يشاركونهم قناعاتهم : بعد ذلك يعود إليهم وحدهم أن يقوموا بعملية تمحيص وإنضاج أفكارهم؛ من الداخل سيكون ذلك أكثر وفاء وإخلاصا لمطلب العدل في الإسلام، مع الأخذ بعين الاعتبار متطلبات الحقبة الزمنية المعاصرة.
* الخاتمة :

هذا النداء الداعي إلى التعطيل الفوري للعقوبات الجسدية، الرجم والحكم بالإعدام، هو مطلوب بإلحاح على أكثر من مستوى. إنَنا ندعو من خلاله إلى إثارة وعي كل واحد حتى يحس بأنَه معني بما يجري من توظيف للإسلام ومن معاملة مهينة يتعرَض لها رجال ونساء في بعض المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة وسط صمت متواطئ وفوضى عامَة فيما يخص الآراء الفقهية في هذا المجال. وهذا الوعي يتطلب:
– تعبئة عامَة المسلمين عبر العالم ليحثوا حكوماتهم على إقرار تعطيل فوري لتطبيق الحدود، وإلى فتح نقاش واسع بين الجميع [نقد عقلاني ومدعَم بأدلة]، وبين العلماء والمفكرين والقادة والشعوب.
– مساءلة العلماء وحثهم على أن يجرؤوا على شجب الظلم وتوظيف الإسلام في مجال الحدود، وحتى ينادوا باسم نصوص الإسلام نفسها وإخلاصا لها إلى تعطيل فوري لتطبيق الحدود، سائرين في ذلك على أثر نموذج عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
– الرقي بمستوى تعليم وتربية الشعوب حتى تتجاوز سراب الشكلانية والمظاهر. فتطبيق إجراءات زجرية قامعة، والتركيز على العقوبات، لا يمكن أن يجعل من شعب أكثر التزاما بتعاليم الإسلام : بل إنّ القدرة على إقامة العدالة الاجتماعية وحماية السلامة الشخصية لكل فرد، رجلا كان أو امرأة، غنيا أو فقيرا، هي التي تحدَد وفاء الدولة والمجتمع وإخلاصهما الحقيقي. إنَ المعيار في الإسلام هو الحقوق التي تتم حمايتها وليست العقوبات التي يتم إلحاقها [والتي لا يمكن أن تكون إلا استثناء جد مشروط].
– إنَ هذا الإصلاح من الداخل، من طرف المسلمين وباسم رسالة الإسلام ونصوصه المرجعية، لا يجب أبدا أن يؤدي إلى التخلي عن الاستماع إلى العالم المحيط بنا وإلى الأسئلة التي يثيرها الإسلام في ذهنية غير المسلمين : ليس للاستسلام والخضوع لأجوبة « الآخر/ »الغرب »، ولكن للبحث في مرآته عن سبل للبقاء أحسن وأكثر وفاء وإخلاصا للذات، بشكل بنَاء أكثر.
إنَنا ندعو جميع الذين واللواتي سوف ينضمَون إلى هذا النداء، أن يلتحقوا بنا ويُسمعوا أصواتهم حتى يتوقف فورا تطبيق الحدود في العالم الإسلامي، وتتم إقامة حوار عميق حول المسألة. إنَه باسم الإسلام، وباسم نصوصه ورسالته العادلة، لا يمكننا أن نقبل أن يعاني رجال ونساء من عقوبات مميتة في صمت متحرَج ومتواطئ، وجبان في الأخير.

لقد أصبح من المستعجل على مسلمي ومسلمات العالم أن يرفضوا الشرعنة الشكلانية لتعاليم دينهم، وأن يتصالحوا مع عمق رسالة الإسلام التي تدعو إلى صفاء الروح وتتطلَب التربية واحترام التعددية.
لن ينصلح حال المجتمعات بالإجراءات الزجرية القامعة وبالعقوبات، بل بالتزام كل واحد بالعمل على إقامة دولة الحق، والمجتمع المدني، واحترام الإرادة الشعبية، وإقامة تشريع عادل يضمن المساواة أمام القانون بين الرجال والنساء، بين الفقراء والأغنياء. لقد أصبح من المستعجل إطلاق حركة للدمقرطة تدفع إلى نقل الشعوب من حالة استحواذ ما يعاقب عليه القانون إلى المطالبة بما يجب أن يحميه القانون: ضمائرهم وآراؤهم، أنفسهم، حريتهم وحقوقهم.

جنيف في18 مارس 2005
طارق رمضان

[1] في الدول المسلمة نفسها فإن القوانين التي تعتبر « مستمدة من الغرب » غالبا ما يتم التعاطي معها كأدوات تستعمل من طرف الحكومات الدكتاتورية للمخادعة و إضفاء المشروعية على صفتهم الأوتوقراطية، وأكثر مخاتلة وتكتما من أجل العمل على التغريب الثقافي والأخلاقي للمجتمع.
[2] رواه البخاري ومسلم.
[3] هذه الحجَة ضعيفة وخطيرة لكونها تبرَر ضمنيا تطبيق الحدود في السياق الحالي لمجتمعات « أرض الإسلام ».
[4] الشكوك يجب أن تكون في مصلحة المتهم دائما حسب قاعدة عالمية للحق.[وهذه قاعدة جوهرية، ومنذ الأصول الأولى، وتقوم على قاعدة مصادر النصوص المقدسة، للشريعة الإسلامية].

Leave Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

دعوة عالمية من أجل (موراتوريوم) تعليق العمل بالعقوبات الجسدية وعقوبة الرجم والحكم بالإعدام في العالم الإسلامي

يتعرض المسلمون عموما  والجاليات الإسلامية علي وجه الخصوص لسؤال أساسي وإن  بات روتينيا من فرط ما طرح علي طاولة  البحث وهو يتعلق ب تطبيق العقوبات ذات الصلة بقانون العقوبات الإسلامي. بالإشارة إلي مسألة تطبيق الشريعة أو بشكل أضيق موضوع الحدود.  واللافت في الأمر أن النقاش حول هذا الموضوع  يقدم  في صورة أسئلة تحض علي التفكير بين جمهور العلماء أو عموم المسلمين. من بين هذه التساؤلات هو كيف يكون المرء مخلصا لرسالة الإسلام في المرحلة الراهنة ؟ كيف يمكن للمجتمع أن يعرف نفسه بأنه مجتمع مسلم بحق بخلاف ماهو مطلوب من كل فرد مسلم في حياته اليومية؟

 

في العالم الإسلامي اليوم هناك تيارات متنوعة والأختلافات بينها لا حصر لها وهي إختلافات عميقة ومتكررة. وتطالب بعضا من هذه التيارات الفكرية -والتي تمثل أقلية صغيرة- التطبيق الفوري والصارم للحدود معتبرين أنها أمرا حاسما في توصيف مجتمع الغالبية المسلمة بكونه مجتمعا إسلاميا. بينما هناك تيارات أخري تعتمد علي كون موضوع الحدود قد ورد ذكره في النصوص المرجعية كالقرأن والسنة وهؤلاء يعتبرون أن تطبيق الحدود لابد وأن يكون مشروطا بوضعية المجتمع وهو في هذه الحالة لابد وأن يكون عادلا وبالنسبة لبعض منهم « مثالي ». الأولوية إذن تتمثل في دعم مبدأ العدالة الإجتماعية ومحاربة الفقر ومعدلات الأمية العالية. ثم هناك أخرون- وهم بمثابة أقلية-  ترفض النصوص المتعلقة بالحدود وتعتبر أن هذه  المصادر ليس لها مكان في المجتمعات الإسلامية الحديثة

 

ويمكن للمرء ملاحظة إنقسام الأراء الحاصل حيال هذه المسألة ومن الصعوبة بماكان فهم بوضوح ماهية الطروحات المختلفة. و حتي أثناء كتابة هذه العريضة  مازال الغموض يلف المواقف ولا يبدو أن ثمة مجال للنقاش والجدل داخل المجتمعات الإسلامية بينما يتم تطبيق هذه العقوبات بحق الرجال والنساء في الوقت الذي لم يتحقق فيه إجماعا بعد حولها بين المسلمين أنفسهم.

 

إن الإسلام بالنسبة للمسلمين هو بمثابة رسالة مساواة وعدل. ولنظل مخلصين لجوهر الرسالة تلك لم يعد ممكنا أن نلتزم الصمت حيال التطبيق الغير عادل للنصوص الدينية . من الضرورة بماكان تحرير عملية النقاش ذاتها وأن لا نرضي فقط بالإستجابات الخجولة ذات الطابع العام. إن الصمت والتحايلات الفكرية غير جديرة برسالة الإسلام الحقة والشفافة.

من أجل وبإسم هذه المصادر النصية  والتعاليم الإسلامية والضمير المسلم هناك قرارت يتحتم إتخاذها.

 

رأي سواد جمهور العلماء:

 

يدرك جل العلماء في العالم الإسلامي في الماضي والحاضر والمنتمين لكل التيارات الفكرية وجود مصادر نصية تتحدث عن العقوبة الجسدية (القرأن والسنة) ورجم الزناة من الرجال والنساء (السنة) وقانون عقوبات (القرأن والسنة). لم يكن هناك ثمة خلاف بين جمهور العلماء حيال المحتوي الموضوعي للنصوص.

 

أما التباينات بين العلماء وبين غيرهم من التيارات الأخري (الأصوليين والإصلاحيين والحرفيين) يستند بالإساس علي التفسيرات الخاصة بعدد معين من هذه النصوص وشروط تطبيق العقوبات المتعلقة بقانون العقوبات الإسلامية بالإضافة لمدي توافقها مع طبيعة المرحلة الراهنة (الإطر السياسية والإجتماعية والإدلاء بالشهادة في المحاكم و ماهية الإنتهاكات الحاصلة)

 

إن الأغلبية من جمهور العلماء  عبر التاريخ وحتي اليوم يجمعون علي رأي واحد وهو أن هذه العقوبات هي بمجملها وعلي عمومها إسلامية ولكنهم يرون أيضا بأن  « الشروط اللازم توافرها » لتطبيق هذه العقوبات هي من ضرب المستحيل عمليا لأن تجتمع في أن واحد (فيما يتعلق بعقوبة الزنا علي سبيل المثال). وهم بالتالي « تقريبا غير قابلين للتطبيق ».  يمكن إذن النظر للحدود بإعتبارها « موانع » الهدف منها هو تنبيه ضمير الفرد المؤمن لخطورة الفعل الذي قد يؤدي إلي هذه العقوبة.

 

ومن يقرأ كتب العلماء ويستمع إلي خطبهم ومحاضراتهم ويجول في كل أنحاء العالم الإسلامي أو يتعاطي مع الجاليات الإسلامية في الغرب سوف يستمع بالضروة وبشكل متنوع إلي الصيغة التالية من المؤسسات الدينية وهي  » تقريبا مستحيلة « . هذه الصيغة تسمح لغالبية العلماء والمسلمون بتجنب السؤال الأساسي من دون ترك إنطباع بالإستهانة بالمصادر النصية الإسلامية. هناك إتجاه أخر يتراوح مابين  تجنب الموضوع كلية أو إلتزام الصمت.

ماذا يحدث علي أرض الواقع؟

 

كان يحدو المرء الأمل بأن صيغة « تقريبا مستحيلة » ستفهم بإعتبارها ضامن لحماية النساء والرجال من المعاملة الغير عادلة والتي تتسم بقهر شديد. كان هناك بصيص أمل بأن الشروط المنصوص عليها سيتم النظر إليها بإعتبارها عامل لدعم مبدأ المساواة أمام القانون وبسط  مبدأ العدل بين البشر من قبل الحكومات المتعاقبة والمشرعين الذين يتحدثون بإسم الإسلام. ولكن كل ذلك كان أبعد مايكون عن الحقيقة.

 

أتضح أنه ثمة واقع كئيب يرزح تحت وطأة خطاب إسلامي يختصر واقع الأمور.  في هذا الواقع يعاقب الرجال والنساء ويضربون ويرجمون ويعدمون يإسم الحدود. هذا يحدث في ظل غياب تام للعاطفة التي يظهرها الضمير المسلم في كل أنحاء العالم. وكأن المرء لا يعرف أن ثمة خيانة ترتكب بحق التعاليم الإسلامية. وتصل هذه الممارسات الغير عادلة لذروتها حينما يقتصر التطبيق علي النساء دون الرجال والفقراء دون الأغنياء والضحايا دون الحكام القاهرين. بالإضافة لذلك فإن مئات السجناء  محرومون من الوسائل القانونية التي تمكنهم من الدفاع عن أنفسهم.  وتطبق عقوبة الإعدام بحق النساء والرجال والقاصرين  (السجناء السياسيين, المهربين والمذنبين) حتي من دون أن يمكن هؤلاء المتهمين من الإتصال بمحامين. وبعد قبولنا بالمناطق الرمادية في علاقتنا مع المصادر النصية, فنحن نرتضي قبول واقع يمثل خيانة لرسالة الإسلام التي تدعو للعدل.

 

إن المجتمع الدولي عليه مسئولية مساوية وواضحة لأن ينخرط في النقاش حول موضوع الحدود في العالم الإسلامي. إن الإدانات تتم حتي الأن بشكل إنتقائي  وتسعي بالأساس لحماية وخدمة مصالح إقتصادية وجيوإستراتيجية. وبالتالي إذا كانت هناك دولة فقيرة في أسيا أو إفريقية تسعي لتطبيق الحدود أو الشريعة  فإنها سوف تواجه حملات عالمية كما رأينا مؤخرا. بينما الأمر ليس كذلك بالنسبة للدول الغنية والممالك النفطية وتلك الدول التي تصنف في خانة « الحلفاء » حيث تأتي الإدانات حيال الأخيرة بشكل خجول وربما لا تأتي علي الإطلاق علي الرغم من التطبيق الحاصل بإستمرار لهذه العقوبات والذي يستهدف الفقراء والفئات المجتمعية  الأكثر ضعفا. وبالتالي تكون قوة الإدانة بحسب المصالح التي تتعرض للخطر وهذا أمر أخر لا يتسم بالعدالة.

 

 

عاطفة الشعوب مقابل خوف العلماء

 

 

ثمة رؤية ما تفرض نفسها علي أولئك الذين يجولون بأنحاء العالم الإسلامي ويتعاطون مع المسلمين ذلك أن السكان يظهرون ولاء متزايد للإسلام ولتعاليمه . وهذا الواقع رغم كونه إيجابي بحد ذاته إلا أنه يثير القلق بل وهو خطر أيضا  حينما يكون الولاء ذي صبغة عاطفية ولا تسانده معرفة أو فهم حقيقي بالنصوص وبدون النظرة النقدية للتفسيرات الفقيهة المختلفة ولضرورة التأطير ولماهية الشروط المطلوبة أو حتي لحماية حقوق الأفراد ونشر العدل.

 وفيما يتعلق بمسألة الحدود يري المرء أحيانا أن التأييد الشعبي  يسعي إلي تطبيق فوري وحرفي لأن ذلك من شأنه أن يكون ضمانة للتأكيد علي  الهوية « الإسلامية »  للمجتمع. في واقع الأمر ليس من النادر سماع المسلمين (متعلمين أو غير متعلمين أو حتي الأشد فقرا بينهم)   يطالبون  بتطبيق صارم لقانون العقوبات  (وهم يقصدون بذلك الشريعة) التي  غالبا ما سيكونون هم  أولي ضحاياها.

 

حينما يتم  تدارس هذا الأمر هناك منطقان يحكمان مزاعم كتلك:

 

أولا: إن التطبيق الفوري والحرفي للحدود بالمعني القانوني والإجتماعي سوف يمنح الإسلام  مرجعية واضحة. إن التشريع بقوته يترك الإنطباع  بالإخلاص للوصايا القرأنية التي تتطلب إحترام صارم للنص. علي المستوي الشعبي يمكن للمرء أن يستنتج  بالنظر إلي الدول الإفريقية والأسيوية والعربية والغربية بأن قسوة وصرامة التطبيق بحد ذاته يعطي بعدا إسلاميا للعقلية الجمعية.

 

ثانيا: إن معارضة الغرب  وإدانته لقضية تطبيق الحدود سوف تؤدي لرد فعل معاكس حيث ستغذي  الشعور الشعبي بالولاء للتعاليم الإسلامية وهو منطق لا يخلو من تبسيط وتناقض في أن معا. ففي نظر الجماهير المسلمة تكون  المعارضة الشرسة الأتية من الغرب هي دليل كاف  علي الهوية الإسلامية الاصيلة للتطبيق الحرفي للحدود. بل أن البعض قد يحاول إقناع انفسهم بالتأكيد علي أن الغرب قد فقد مرجعياته الأخلاقية وأصبح  في نظرهم  قد بلغ من الإنحلال مبلغا  أنهم يعتبرون أن صرامة قانون العقوبات الإسلامي الذي يعاقب  السلوكيات الغير أخلاقية يظل في نظرهم البديل الوحيد والأمثل « للإنحطاط  الأخلاقي الذي يعانيه الغرب. »

 

إن هذا المنطق الأحادي لا يخلو من خطورة لأنه يزعم لا بل ويصبغ الصفة الإسلامية ويسبغ الشرعية علي عقوبة صارمة حيال سلوكيات بعينها. هذه العقوبة لا تشجع أو يحمي أو تسعي لتطبيق العدل.  واللافت اليوم أن الجاليات الإسلامية أو الشعوب المسلمة يكتفون بهذا النوع من الشرعية لمساندة حكومة أو حزب سياسي ما يدعو لتطبيق الشريعة لجهة كونها تطبيقا حرفيا وفوريا للعقوبات الجسدية  والرجم وعقوبة الحكم بالإعدام.

 

وحينما تكون عواطف الشعوب هي المسيطرة علي الموقف فإن إحدي علامات السعي للرد  يتمثل في محاولة الرد علي الشعور بالإحباط والمذلة وذلك بالتأكيد علي هوية تدرك نفسها بأنها إسلامية « ومعادية للغرب ». وهي هوية غير مستندة علي فهم واضح لأهداف المقاصد والتعاليم الإسلامية  أو التفسيرات المختلفة والشروط المتعلقة بعملية تطبيق الحدود. وفي مواجهة الإنفعالات الشعبية يلتزم  علماء الدين والفقهاء الحذر خوفا من أن يفقدوا صدقيتهم في نظر هذه الجماهير. ويمكن ملاحظة شيئا من الضغط النفسي الذي تمارسه ردة الفعل الشعبية تلك حيال الكيان الشرعي والقانوني الذي يمثله جمهور العلماء والذي من المفترض أن يتمتع بإستقلالية تمكنه من توجيه الجماهير وتقديم البدائل.

اليوم ثمة ظاهرة مناقضة تكشف عن نفسها ذلك أن سواد جمهور العلماء  باتوا يخشون من مواجهة هذه المزاعم الشعبية والتي لا تخلو من تبسيط وتفتقد للمعايير المعرفية وبالتالي صاروا هم أيضا عاطفيين وأحاديي التفكير وذلك لخوفهم من فقدان مكانتهم وأن يوصموا بكونهم قدموا تنازلات كثيرة ولم يكونوا حازمين بشكل كاف ومتغربنيين أو ليسوا مسلمين بما فيه الكفاية.

 

إن العلماء منوط بهم أن يكونوا الضامنين لقراءة عميقة للنص وأن يظلوا علي ولائهم لأهداف بسط العدل والمساواة  وكذا أجدر بهم أن يقدموا تحليل نقدي للشروط والأطر الإجتماعية. غير أنهم قنعوا بقبول التطبيق الحرفي (التطبيق الفوري من دون توفير إطار) أو منطق أحادي  (غرب أقل يعني إسلام أكثر). يحدث ذلك بدون السعي لإيجاد حلول للممارسات الظالمة التي تمارس بحق النساء والفقراء تحت مسمي « هي مستحيلة التطبيق »

 

وضع راهن مستحيل: ماهي مسئوليتنا

 

إن العالم الإسلامي يمر بأزمة حادة  أسبابها متعددة وأحيانا متناقضة. لقد أصبح  النظام السياسي العربي مهترئ ويتم إستخدام الإسلام بشكل روتيني  بينما الرأي العام يتعرض للتخويف والإسكات وتقوده عاطفة عمياء لدرجة  أنه يمكن أن ينساق وراء  فكرة التطبيق الغير عادل للشريعة الإسلامية والحدود.

 

أما فيما يخص السؤال الديني الأكثر تحديدا يمكن ملاحظة أن ثمة أزمة سلطة مصحوبة بغياب في الداخل الإسلامي للنقاش بين العلماء  ومدارس الفكر المختلفة  وداخل المجتمعات والجاليات الإسلامية نفسها. ويصبح جليا أن هناك أراء متنوعة  مقبولة داخل الإسلام يتم تداولها اليوم  داخل إطار يتسم بالفوضي  وهو يتعايش مع ثلة من الأراء الشرعية الإسلامية المتناقضة مع بعضها البعض والتي يحاول كل منها أن يدعي أنه يتمتع بالصبغة الإسلامية أكثر من الأخر.  وفي مواجهة هذه الفوضي التشريعية فإن عموم المسلمين يكتفون  ب « صبغة الولاء للإسلام » تلك أكثر من إهتمامهم بالأراء المبنية علي المعرفة الحقة والفهم الذي يحكم المبادئ والأحكام الإسلامية.

 

دعونا نستحضر الواقع كما هو. يوجد اليوم  أزمة ذات أبعاد أربع تتمثل في النظم السياسية المنغلقة والقمعية ثم هناك المؤسسات الدينية التي تروج لمطالبات متناقضة مع بعضها البعض ومعدلات أمية عالية بين شعوب  تسعي لأن تكون مندمجة بالتعاليم الإسلامية من خلال حماسة دينية وعاطفية وليس من خلال فكر حقيقي.

إن حقائق كتلك لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تشرعن صمتنا. فنحن متورطون ومذنبون حينما نرضي بأن نعرض الرجال والنساء للعقوبة أوللرجم أو الإعدام بإسم تطبيق أصولي للمصادر النصية.

 

إن المسئولية تقع علي عاتق المسلمين في كل أنحاء  العالم . ذلك أن الأمر يعود لهم بالأساس  لكي يرتفعوا لمستوي التحدي للبقاء ملتزمين برسالة الإسلام  في الفترة الراهنة . إن الأمر يعود لهم لكي يدينوا  النواقص والخيانة التي تتم من قبل بعض المؤسسات أو الأفراد المسلمين لمقاصد الإسلام الحقة. يخبرنا أحد الأحاديث النبوية عن أبو الزبير عن جابر رضي الله عنه قال رسول الله (صلعم) « لينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما, إن كان ظالما فلينهه فإنه له نصر وإن كان مظلوما فلينصره » رواه الشيخان والترمذي

من هذا المنطلق تكون هناك مسئولية منوطة بكل عالم لديه ضمير وكل أمرأة ورجل أينما كانوا لأن يرفعوا أصواتهم بالإجتجاج.

إن بعض المسلمين الغربيين عادة ما يختبئون خلف طروحات من نوع أن تطبيق الحدود أو الشريعة ليس واجبا عليهم بماأنهم في موقع « الأقلية ».  ثمة صمت ثقيل الوطء يثير القلق حيال هذه المسألة. أو أن يتخذوا موقفا يتمثل في الإدانة من بعيد بدون بذل جهد بسيط لتطوير العقليات. إن أولئك المسلمون الذين يعيشون في فضاءات من الحرية السياسية  ويستطيعون الحصول علي التعليم والمعرفة عليهم -بإسم التعاليم والمقاصد الإسلامية- عليهم مسئولية هائلة لمحاولة إصلاح الأوضاع الحالية وذلك بالعمل علي فتح باب النقاش حول تلك المسألة وأن يدينوا ويسعوا لوضع حد لكل الممارسات الظالمة التي ترتكب بإسم الإسلام.

 

 

دعوة وأسئلة   

 

إذا أخذنا في الإعتبار كل هذه العوامل فإننا اليوم نسعي لإطلاق دعوة عالمية من أجل تعليق فوري لمسألة العقوبات الجسدية وعقوبة الرجم والحكم بالإعدام في الدول ذات الأغلبية المسلمة. مع الأخذ في الإعتبار أن الأراء الفقهية  ليست واضحة أوحتي  تحظي بإجماع (حيث لا توجد أغلبية واضحة) حينما يتعلق الأمر بفهم النصوص وتطبيق الحدود. بالإضافة لذلك فإن النظم السياسية والحال التي أضحي عليها المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة لا توفر ضمانات لمعاملة تتصف بالعدالة والمساواة امام القضاء. إستنتاجا من ذلك نري بأن هناك مسئولية أخلاقية ودينية لأن نطالب بوقف تطبيق الحدود التي يتم إلحاقها بالشريعة الإسلامية بشكل مصطنع.

تصاحب هذه الدعوة عدد من الأسئلة الأساسية التي ستواجه المؤسسات والسلطات الدينية الإسلامية في كل أنحاء العالم  مهما تكن تقاليدهم (سنة أو شيعة) أو أيا كانت المدرسة الفكرية التي ينتمون لها  (الأحناف, المالكيين أو الجعفريين)  وأيا كانت تياراتهم (سلفيين أو إصلاحيين) :

 

أولا: ماهي النصوص ( بالإضافة لدرجة إعتمادها أو صحتها ) التي تجعل الإشارة للعقوبة الجسدية والرجم وحكم الإعدام الموجودة في أهم أركان مصادرالنصوص الإسلامية  يمكن أن تحصر في ما يسميه المتخصصون الحدود؟ وماهي الهوامش أو الحواشي للتفسيرات الممكنة وعلي أي نقاط يمكن التدليل علي مواضع الإختلاف في تاريخ القانون الإسلامي حتي الفترة المعاصرة؟

 

ثانيا: ماهي الشروط  المنصوص عليها بالنسبة لكل من هذه العقوبات في المصادر ذاتها وماهو إجماع العلماء أو بالعلماء الفرادي خلال فترات تاريخ القانون والفقه  الإسلامي ؟ أين هي الإختلافات حيال هذه الشروط  وماهو طبيعة « الظروف المخففة » التي يمكن الحديث بتفصيل من قبل السلطات الدينية عبر التاريخ او بين مدارس الفكر المختلفة؟

 

ثالثا: كان العلماء دائما يضعون في أعتبارهم الإطار والواقع السياسي والإجتماعي  كأحد الشروط المطلوبة لتطبيق الحدود. وهذه المسألة  من الأهمية بماكان لدرجة أنها تتطلب معاملة خاصة  ومشاركة في النقاش من قبل المفكرين سيما أولئك المتخصصين في العلوم الإنسانية. وبالتالي فمن المهم توجيه السؤال التالي: ماهو الواقع والإطار الإجتماعي والسياسي الذي نسعي لتطبيق الحدود فيه؟ وماهي الشروط المطلوبة فيما يتعلق بالنظم السياسية وتطبيق التشريعات العامة مثل حرية التعبير والمساواة أمام القانون والتعليم الشعبي  وحالة الفقر في المجتمع وعملية التهميش الإجتماعي؟ وماهي في هذا المجال نقاط الإختلاف بين مدارس الفقه المختلفة وبين العلماء وعلي أي أرضية تستند هذه الأختلافات؟

 

إن تدارس هذه الأسئلة هو أمر من شأنه توضيح شروط النقاش  فيما يتعلق بالمساحات التي تتيحها النصوص للتفسير والتأويل مع الأخذ في الإعتبار في ذات الوقت حالة المجتمعات المعاصرة وتطورها. هذا التفكير الذي يتم داخل الجماعة الإسلامية يتطلب من البداية  فهم مضاعف للنصوص والأطر وذلك بالألتزام بمقاصد رسالة الإسلام. وإجماعا هذا الأمر لابد وأن يتيح لنا إجابة سؤال يتعلق بمدي قابلية التطبيق ووفقا لأي طريقة ومنهاج وما لم يعد ممكنا تطبيقه أخذين في الإعتبار أن  الشروط الواجب توافرها هي ضرب من ضروب المستحيل لأن يتم تحقيقها كلها في أن واحد وكذلك عملية تطوير المجتمعات التي هي في عملية حراك يبعدها  عن النموذج الذي يجب أن تحتذيه.

 

هذا العمل  يتطلب من الداخل الإسلامي الوقت والحزم  و إقامة  فضاءات من الحوار والنقاش وذلك علي المستوي القومي والعالمي وبين العلماء والمفكرين المسلمين وداخل الجاليات الإسلامية بما أن النقاش لن يدور حول العلاقة مع النصوص ولكن بشكل متساو علاقة النص بالإطار الذي تطبق فيه. وليس ثمة تطبيق للعقوبات التي تجيز المقاربات القانونية والممارسات الغير عادلة كما هو حادث اليوم. إن عملين التجميد تلك من شأنها أن تفرض وتتيح نقاشا هادئا  وبدون أن يستخدم الأمر كحجة لإحتكار الإسلام. إن الممارسات الغير عادلة التي تم تقنينها  بإسم الإسلام لابد حتما أن تنتهي علي الفور.

 

بين الحرف والمقاصد: (الإخلاص)

 

قد يفسر البعض هذه الدعوة علي أنها محاولة تحريضية للتقليل من شأن المصادر النصية في الإسلام معتقدين بأن مجرد طلب  تعليق العمل بالحدود هو خطوة ضد النصوص القطعية للقرأن والسنة. ولكن العكس هو الصحيح ذلك أن كل النصوص الفقيهية يجب قراءتها في ضوء المقاصد التي شرعت بالأساس من  أجلها. ومن بين الأمور الضرورية نجد أن أحد الأمور المنصوص عليها هو أن الحفاظ علي كرامة الفرد (النفس البشرية) وبسط العدل هي  الأمورالأساسية

 

وبالتالي فإن التطبيق الحرفي للحدود والذي لا يراعي الأطر الإجتماعية والسياسية التي سيتم فيها التطبيق -وكذلك بدون إبداء أي إحترام للشروط  المعلنة والصارمة- يبدو وكأنه أمرا جوهريا من التعاليم الإسلامية  بينما هو في حقيقة الأمر خيانة لهذه التعاليم لأنه يؤدي بالنهاية لحدوث مظلمة.

وقد قام الخليفة عمر بن الخطاب(رضي الله عنه) بإيقاف العمل بحد السرقة علي السارقين حينما علق العقوبات المفروضة بحقهم خلال أوقات المجاعة وذلك رغم كون النص القرأني قاطع شديد الوضوح حول هذه العقوبة ولكن الحال الذي كانت عليه المجتمع أنذاك قضت بأنه سيكون من الظلم أن تطبق  العقوبة بشكل حرفي لأن العقوبة في نهاية الأمر كانت ستطال الفقراء الذين إذا قاموا بالسرقة فسيكون لغرض واحد فقط هو التحايل علي فقر مدقع.

 

ولذلك بإسم مبدأ  العدل المطلق  الذي تقره رسالة الإسلام العالمية,  قرر عمر بن الخطاب(رضي الله عنه) وقف تطبيق هذا النص لأن إستمرار التفسير الحرفي للنص كان سيعني عدم الولاء لقيمة عليا من قيم الإسلام ألا وهي العدل. وبإسم الإسلام ومن خلال تفسير النصوص قام هو بتعليق تطبيق أحد هذه النصوص. وبالتالي فإن الطلب بتعليق  العمل بالحدود هو أمر له سابقة ذات أهمية قصوي.

 

إن التفكير والإصلاح المطلوب داخل المجتعات الإسلامية لن يحدث إلا بإرادة هذه المجتعات. وإن الأمر يقع علي عاتق المسلمين لأن يتولوا المسئولية ويقوموا بفتح دائرة النقاش من خلال تدشين حوار بين قوي المجتمع المختلفة وفي الوقت ذاته يعبروا عن رفضهم للممارسات الغير عادلة التي تم تقننيها وترتكب  بإسم الإسلام. إن عملية حراك تبدأ من المسلمين أنفسهم هي أمر أساسي.

 

غير أن هذا لا يعني أن يحرم المفكرين والمواطنين الغير مسلمين من حق طرح تساؤلات. علي العكس تماما علي جميع الأطراف أن يسعوا للإستماع لوجهة نظر الأخر  ولإطرهم المرجعية ومنطق طروحاتهم وكذا طموحاتهم. بالنسبة للمسلمين فإن كل التساؤلات مرحب بها  سواء كانت من ذويهم المسلمين أو من رجال ونساء لا يشاركونهم بالضروة إيمانهم. وعليهم أن يستفيدوا من هذه التساؤلات بإعتبارها تمدهم ب الأفكار والأليات.

هكذا يمكن أن نظل مخلصين لمبدأ العدل الذي أسس له الإسلام وفي ذات الوقت يؤخذ بالإعتبار حاجات المرحلة الراهنة.

 

الخاتمة:

 

هذه الدعوة لتجميد العمل بمبدأ  العقوبات الجسدية وعقوبة الرجم وحكم الإعدام هي دعوة ملحة علي عدة جبهات. نحن نوصفها بإعتبارها دعوة لضمير كل فرد لكي يدرك هو-هي بأنه ثمة  إستخدام لتعاليم الإسلام بما يؤدي لإهانة وإخضاع النساء والرجال في بعض المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة وفي ظل صمت جماعي و فوضي أراء فقهية وهذا الإدراك يتطلب الأتي:

 

أولا: تعبئة عموم المسلمين في كل أنحاء العالم لأن يطلبوا من حكوماتهم تعليق تطبيق  الحدود وفتح باب النقاش النقدي والجاد والعقلاني داخل المجتمعات الإسلامية بين العلماء والمفكرين والقادة وعموم المسلمين.

 

ثانيا: مساءلة العلماء حتي يجرأوا علي مكاشفة مجتمعاتهم بالممارسات الغير عادلة التي ترتكب بإسم الإسلام وتفعيله كأداة في مجال الحدود .فمن أجل البقاء مخلصين للنص الإسلامي لابد من تعليق فوري ل مبدأ العقوبات الجسدية  تأسيا بالقدوة التي أرساها الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه).

 

ثالثا: نشر المعرفة بين الشعوب الإسلامية حتي لا ينخدعوا بالمظهرية والفكر الحرفي. إن تطبيق الإجراءات القمعية  والعقوبات لن تجعل المجتمع أكثر إيمانا  بالتعاليم الإسلامية وإنما هي بالأحري القدرة علي الترويج لمبدأ العدل الإجتماعي  والحفاظ  علي الأفراد رجال كانوا أو نساء فقراء أو أغنياء. هذه الخطوة هي التي تحدد صدقية الولاء للنص الإسلامي.

إن القاعدة في الإسلام هي بأن القانون هو الذي يحمي حقوق الفرد وليس العقوبة التي يتم إقرارها إلا إذا كانت إستثناءا مقيد بشروط عدة.

 

إن حركة الإصلاح من الداخل التي يتولاها المسلمون أنفسهم وبإسم رسالة والمصادر النصية في الإسلام لا يجب أن تغض الطرف عن الإستماع لما يقوله الأخرون وكذلك الإهتمام بالتساؤلات التي تدور في عقول غير المسلمين حيال الإسلام. وهذا لا يعني الإنحناء أمام الإستجابات الأتية من « الأخر » « الغرب » وإنما من أجل أن تظل امام نفسها تدرك أن إيمانها بناء.

 

نحن نناشد كل الذين يلتزمون بهذه الدعوة أن يصطفوا معنا  وأن يرفعوا أصواتهم مطالبين بالتعليق الفوري لتطبيق الحدود في العالم الإسلامي حتي يتم إرساء أسس لنقاش جاد حول هذا الموضوع. نقول بإسم الإسلام وبإسم نصوصه ورسالة العدل لا يمكننا الإستمرار بقبول تعرض النساء والرجال للعقوبة والموت بينما نظل ملتزمين الصمت ونكون شركاء في عملية تتسم بالخسة.

 

من الضروري بماكان أن يرفض المسلمون في كل أنحاء العالم التشريع الأصولي المصدر لتعاليم دينهم وأن يستوعبوا جوهر الرسالة الإسلامية التي تحضهم علي الروحانية وتتطلب المعرفة والعدل وإحترام التعددية.

 

لن يصلح حال المجتمعات عبر الوسائل القمعية والعقوبات  وإنما من خلال الإنخراط في عملية التأسيس لحكم القانون وتكوين مجتمع أهلي  وإحترام الإرادة الشعبية وكذلك التشريع العادل الذي يوفر الضمانة للمساواة بين الرجال والنساء والفقراء والأغنياء أمام القانون.


أنه من الضروري أن ندشن لحركة ديمقراطية تخرج الجماهير من الهوس بما يعاقب عليه القانون إلي مايجب أن يحميه القانون وهو بالأساس ضميرهم وحريتهم وحقوقهم وكرامتهم.

طارق رمضان

جنيف 18 مارس 2005

Leave Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

دعوة عالمية من أجل (موراتوريوم) تعليق العمل بالعقوبات الجسدية وعقوبة الرجم والحكم بالإعدام في العالم الإسلامي


يتعرض المسلمون عموما والجاليات الإسلامية علي وجه الخصوص لسؤال أساسي وإن بات روتينيا من فرط ما طرح علي طاولة البحث وهو يتعلق ب تطبيق العقوبات ذات الصلة بقانون العقوبات الإسلامي. بالإشارة إلي مسألة تطبيق الشريعة أو بشكل أضيق موضوع الحدود. واللافت في الأمر أن النقاش حول هذا الموضوع يقدم في صورة أسئلة تحض علي التفكير بين جمهور العلماء أو عموم المسلمين. من بين هذه التساؤلات هو كيف يكون المرء مخلصا لرسالة الإسلام في المرحلة الراهنة ؟ كيف يمكن للمجتمع أن يعرف نفسه بأنه مجتمع مسلم بحق بخلاف ماهو مطلوب من كل فرد مسلم في حياته اليومية؟


في العالم الإسلامي اليوم هناك تيارات متنوعة والأختلافات بينها لا حصر لها وهي إختلافات عميقة ومتكررة. وتطالب بعضا من هذه التيارات الفكرية -والتي تمثل أقلية صغيرة- التطبيق الفوري والصارم للحدود معتبرين أنها أمرا حاسما في توصيف مجتمع الغالبية المسلمة بكونه مجتمعا إسلاميا. بينما هناك تيارات أخري تعتمد علي كون موضوع الحدود قد ورد ذكره في النصوص المرجعية كالقرأن والسنة وهؤلاء يعتبرون أن تطبيق الحدود لابد وأن يكون مشروطا بوضعية المجتمع وهو في هذه الحالة لابد وأن يكون عادلا وبالنسبة لبعض منهم « مثالي ». الأولوية إذن تتمثل في دعم مبدأ العدالة الإجتماعية ومحاربة الفقر ومعدلات الأمية العالية. ثم هناك أخرون- وهم بمثابة أقلية- ترفض النصوص المتعلقة بالحدود وتعتبر أن هذه المصادر ليس لها مكان في المجتمعات الإسلامية الحديثة


ويمكن للمرء ملاحظة إنقسام الأراء الحاصل حيال هذه المسألة ومن الصعوبة بماكان فهم بوضوح ماهية الطروحات المختلفة. و حتي أثناء كتابة هذه العريضة مازال الغموض يلف المواقف ولا يبدو أن ثمة مجال للنقاش والجدل داخل المجتمعات الإسلامية بينما يتم تطبيق هذه العقوبات بحق الرجال والنساء في الوقت الذي لم يتحقق فيه إجماعا بعد حولها بين المسلمين أنفسهم.


إن الإسلام بالنسبة للمسلمين هو بمثابة رسالة مساواة وعدل. ولنظل مخلصين لجوهر الرسالة تلك لم يعد ممكنا أن نلتزم الصمت حيال التطبيق الغير عادل للنصوص الدينية . من الضرورة بماكان تحرير عملية النقاش ذاتها وأن لا نرضي فقط بالإستجابات الخجولة ذات الطابع العام. إن الصمت والتحايلات الفكرية غير جديرة برسالة الإسلام الحقة والشفافة.

من أجل وبإسم هذه المصادر النصية والتعاليم الإسلامية والضمير المسلم هناك قرارت يتحتم إتخاذها.


رأي سواد جمهور العلماء:


يدرك جل العلماء في العالم الإسلامي في الماضي والحاضر والمنتمين لكل التيارات الفكرية وجود مصادر نصية تتحدث عن العقوبة الجسدية (القرأن والسنة) ورجم الزناة من الرجال والنساء (السنة) وقانون عقوبات (القرأن والسنة). لم يكن هناك ثمة خلاف بين جمهور العلماء حيال المحتوي الموضوعي للنصوص.


أما التباينات بين العلماء وبين غيرهم من التيارات الأخري (الأصوليين والإصلاحيين والحرفيين) يستند بالإساس علي التفسيرات الخاصة بعدد معين من هذه النصوص وشروط تطبيق العقوبات المتعلقة بقانون العقوبات الإسلامية بالإضافة لمدي توافقها مع طبيعة المرحلة الراهنة (الإطر السياسية والإجتماعية والإدلاء بالشهادة في المحاكم و ماهية الإنتهاكات الحاصلة)


إن الأغلبية من جمهور العلماء عبر التاريخ وحتي اليوم يجمعون علي رأي واحد وهو أن هذه العقوبات هي بمجملها وعلي عمومها إسلامية ولكنهم يرون أيضا بأن « الشروط اللازم توافرها » لتطبيق هذه العقوبات هي من ضرب المستحيل عمليا لأن تجتمع في أن واحد (فيما يتعلق بعقوبة الزنا علي سبيل المثال). وهم بالتالي « تقريبا غير قابلين للتطبيق ». يمكن إذن النظر للحدود بإعتبارها « موانع » الهدف منها هو تنبيه ضمير الفرد المؤمن لخطورة الفعل الذي قد يؤدي إلي هذه العقوبة.


ومن يقرأ كتب العلماء ويستمع إلي خطبهم ومحاضراتهم ويجول في كل أنحاء العالم الإسلامي أو يتعاطي مع الجاليات الإسلامية في الغرب سوف يستمع بالضروة وبشكل متنوع إلي الصيغة التالية من المؤسسات الدينية وهي  » تقريبا مستحيلة « . هذه الصيغة تسمح لغالبية العلماء والمسلمون بتجنب السؤال الأساسي من دون ترك إنطباع بالإستهانة بالمصادر النصية الإسلامية. هناك إتجاه أخر يتراوح مابين تجنب الموضوع كلية أو إلتزام الصمت.

ماذا يحدث علي أرض الواقع؟


كان يحدو المرء الأمل بأن صيغة « تقريبا مستحيلة » ستفهم بإعتبارها ضامن لحماية النساء والرجال من المعاملة الغير عادلة والتي تتسم بقهر شديد. كان هناك بصيص أمل بأن الشروط المنصوص عليها سيتم النظر إليها بإعتبارها عامل لدعم مبدأ المساواة أمام القانون وبسط مبدأ العدل بين البشر من قبل الحكومات المتعاقبة والمشرعين الذين يتحدثون بإسم الإسلام. ولكن كل ذلك كان أبعد مايكون عن الحقيقة.


أتضح أنه ثمة واقع كئيب يرزح تحت وطأة خطاب إسلامي يختصر واقع الأمور. في هذا الواقع يعاقب الرجال والنساء ويضربون ويرجمون ويعدمون يإسم الحدود. هذا يحدث في ظل غياب تام للعاطفة التي يظهرها الضمير المسلم في كل أنحاء العالم. وكأن المرء لا يعرف أن ثمة خيانة ترتكب بحق التعاليم الإسلامية. وتصل هذه الممارسات الغير عادلة لذروتها حينما يقتصر التطبيق علي النساء دون الرجال والفقراء دون الأغنياء والضحايا دون الحكام القاهرين. بالإضافة لذلك فإن مئات السجناء محرومون من الوسائل القانونية التي تمكنهم من الدفاع عن أنفسهم. وتطبق عقوبة الإعدام بحق النساء والرجال والقاصرين (السجناء السياسيين, المهربين والمذنبين) حتي من دون أن يمكن هؤلاء المتهمين من الإتصال بمحامين. وبعد قبولنا بالمناطق الرمادية في علاقتنا مع المصادر النصية, فنحن نرتضي قبول واقع يمثل خيانة لرسالة الإسلام التي تدعو للعدل.


إن المجتمع الدولي عليه مسئولية مساوية وواضحة لأن ينخرط في النقاش حول موضوع الحدود في العالم الإسلامي. إن الإدانات تتم حتي الأن بشكل إنتقائي وتسعي بالأساس لحماية وخدمة مصالح إقتصادية وجيوإستراتيجية. وبالتالي إذا كانت هناك دولة فقيرة في أسيا أو إفريقية تسعي لتطبيق الحدود أو الشريعة فإنها سوف تواجه حملات عالمية كما رأينا مؤخرا. بينما الأمر ليس كذلك بالنسبة للدول الغنية والممالك النفطية وتلك الدول التي تصنف في خانة « الحلفاء » حيث تأتي الإدانات حيال الأخيرة بشكل خجول وربما لا تأتي علي الإطلاق علي الرغم من التطبيق الحاصل بإستمرار لهذه العقوبات والذي يستهدف الفقراء والفئات المجتمعية الأكثر ضعفا. وبالتالي تكون قوة الإدانة بحسب المصالح التي تتعرض للخطر وهذا أمر أخر لا يتسم بالعدالة.



عاطفة الشعوب مقابل خوف العلماء



ثمة رؤية ما تفرض نفسها علي أولئك الذين يجولون بأنحاء العالم الإسلامي ويتعاطون مع المسلمين ذلك أن السكان يظهرون ولاء متزايد للإسلام ولتعاليمه . وهذا الواقع رغم كونه إيجابي بحد ذاته إلا أنه يثير القلق بل وهو خطر أيضا حينما يكون الولاء ذي صبغة عاطفية ولا تسانده معرفة أو فهم حقيقي بالنصوص وبدون النظرة النقدية للتفسيرات الفقيهة المختلفة ولضرورة التأطير ولماهية الشروط المطلوبة أو حتي لحماية حقوق الأفراد ونشر العدل.

وفيما يتعلق بمسألة الحدود يري المرء أحيانا أن التأييد الشعبي يسعي إلي تطبيق فوري وحرفي لأن ذلك من شأنه أن يكون ضمانة للتأكيد علي الهوية « الإسلامية » للمجتمع. في واقع الأمر ليس من النادر سماع المسلمين (متعلمين أو غير متعلمين أو حتي الأشد فقرا بينهم) يطالبون بتطبيق صارم لقانون العقوبات (وهم يقصدون بذلك الشريعة) التي غالبا ما سيكونون هم أولي ضحاياها.


حينما يتم تدارس هذا الأمر هناك منطقان يحكمان مزاعم كتلك:


أولا: إن التطبيق الفوري والحرفي للحدود بالمعني القانوني والإجتماعي سوف يمنح الإسلام مرجعية واضحة. إن التشريع بقوته يترك الإنطباع بالإخلاص للوصايا القرأنية التي تتطلب إحترام صارم للنص. علي المستوي الشعبي يمكن للمرء أن يستنتج بالنظر إلي الدول الإفريقية والأسيوية والعربية والغربية بأن قسوة وصرامة التطبيق بحد ذاته يعطي بعدا إسلاميا للعقلية الجمعية.


ثانيا: إن معارضة الغرب وإدانته لقضية تطبيق الحدود سوف تؤدي لرد فعل معاكس حيث ستغذي الشعور الشعبي بالولاء للتعاليم الإسلامية وهو منطق لا يخلو من تبسيط وتناقض في أن معا. ففي نظر الجماهير المسلمة تكون المعارضة الشرسة الأتية من الغرب هي دليل كاف علي الهوية الإسلامية الاصيلة للتطبيق الحرفي للحدود. بل أن البعض قد يحاول إقناع انفسهم بالتأكيد علي أن الغرب قد فقد مرجعياته الأخلاقية وأصبح في نظرهم قد بلغ من الإنحلال مبلغا أنهم يعتبرون أن صرامة قانون العقوبات الإسلامي الذي يعاقب السلوكيات الغير أخلاقية يظل في نظرهم البديل الوحيد والأمثل « للإنحطاط الأخلاقي الذي يعانيه الغرب. »


إن هذا المنطق الأحادي لا يخلو من خطورة لأنه يزعم لا بل ويصبغ الصفة الإسلامية ويسبغ الشرعية علي عقوبة صارمة حيال سلوكيات بعينها. هذه العقوبة لا تشجع أو يحمي أو تسعي لتطبيق العدل. واللافت اليوم أن الجاليات الإسلامية أو الشعوب المسلمة يكتفون بهذا النوع من الشرعية لمساندة حكومة أو حزب سياسي ما يدعو لتطبيق الشريعة لجهة كونها تطبيقا حرفيا وفوريا للعقوبات الجسدية والرجم وعقوبة الحكم بالإعدام.


وحينما تكون عواطف الشعوب هي المسيطرة علي الموقف فإن إحدي علامات السعي للرد يتمثل في محاولة الرد علي الشعور بالإحباط والمذلة وذلك بالتأكيد علي هوية تدرك نفسها بأنها إسلامية « ومعادية للغرب ». وهي هوية غير مستندة علي فهم واضح لأهداف المقاصد والتعاليم الإسلامية أو التفسيرات المختلفة والشروط المتعلقة بعملية تطبيق الحدود. وفي مواجهة الإنفعالات الشعبية يلتزم علماء الدين والفقهاء الحذر خوفا من أن يفقدوا صدقيتهم في نظر هذه الجماهير. ويمكن ملاحظة شيئا من الضغط النفسي الذي تمارسه ردة الفعل الشعبية تلك حيال الكيان الشرعي والقانوني الذي يمثله جمهور العلماء والذي من المفترض أن يتمتع بإستقلالية تمكنه من توجيه الجماهير وتقديم البدائل.

اليوم ثمة ظاهرة مناقضة تكشف عن نفسها ذلك أن سواد جمهور العلماء باتوا يخشون من مواجهة هذه المزاعم الشعبية والتي لا تخلو من تبسيط وتفتقد للمعايير المعرفية وبالتالي صاروا هم أيضا عاطفيين وأحاديي التفكير وذلك لخوفهم من فقدان مكانتهم وأن يوصموا بكونهم قدموا تنازلات كثيرة ولم يكونوا حازمين بشكل كاف ومتغربنيين أو ليسوا مسلمين بما فيه الكفاية.


إن العلماء منوط بهم أن يكونوا الضامنين لقراءة عميقة للنص وأن يظلوا علي ولائهم لأهداف بسط العدل والمساواة وكذا أجدر بهم أن يقدموا تحليل نقدي للشروط والأطر الإجتماعية. غير أنهم قنعوا بقبول التطبيق الحرفي (التطبيق الفوري من دون توفير إطار) أو منطق أحادي (غرب أقل يعني إسلام أكثر). يحدث ذلك بدون السعي لإيجاد حلول للممارسات الظالمة التي تمارس بحق النساء والفقراء تحت مسمي « هي مستحيلة التطبيق »


وضع راهن مستحيل: ماهي مسئوليتنا


إن العالم الإسلامي يمر بأزمة حادة أسبابها متعددة وأحيانا متناقضة. لقد أصبح النظام السياسي العربي مهترئ ويتم إستخدام الإسلام بشكل روتيني بينما الرأي العام يتعرض للتخويف والإسكات وتقوده عاطفة عمياء لدرجة أنه يمكن أن ينساق وراء فكرة التطبيق الغير عادل للشريعة الإسلامية والحدود.


أما فيما يخص السؤال الديني الأكثر تحديدا يمكن ملاحظة أن ثمة أزمة سلطة مصحوبة بغياب في الداخل الإسلامي للنقاش بين العلماء ومدارس الفكر المختلفة وداخل المجتمعات والجاليات الإسلامية نفسها. ويصبح جليا أن هناك أراء متنوعة مقبولة داخل الإسلام يتم تداولها اليوم داخل إطار يتسم بالفوضي وهو يتعايش مع ثلة من الأراء الشرعية الإسلامية المتناقضة مع بعضها البعض والتي يحاول كل منها أن يدعي أنه يتمتع بالصبغة الإسلامية أكثر من الأخر. وفي مواجهة هذه الفوضي التشريعية فإن عموم المسلمين يكتفون ب « صبغة الولاء للإسلام » تلك أكثر من إهتمامهم بالأراء المبنية علي المعرفة الحقة والفهم الذي يحكم المبادئ والأحكام الإسلامية.


دعونا نستحضر الواقع كما هو. يوجد اليوم أزمة ذات أبعاد أربع تتمثل في النظم السياسية المنغلقة والقمعية ثم هناك المؤسسات الدينية التي تروج لمطالبات متناقضة مع بعضها البعض ومعدلات أمية عالية بين شعوب تسعي لأن تكون مندمجة بالتعاليم الإسلامية من خلال حماسة دينية وعاطفية وليس من خلال فكر حقيقي.

إن حقائق كتلك لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تشرعن صمتنا. فنحن متورطون ومذنبون حينما نرضي بأن نعرض الرجال والنساء للعقوبة أوللرجم أو الإعدام بإسم تطبيق أصولي للمصادر النصية.


إن المسئولية تقع علي عاتق المسلمين في كل أنحاء العالم . ذلك أن الأمر يعود لهم بالأساس لكي يرتفعوا لمستوي التحدي للبقاء ملتزمين برسالة الإسلام في الفترة الراهنة . إن الأمر يعود لهم لكي يدينوا النواقص والخيانة التي تتم من قبل بعض المؤسسات أو الأفراد المسلمين لمقاصد الإسلام الحقة. يخبرنا أحد الأحاديث النبوية عن أبو الزبير عن جابر رضي الله عنه قال رسول الله (صلعم) « لينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما, إن كان ظالما فلينهه فإنه له نصر وإن كان مظلوما فلينصره » رواه الشيخان والترمذي

من هذا المنطلق تكون هناك مسئولية منوطة بكل عالم لديه ضمير وكل أمرأة ورجل أينما كانوا لأن يرفعوا أصواتهم بالإجتجاج.

إن بعض المسلمين الغربيين عادة ما يختبئون خلف طروحات من نوع أن تطبيق الحدود أو الشريعة ليس واجبا عليهم بماأنهم في موقع « الأقلية ». ثمة صمت ثقيل الوطء يثير القلق حيال هذه المسألة. أو أن يتخذوا موقفا يتمثل في الإدانة من بعيد بدون بذل جهد بسيط لتطوير العقليات. إن أولئك المسلمون الذين يعيشون في فضاءات من الحرية السياسية ويستطيعون الحصول علي التعليم والمعرفة عليهم -بإسم التعاليم والمقاصد الإسلامية- عليهم مسئولية هائلة لمحاولة إصلاح الأوضاع الحالية وذلك بالعمل علي فتح باب النقاش حول تلك المسألة وأن يدينوا ويسعوا لوضع حد لكل الممارسات الظالمة التي ترتكب بإسم الإسلام.



دعوة وأسئلة


إذا أخذنا في الإعتبار كل هذه العوامل فإننا اليوم نسعي لإطلاق دعوة عالمية من أجل تعليق فوري لمسألة العقوبات الجسدية وعقوبة الرجم والحكم بالإعدام في الدول ذات الأغلبية المسلمة. مع الأخذ في الإعتبار أن الأراء الفقهية ليست واضحة أوحتي تحظي بإجماع (حيث لا توجد أغلبية واضحة) حينما يتعلق الأمر بفهم النصوص وتطبيق الحدود. بالإضافة لذلك فإن النظم السياسية والحال التي أضحي عليها المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة لا توفر ضمانات لمعاملة تتصف بالعدالة والمساواة امام القضاء. إستنتاجا من ذلك نري بأن هناك مسئولية أخلاقية ودينية لأن نطالب بوقف تطبيق الحدود التي يتم إلحاقها بالشريعة الإسلامية بشكل مصطنع.

تصاحب هذه الدعوة عدد من الأسئلة الأساسية التي ستواجه المؤسسات والسلطات الدينية الإسلامية في كل أنحاء العالم مهما تكن تقاليدهم (سنة أو شيعة) أو أيا كانت المدرسة الفكرية التي ينتمون لها (الأحناف, المالكيين أو الجعفريين) وأيا كانت تياراتهم (سلفيين أو إصلاحيين) :


أولا: ماهي النصوص ( بالإضافة لدرجة إعتمادها أو صحتها ) التي تجعل الإشارة للعقوبة الجسدية والرجم وحكم الإعدام الموجودة في أهم أركان مصادرالنصوص الإسلامية يمكن أن تحصر في ما يسميه المتخصصون الحدود؟ وماهي الهوامش أو الحواشي للتفسيرات الممكنة وعلي أي نقاط يمكن التدليل علي مواضع الإختلاف في تاريخ القانون الإسلامي حتي الفترة المعاصرة؟


ثانيا: ماهي الشروط المنصوص عليها بالنسبة لكل من هذه العقوبات في المصادر ذاتها وماهو إجماع العلماء أو بالعلماء الفرادي خلال فترات تاريخ القانون والفقه الإسلامي ؟ أين هي الإختلافات حيال هذه الشروط وماهو طبيعة « الظروف المخففة » التي يمكن الحديث بتفصيل من قبل السلطات الدينية عبر التاريخ او بين مدارس الفكر المختلفة؟


ثالثا: كان العلماء دائما يضعون في أعتبارهم الإطار والواقع السياسي والإجتماعي كأحد الشروط المطلوبة لتطبيق الحدود. وهذه المسألة من الأهمية بماكان لدرجة أنها تتطلب معاملة خاصة ومشاركة في النقاش من قبل المفكرين سيما أولئك المتخصصين في العلوم الإنسانية. وبالتالي فمن المهم توجيه السؤال التالي: ماهو الواقع والإطار الإجتماعي والسياسي الذي نسعي لتطبيق الحدود فيه؟ وماهي الشروط المطلوبة فيما يتعلق بالنظم السياسية وتطبيق التشريعات العامة مثل حرية التعبير والمساواة أمام القانون والتعليم الشعبي وحالة الفقر في المجتمع وعملية التهميش الإجتماعي؟ وماهي في هذا المجال نقاط الإختلاف بين مدارس الفقه المختلفة وبين العلماء وعلي أي أرضية تستند هذه الأختلافات؟


إن تدارس هذه الأسئلة هو أمر من شأنه توضيح شروط النقاش فيما يتعلق بالمساحات التي تتيحها النصوص للتفسير والتأويل مع الأخذ في الإعتبار في ذات الوقت حالة المجتمعات المعاصرة وتطورها. هذا التفكير الذي يتم داخل الجماعة الإسلامية يتطلب من البداية فهم مضاعف للنصوص والأطر وذلك بالألتزام بمقاصد رسالة الإسلام. وإجماعا هذا الأمر لابد وأن يتيح لنا إجابة سؤال يتعلق بمدي قابلية التطبيق ووفقا لأي طريقة ومنهاج وما لم يعد ممكنا تطبيقه أخذين في الإعتبار أن الشروط الواجب توافرها هي ضرب من ضروب المستحيل لأن يتم تحقيقها كلها في أن واحد وكذلك عملية تطوير المجتمعات التي هي في عملية حراك يبعدها عن النموذج الذي يجب أن تحتذيه.


هذا العمل يتطلب من الداخل الإسلامي الوقت والحزم و إقامة فضاءات من الحوار والنقاش وذلك علي المستوي القومي والعالمي وبين العلماء والمفكرين المسلمين وداخل الجاليات الإسلامية بما أن النقاش لن يدور حول العلاقة مع النصوص ولكن بشكل متساو علاقة النص بالإطار الذي تطبق فيه. وليس ثمة تطبيق للعقوبات التي تجيز المقاربات القانونية والممارسات الغير عادلة كما هو حادث اليوم. إن عملين التجميد تلك من شأنها أن تفرض وتتيح نقاشا هادئا وبدون أن يستخدم الأمر كحجة لإحتكار الإسلام. إن الممارسات الغير عادلة التي تم تقنينها بإسم الإسلام لابد حتما أن تنتهي علي الفور.


بين الحرف والمقاصد: (الإخلاص)


قد يفسر البعض هذه الدعوة علي أنها محاولة تحريضية للتقليل من شأن المصادر النصية في الإسلام معتقدين بأن مجرد طلب تعليق العمل بالحدود هو خطوة ضد النصوص القطعية للقرأن والسنة. ولكن العكس هو الصحيح ذلك أن كل النصوص الفقيهية يجب قراءتها في ضوء المقاصد التي شرعت بالأساس من أجلها. ومن بين الأمور الضرورية نجد أن أحد الأمور المنصوص عليها هو أن الحفاظ علي كرامة الفرد (النفس البشرية) وبسط العدل هي الأمورالأساسية


وبالتالي فإن التطبيق الحرفي للحدود والذي لا يراعي الأطر الإجتماعية والسياسية التي سيتم فيها التطبيق -وكذلك بدون إبداء أي إحترام للشروط المعلنة والصارمة- يبدو وكأنه أمرا جوهريا من التعاليم الإسلامية بينما هو في حقيقة الأمر خيانة لهذه التعاليم لأنه يؤدي بالنهاية لحدوث مظلمة.

وقد قام الخليفة عمر بن الخطاب(رضي الله عنه) بإيقاف العمل بحد السرقة علي السارقين حينما علق العقوبات المفروضة بحقهم خلال أوقات المجاعة وذلك رغم كون النص القرأني قاطع شديد الوضوح حول هذه العقوبة ولكن الحال الذي كانت عليه المجتمع أنذاك قضت بأنه سيكون من الظلم أن تطبق العقوبة بشكل حرفي لأن العقوبة في نهاية الأمر كانت ستطال الفقراء الذين إذا قاموا بالسرقة فسيكون لغرض واحد فقط هو التحايل علي فقر مدقع.


ولذلك بإسم مبدأ العدل المطلق الذي تقره رسالة الإسلام العالمية, قرر عمر بن الخطاب(رضي الله عنه) وقف تطبيق هذا النص لأن إستمرار التفسير الحرفي للنص كان سيعني عدم الولاء لقيمة عليا من قيم الإسلام ألا وهي العدل. وبإسم الإسلام ومن خلال تفسير النصوص قام هو بتعليق تطبيق أحد هذه النصوص. وبالتالي فإن الطلب بتعليق العمل بالحدود هو أمر له سابقة ذات أهمية قصوي.


إن التفكير والإصلاح المطلوب داخل المجتعات الإسلامية لن يحدث إلا بإرادة هذه المجتعات. وإن الأمر يقع علي عاتق المسلمين لأن يتولوا المسئولية ويقوموا بفتح دائرة النقاش من خلال تدشين حوار بين قوي المجتمع المختلفة وفي الوقت ذاته يعبروا عن رفضهم للممارسات الغير عادلة التي تم تقننيها وترتكب بإسم الإسلام. إن عملية حراك تبدأ من المسلمين أنفسهم هي أمر أساسي.


غير أن هذا لا يعني أن يحرم المفكرين والمواطنين الغير مسلمين من حق طرح تساؤلات. علي العكس تماما علي جميع الأطراف أن يسعوا للإستماع لوجهة نظر الأخر ولإطرهم المرجعية ومنطق طروحاتهم وكذا طموحاتهم. بالنسبة للمسلمين فإن كل التساؤلات مرحب بها سواء كانت من ذويهم المسلمين أو من رجال ونساء لا يشاركونهم بالضروة إيمانهم. وعليهم أن يستفيدوا من هذه التساؤلات بإعتبارها تمدهم ب الأفكار والأليات.

هكذا يمكن أن نظل مخلصين لمبدأ العدل الذي أسس له الإسلام وفي ذات الوقت يؤخذ بالإعتبار حاجات المرحلة الراهنة.


الخاتمة:


هذه الدعوة لتجميد العمل بمبدأ العقوبات الجسدية وعقوبة الرجم وحكم الإعدام هي دعوة ملحة علي عدة جبهات. نحن نوصفها بإعتبارها دعوة لضمير كل فرد لكي يدرك هو-هي بأنه ثمة إستخدام لتعاليم الإسلام بما يؤدي لإهانة وإخضاع النساء والرجال في بعض المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة وفي ظل صمت جماعي و فوضي أراء فقهية وهذا الإدراك يتطلب الأتي:


أولا: تعبئة عموم المسلمين في كل أنحاء العالم لأن يطلبوا من حكوماتهم تعليق تطبيق الحدود وفتح باب النقاش النقدي والجاد والعقلاني داخل المجتمعات الإسلامية بين العلماء والمفكرين والقادة وعموم المسلمين.


ثانيا: مساءلة العلماء حتي يجرأوا علي مكاشفة مجتمعاتهم بالممارسات الغير عادلة التي ترتكب بإسم الإسلام وتفعيله كأداة في مجال الحدود .فمن أجل البقاء مخلصين للنص الإسلامي لابد من تعليق فوري ل مبدأ العقوبات الجسدية تأسيا بالقدوة التي أرساها الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه).


ثالثا: نشر المعرفة بين الشعوب الإسلامية حتي لا ينخدعوا بالمظهرية والفكر الحرفي. إن تطبيق الإجراءات القمعية والعقوبات لن تجعل المجتمع أكثر إيمانا بالتعاليم الإسلامية وإنما هي بالأحري القدرة علي الترويج لمبدأ العدل الإجتماعي والحفاظ علي الأفراد رجال كانوا أو نساء فقراء أو أغنياء. هذه الخطوة هي التي تحدد صدقية الولاءللنص الإسلامي.

إن القاعدة في الإسلام هي بأن القانون هو الذي يحمي حقوق الفرد وليس العقوبة التي يتم إقرارها إلا إذا كانت إستثناءا مقيدبشروطعدة.

 

إن حركة الإصلاح من الداخل التي يتولاها المسلمون أنفسهم وبإسم رسالة والمصادر النصية في الإسلام لا يجب أن تغض الطرف عن الإستماع لما يقوله الأخرون وكذلك الإهتمام بالتساؤلات التي تدور في عقول غير المسلمين حيال الإسلام. وهذا لا يعني الإنحناء أمام الإستجابات الأتية من « الأخر » « الغرب » وإنما من أجل أن تظل امام نفسها تدرك أن إيمانها بناء.

 

نحن نناشد كل الذين يلتزمون بهذه الدعوة أن يصطفوا معنا  وأن يرفعوا أصواتهم مطالبين بالتعليق الفوري لتطبيق الحدود في العالم الإسلامي حتي يتم إرساء أسس لنقاش جاد حول هذا الموضوع. نقول بإسم الإسلام وبإسم نصوصه ورسالة العدل لا يمكننا الإستمرار بقبول تعرض النساء والرجال للعقوبة والموت بينما نظل ملتزمين الصمت ونكون شركاء في عملية تتسم بالخسة.

 

من الضروري بماكان أن يرفض المسلمون في كل أنحاء العالم التشريع الأصولي المصدر لتعاليم دينهم وأن يستوعبوا جوهر الرسالة الإسلامية التي تحضهم علي الروحانية وتتطلب المعرفة والعدل وإحترام التعددية.

 

لن يصلح حال المجتمعات عبر الوسائل القمعية والعقوبات  وإنما من خلال الإنخراط في عملية التأسيس لحكم القانون وتكوين مجتمع أهلي  وإحترام الإرادة الشعبية وكذلك التشريع العادل الذي يوفر الضمانة للمساواة بين الرجال والنساء والفقراء والأغنياء أمام القانون.


أنه من الضروري أن ندشن لحركة ديمقراطية تخرج الجماهير من الهوس بما يعاقب عليه

القانون إلي مايجب أن يحميه القانون وهو بالأساس ضميرهم وحريتهم وحقوقهم وكرامتهم.

طارق رمضان

 

Leave Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Liens

University of Oxford

St Antony's College …

European Muslim Network

http://www.euro-musl…

CISMOR Doshisha University

http://www.cismor.jp…

Présence Musulmane (Amérique)

http://www.presencem…

«
»
X