السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
نلتقي مجددا في هذا الشهر المبارك، شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن. سنحاول أن نتدارس القرآن في هذا الشهر، والذي يضم ثلاثين جزءا، بحيث ستستخرج من كل جزء المعاني العميقة، وجوهر التعاليم الإلهية التي من شأنها أن ترفع روحانيتنا، من خلال التدبر والتفكير العميق في مغزى هذه التعاليم.
لا تنسوا أبدا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم 1 : » وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة »
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
نحن في اليوم الأول من شهر رمضان المبارك، وسنبدأ بدراسة بعض معاني الجزء الأول من كتاب الله تعالى، من خلال سورة البقرة التي تحدثنا عن الخلق، وعن آدم عليه السلام. في هذا الصدد، يقول تعالى مخاطبا ملائكته : » وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة، قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء، ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، قال إني أعلم ما لا تعلمون ».و في آية أخرى، « وعلم آدم الأسماء كلها »، وفي أخرى كذلك : » ولقد كرمنا بني آدم » ؛ إذن العلم والكرامة هما المفتاحان الأساسيان لرفعة الإنسان وتحقيق سموه الروحي، لكيلا يكون من من المفسدين. فالإنسان، كما هو قادر على الإفساد في الأرض، وإهلاك الحرث والنسل، هو قادر كذلك على ضبط غرائزه ونزواته، إذا تسلح بالوسائل الكفيلة بتحقيق هذه الرفعة. إن الإنسان، انطلاقا من اكتسابه العلم، وتحقيق الكرامة والحرية، قادر على الولوج إلى هذه القيم، والغايات السامية التي من أجلها خلق الله تعالى البشرية جمعاء؛ ورمضان هو فرصة ثمينة لتحقيق هذه الغاية.
لا تنسوا أبدا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم 2 : » يسألونك عن الخمر والميسر »
يقول تعالى : « يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ». يجب أن نتوقف قليلا عند هذه الآية، لنتدبر معانيها بشكل أعمق، فالله سبحانه تعالى يخاطب هنا العقل البشري، الذي يقوم على التساؤل. في هذه الآية، لا يأتي الجواب على التساؤل حول الخمر والميسر بالنفي المطلق، بل هناك مضار كثيرة وبعض المنافع، فالكحول مثلا يمكن أن يستعمل للتداوي، ولأمور أخرى تنفع الناس في دنياهم، لكن في نهاية الخطاب، الذي يقصد منه التهذيب والتربية، يأتي التأكيد الإلهي بكون المضار غالبة على المنافع، وهنا يستوعب العقل البشري المغزى من التحريم. يتبين جليا أن الإسلام ليس دينا، أو مجموعة من الشعائر، نمارسها دون معرفة المقصود منها، بل هناك أمور منطقية، وعقلانية تحكم العلاقة بالمحرمات، لذلك فنحن مدعوون أن نقوم بهذا المجهود الفكري لاستيعاب هذه الأمور، وهذا المنطقق الذي يحكم شرعية أو عدم شرعية بعض الممارسات. لنجعل شهر رمضان شهر التدبر والتفكير المنطقي.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم 3 : » لا إكراه في الدين »
وصلنا إلى الجزء الثالث من كتاب الله تعالى، حيث سنتدارس في هذا الجزء آية يقول فيها الحق سبحانه وتعالى : « لا إكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغي ». هذه الآية، لأهميتها وجلال قدرها، جاءت مباشرة بعد آية الكرسي، التي نجد فيها وصفا لعظمة الله تعالى، وجلاله، وجبروته. رغم وجود بعض الآيات، التي تقر بكون الإسلام هو الدين الخاتم، فإن مسألة فرض اعتناق هذا الدين على الناس هي أمر مرفوض إطلاقا. نعلم جميعا، أن أبا طالب، وهو عم الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو الذي كان يحمي النبي عليه الصلاة والسلام من أذى قريش، لم يستجب لنداءه بالدخول في دين الإسلام، رغم إلحاحه المتكرر، فجاء قوله تعالى : » إنك لا تهدي من أحببت، ولكن الله يهدي من يشاء »، فالإيمان سر بين العبد وربه. وبالتالي، فحتى مع أقرب الأقربين، ومع أحبابنا، لا يمكن أن نفرض معتقداتنا عليهم؛ لكن يجب أن تكون علاقاتنا مبنية على الاحترام والتقدير المتبادل، بغض النظر عن الدين أو المعتقد.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم 4 : » إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب »
وصلنا اليوم إلى الجزء الرابع، وسنواصل تدارسنا لبعض الآيات من كتاب الله تعالى. يقول تعالى : « إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ». المقصود من هذه الآيات هو التدبر في خلق الله تعالى، وإعمال العقل والقلب للتأمل في عظمة هذا الكون، وعظمة الخالق جل جلاله. وهذا ما يدعونا إلى التأمل في أنفسنا، للسمو بها إلى المعالي، والتحرر من كل ما يحجبنا عن الله عز وجل. إن رمضان هو شهر التأمل، وشهر القرآن، وهو كتاب الله المسطور الذي يدعونا إلى التأمل في كون الله وخلقه، وهو كتاب الله المنظور. جاء في الأثر أن بلال وجد النبي عليه الصلاة والسلام يبكي فقال : يا رسول الله تبكي، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! قال: « أفلا أكون عبداً شكورا؟! لقد أنزلت علي الليلة آية، ويل لم قرأها ولم يتفكر فيها : « إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الأَلْبَابِ ».
لا تنسوا أبدا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم الخامس : القسط
نحن في اليوم الخامس من شهر رمضان المبارك، وسنتطرق إلى قوله تعالى : « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ». يسلط هذا الخطاب الإلهي الضوء على مبدأ أساس في الإسلام، وهو الشهادة بالقسط ، وكلمة الحق. لا يقتصر الأمر على الشهادة بالقسط فحسب، بل حتى لو كانت هذه الشهادة ضد مصالحنا الشخصية. إن الشهادة بالقسط مبدأ يتعالى على جميع المصالح، والمومن مدعو إلى تنفيذ هذا الأمر الإلهي، ولو على نفسه أو على الأقربين، يعني الأمر يجب أن ينفذ بغض النظر عن العلاقات والمصالح الدنيوية من أجل تحقيق العدل.
لا تنسوا أبدا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم السادس : « العقود »
يقول الحق سبحانه وتعالى : » يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ». إن الوفاء بالعقود هو أمر بالغ الأهمية؛ فقد رأينا في الأيام السابقة كيف يمكن للإنسان أن يوثق الصلة بالله عز وجل، من خلال التأمل في الكون، وخلق الله تعالى؛ والآن سنرى أن الوفاء بالعقود هو من أخلاق الإسلام، التي تحكم المسلم بالآخرين، فيما يخص المعاملات التجارية، أو الاجتماعية، كالزواج مثلا، واحترام القوانين والقواعد العامة. إن الوفاء بالعقود والعهود من صميم الدين، فالمومن لا يكتمل إيمانه إلا بالجمع بين إيمانه بربه عز وجل من خلال ميثاق العبودية، وبين حسن معاملة الناس من حوله.
لا تنسوا أبدا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم السابع: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ
نحن في اليوم السابع من شهر رمضان المبارك، وسنتوقف قليلا عند الجزء السابع من كتاب الله تعالى، والذي يتطرق إلى قصة إبراهيم عليه السلام مع أبيه آزر. كان إبراهيم عليه السلام موحدا، لكنه عاش وسط قوم مشركين بالله عز وجل. يقول تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام : » وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ». هذه الآية بالغة الأهمية، حيث سيقوم رجل، وهو مبعوث من عند الله تعالى، ضد أقاربه وقومه، حاملا رسالة التوحيد، وداعيا قومه للتحرر من كل ما سوى الله عز وجل. هنا نستخرج من الآية الكريمة، بداية، أن التوحيد كان هو الأصل قبل ظهور الإسلام والمسيحية واليهودية، لكن بعض الناس انتقلوا من التوحيد إلى الشرك. الأمر الثاني الذي يتضح بجلاء في هذه الآية الكربمة، هو أن الإيمان يتطلب الجرأة والشجاعة، ليبقى الإنسان المؤمن منسجما مع مبادئه، وليواجه مجتمعه الذي قد يفرض عليه اتباع طريق لا تنسجم مع مبادئه. الأمر الثالث هو أن إبراهيم كان يوجه النصح لأبيه بكل حب واحترام، لكن دون التغافل عن أخطائه، وزيغه عن الصراط السوي.
لا تنسوا أبدا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم الثامن: السلام
يقول تعالى : » لهم دار السلام عند ربهم، وهو وليهم اليوم بما كانوا يعملون ». هنا نتوقف عند أعظم التعاليم الإلهية في هذا الجزء الثامن من كتاب الله عز وجل، وهو أن الغاية القصوى والقيمة العليا التي يرجوها المؤمن هي بلوغ دار السلام، وهو اسم من أسماء الجنة؛ كما أن السلام هو أول كلمة نتلفظ بها عندما نلتقي بالآخرين، بالإضافة إلى كون الصيام يرمي إلى بلوغ المؤمن مقام السلام الداخلي والسكينة النفسية . إذن السلام هو سلام مع الذات، وسلام مع الخالق عز وجل في الدنيا، غايته بلوغ دار السلام في الآخرة، كما كان من أوامر النبي عليه الصلاة والسلام إفشاء السلام . نسأل الله تعالى أن يعيننا لبلوغ مقام السلام.
لا تنسوا أبدا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم التاسع: الفطرة
نحن في اليوم التاسع من شهر رمضان المبارك، وسنتوقف عند مفهوم بالغ الأهمية، نجده عند كل من الصوفية والفلاسفة والفقهاء، وهو مفهوم الفطرة، التي تعبر عن تطلع الإنسان إلى معرفة الله تعالى. قال الله تعالى : »وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ». إن الفطرة هي تطلع متأصل في عمق كل إنسان إلى السمو الروحي، تدفعه إلى التساؤل عن الجوهر والمعنى، فهناك شرارة من النور داخل هذا القلب، تدفع بصاحبه إلى البحث عن النور الإلهي “نور على نور”. إذن نحن مدعوون إلى الاستجابة لنداء الفطرة، من خلال التحرر من جميع الحجب التي تحجبنا عن الحقيقة، وعن معرفة الله عز وجل. إن الإيمان هو مصالحة بين نور الله عز وجل وبين فطرة الإنسان التي ستلتقي مع هذا النور الإلهي. يمكن أن نستخرج كذلك من هذه الآية الكريمة أمرين أساسيين. الأمر الأول هو أن الإنسان في رحلة دائمة من البحث والتساؤل. الأمر الثاني هو أن صلتنا بالله تعالى هي التي تعطي للقلب سكينته، فالإسلام هو إسلام الوجهة لله تعالى، ليحصل هذا القلب على السلام مع الله تعالى، وهذه هي غاية كل مؤمن.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم العاشر : الوحدة
نحن اليوم في العاشر من شهر رمضان المبارك، وهكذا يكون قد انقضى ثلث الشهر الكريم. سنتوقف قليلا عند الجزء العاشر، مستفتحين بقول الله تعالى : » يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين ». هذه الآية الكريمة تحمل التعاليم الإلهية المتعلقة بوحدة المسلمين، فالوحدة لا تعني النمطية في التفكير، بل إنها تعني مدى قدرتنا على حسن تدبير التنوع والاختلاف، يعني أننا لسنا متشابهين، وليست لنا بالضرورة نفس الأفكار، والقناعات، ولكن الإيمان بالله تعالى يجمعنا، والذي يتجلى في طاعة الله ورسوله، كما جاء في الآية، وفي تتمة الآية يحذرنا الله تعالى من التنازع بسبب اختلاف في الأفكار، لأن التنازع هو باب الفشل، والهلاك، وفقدان مصدر القوة. لكن نرى للأسف في واقعنا العديد من التيارات الدينية تتصارع فيما بينها، وتكفر بعضها البعض، بسبب الاختلاف في التوجهات الفكرية، أو في تأويل بعض النصوص الدينية. إن التنوع مصدر غنى وحيوية، لذلك وجب حسن تدبيره ليكون مصدر قوة، وعنصرا من عناصر وحدة المسلمين.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم الحادي عشر: الزكاة
نحن في اليوم الحادي عشر من شهر رمضان، وهكذا نكون قد دخلنا في الثلث الثاني من شهر رمضان المبارك. رمضان هو شهر مجاهدة النفس وتهذيبها، بمختلف العبادات كالصوم والصلاة، والزكاة كذلك؛ كما جاء في قوله تعالى » خذ من أمواهم صدقة تطهرهم بها وتزكيهم ». بالإضافة إلى كون الزكاة من الواجبات، بل من أركان الإسلام، فهي بمثابة تزكية للنفس، وتهذيب لها، والسمو بها إلى المعالي. هنا يتضح جليا أن العبادات تتكامل فيما بينها، فالصوم والصلاة يوثقان صلة المؤمن بخالقه عز وجل، والزكاة هي حق للفقراء في أموال الأغنياء؛ وبالتالي فهي اعتراف بهذا الصنف من المجتمع، وحقه في الحياة الكريمة، لكن في الواقع، نجد فقط ١٪ من الأغنياء يستحوذون على ٦٠٪ من ثروات العالم؛ هذا ظلم فاحش، وهو من نتائج تكديس الثروة، وحرمان الفقراء منها. إن الإيمان بالله تعالى يقتضي منا تهذيب أنفسنا، ومجاهدتها من خلال توثيق صلتنا بالله عز وجل، كما يقتضي منا نوعا آخر من المجاهدة، يتجلى في العطاء ، وإكرام الفقراء من خلال فريضة الزكاة، ومن خلال الصدقات كذلك.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم الثاني عشر : قصة يوسف عليه السلام
قال تعالى : « لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ ». سنستقي مجموعة من التعاليم الإلهية من خلال هذه السورة التي تحكي بالتفصيل قصة نبي الله يوسف عليه السلام. فهناك هذا الحب الكبير الذي كان يكنه الأب يعقوب عليه السلام لابنه يوسف، الذي سيبتلى بفقدانه سنين طويلة، وهناك البلاء الذي سيتحمله يوسف عليه السلام، بسبب تآمر إخوته عليه بسبب الغيرة. لقد تمكن إخوته من التخلص منه، فآواه العزيز في بيته، ليبدأ مسلسل جديد من الابتلاء، حيث ستدعوه امرأة العزيز للفاحشة، لكنه استمسك واستعصم، فكان جزائه السجن، وقال » رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه ». لكنه صمد حتى النهاية، فصار حاكما، وعفى عن إخوته، رغم الأذى الذي تجرعه بسببهم، والتقى أباه الذي كانت غايته رؤية ابنه يوسف. إن قصة يوسف هي قصة مليئة بالعبر، انها بكل اختصار قصة الصمود والصبر والعفو إضافة إلى الوفاء للمبادئ، مهما كان الثمن.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم الثالث عشر: النبوات
نحن في اليوم الثالث عشر من شهر رمضان المبارك، ونصل، بالتالي، إلى الجزء الثالث عشر من كتاب الله عز وجل، وسنتطرق إلى جوهر الرسالات التي أتى بها الأنبياء، والرسل عبر التاريخ، من أجل تذكير أقوامهم بالله تعالى. قال تعالى : » قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض ». لا يليق الشك بالله عز وجل، بل يجب أن نكون واثقين في فضله وكرمه وعفوه. إن جوهر الرسالات، من خلال هذه الآية الكريمة، هو التوحيد، وتحقيق العبودية لله عز وجل، وحده لا شريك له، وذلك منذ خلق آدم، حتى قيام الساعة.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم الرابع عشر : حفظ اللسان ، والحلال والحرام.
نحن في اليوم الرابع عشر من شهر رمضان المبارك، وسنتطرق إلى بعض التعاليم الإلهية، التي سنستقيها من الجزء الرابع عشر من كتاب الله عز وجل. من بين هذه التعاليم نجد أن الإسلام حدد حدود الحلال وحدود الحرام. إذن الأمور واضحة، ولايمكن بأي حال من الأحوال الاستهانة بأمور الحلال والحرام، بدليل الحديث النبوي « الحلال بين والحرام بين ». لكن في الواقع، هناك بعض العلماء، وبعض الشباب، يخوضون في أمور الحلال والحرام بشكل غير علمي؛ يقول تعالى : » وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ». لقد كان الصحابة وكبار العلماء يحترزون كثيرا من هذا الأمر، خصوصا عندما يكون الحلال بين، والحرام بين، لكن في بعض الحالات لا يكون هناك نص صريح، فنجد بعض العلماء يتسابقون إلى إطلاق بعض الأحكام المتسرعة، لأنه افتراء على الله تعالى، كما جاء في الآية الكريمة. فلا يمكن التصدر لإطلاق الأحكام بدون علم وبدون فهم، وكذلك بدون الأخذ بعين الاعتبار السياق العام، فهناك من يحكم عقله منطق التحريم وعدم الفهم، فيكون أقرب إلى التحريم، ومن كان يستوعب النصوص بشكل عميق فهم لا يتسرع في إطلاق الأحكام دون احتراز ودون حذر، فالمفتاح هو العلم، والاستيعاب الجيد للنصوص، والأخذ بعين الاعتبار التعقيد الذي يمكن أن يلف بعض النصوص، حتى نتمكن من الوصول إلى أحكام تنسجم مع منطق الشريعة.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم الخامس عشر: الإسراء والمعراج
نحن في اليوم الخامس عشر من شهر رمضان المبارك، وهكذا يكون انقضى النصف الأول من الشهر الكريم. سنتطرق إلى قصة الإسراء والمعراج، حيث أسري بالنبي عليه الصلاة والسلام ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى. قال تعالى : » سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا ». لقد كان حدثا جليلا ازداد فيه شك المشككين وصدق الصادقين، فقد اتهم بالساحر والمجنون؛ فبقدر ما كان الحدث فضلا من الله تعالى على النبي عليه الصلاة والسلام، بقدر ما كان ابتلاء عظيما، حيث كان محط تكذيب من أعداءه. من ناحية أخرى، كان لقاء النبي عليه الصلاة والسلام بمن سبقه من الأنبياء والرسل حدثا بالغ الأهمية، يشير إلى أن جوهر الرسالات السماوية واحد وهو توحيد الواحد الأحد. تشير الآية الكريمة إلى أمر آخر بالغ الأهمية، وهو الصلة الوثيقة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، وهذا تأكيد على رمزية هذه البقعة المقدسة، وهو ثالث مسجد تشد إليه الرحال، وتأكيد على المكانة المركزية التي يحتلها في الإسلام.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم السادس عشر : الصبر
نحن في اليوم السادس عشر من شهر رمضان المبارك، وسنتوقف قليلا عند سورة الكهف، التي نجد فيها قصة لقاء موسى بالخضر عليه السلام، حيث سيعلمه بعض الأسرار التي يعجز العقل عن إدراكها والإحاطة بها. ﴿ قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً﴾، فجاء رد الخضر : ﴿ قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ﴾. وهكذا بدأت القصة، فكان موسى يتفاجأ كل مرة مما يقوم به الخضر من عمل شنيع وغير مقبول، فيعترض موسى عليه السلام، فيأتي رد الخضر قائلا : ﴿ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ﴾. وفي نهاية القصة، عندما ينفذ صبر موسى عليه السلام، يأتي الخضر لينبأه بهذه الأسرار :﴿ قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرا ً﴾. من خلال هذه الآيات بالغة الأهمية، يمكن أن نستقي عدة تعاليم، منها أنه في هذه الحياة، هناك أمور قد تبدو في ظاهرها سيئة لكن تخفى علينا أسرارها، وما قد تنطوي عليه من منافع كثيرة. فهناك أمور تحدث لنا في الحياة، لا يمكن أن نستوعبها في حينها، ولا يمكننا الإحاطة بها، وهكذا بجب التحلي بالصبر في مثل هذه الأمور. وهكذا أخفى الله تعالى علينا أمورا عديدة، لا يمكن للعقل أن يدركها، وهذه إشارة إلى محدودية المعرفة البشرية وقصورها عن إدراك الحقائق بشكل مطلق.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم السابع عشر : المقاومة
نحن في اليوم السابع عشر، وسنتطرق إلى الجزء السابع عشر من كتاب الله تعالى. نعلم أن النبي عليه الصلاة والسلام هاجر من مكة إلى المدينة، بسب الأذى الذي كان يلحقه من قريش، لكن الأذى استمر وهو في المدينة المنورة، هنا ستنزل آية من كتاب الله عز وجل تأذن للمومنين بمقاومة العدوان، فطيلة مكوثهم في مكة، كان الصحابة لا يردون على العدوان، ويكتفون بتجنب المواجهة. قال تعالى : « أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا، وإن الله على نصرهم لقدير ». لقد استشف أبو بكر الصديق من هذه الآية أن الأمر يتعلق بالقتال. إن هذا القتال لم يم يكن قتالا من أجل التسلط أو الاستعبداد، بل لرد العدوان ومقاومة العدو، كما أن الإذن بالقتال جاء بعد استنفاذ جميع الوسائل السلمية الأخرى، والإمكانيات المتاحة، لكن عندما يستمر العدوان، هنا لا بد من مقاومته من أجل الحرية والكرامة وإحلال السلام.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم الثامن عشر : فلاح المؤمنين
نحن في اليوم الثامن عشر من شهر رمضان المبارك، وسنتوقف قليلا عند الآية الكريمة : » قد أفلح المومنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ». هنا يربط الله سبحانه وتعالى الفلاح بالخشوع في الصلاة، وبمجموعة من الخصال في تتمة الآية. إن الفلاح بمنظور الإيمان لا يتعلق بما نملك من مال، أو بوضعيتنا الاجتماعية، أو بالجاه، بل إن الفلاح الحقيقي رهين بسلامة قلوبنا، و بالقيم الروحية التي نتحلى بها، والتي تنبع من دواخلنا، كما إن الفلاح رهين باستحضار الله تعالى في حياتنا،ومدى صلتنا به تعالى. إن طريق الفلاح يرينا جوهر هذه الحياة، التي تتجلى في العمل من أجل تحقيق محبة الله تعالى، والابتعاد عن سفاسف الأمور.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم التاسع عشر : نوح عليه السلام والفقراء
نحن في اليوم التاسع عشر من شهر رمضان المبارك، ونتوقف عند الجزء التاسع عشر من كتاب الله عز وجل، للحديث عن قصة نوح عليه السلام، حيث عندما أرسله الله إلى قومه من أجل دعوتهم إلى التوحيد، نبذه قومه، خصوصا الأثرياء وذوي الجاه، الذين يعتقدون أن نوح جاء للتشويش على مكانتهم الاجتماعية؛ قال تعالى على لسان هؤلاء القوم : » قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون »، كما لو كانت رسالة الأنبياء والرسل موجهة فقط للفقراء والبؤساء؛ وهذا الأمر حدث مع جميع الأنبياء، ولهذا فإن من التعاليم التي يمكن أن نستقيها من هذه الآية، هو القرب من الفقراء، وتعبئتهم من أجل استرداد حقوقهم، والعيش في أجواء الحرية، والكرامة، لتحقيق العبودية لله عز وجل.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم العشرون : نصيبك من الدنيا
نحن في اليوم العشرين من شهر رمضان المبارك، وهكذا يكون انقضى الثلث الثاني من شهر رمضان المبارك، وسنتوقف في هذا الجزء العشرين عند الآية الكريمة : » وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ». هنا يذكرنا الله سبحانه وتعالى بالآخرة، ويدعونا للعمل من أجل الاستعداد لها، كما يدعونا الى الإحسان إلى المخلوقات، وفي نفس الوقت يدعونا الله تعالى إلى عدم تجاهل نصيبنا من الدنيا، وأن نعيش حياة كريمة، والاستمتاع بالطيبات التي أحلها الله تعالى لعباده، فالحياة هدية من الله تعالى لعباده، وهذا هو جوهر الوسطية في الإسلام.
تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم الواحد والعشرون : الحوار مع أهل الكتاب
نحن في اليوم الواحد والعشرين من شهر رمضان المبارك، وسنتطرق إلى الجزء الواحد العشرين من كتاب الله عز وجل، حيث يقول الحق عز وجل : » ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أجسن، إلا الذين ظلموا منهم » . هنا يدعونا الله سبحانه وتعالى بالحوار مع أهل الكتاب، ليس فقط بالطريقة الجيدة والحسنة، بل بأجود وأحسن الطرق، القائمة على الاحترام الكامل، والإنصات للآخر، ومحاولة استيعاب ما يقوله، كما يجب أن نتخلص من العقلية الثنائية، القائمة على أننا نحن مسلمين والآخرون غير مسلمين، بل هناك مسلمون، ومسيحيون، ويهود، ومعتنقوا الديانات الأخرى، فمن اللازم استيعاب هذا التنوع. لقد شاءت حكمة الله أن يكون هذا التنوع قائما بين البشر، ولهذا يدعونا الله تعالى لاستيعابه، بالحوار مع غيرنا بأحسن الطرق والوسائل وأجودها، نسأل الله تعالى أن يعيننا على هذا الأمر.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم الثاني والعشرون : » ولا تزر وازرة وزر أخرى »
في اليوم الثاني والعشرين من شهر رمضان المبارك، سنتوقف قليلا عند الآية : « ولا تزر وازرة وزر أخرى »، وهو نداء إلى الوعي بالمسؤولية الفردية الملقاة على عاتق كل مؤمن، بخلاف ما نجده في الأديان الأخري كالمسيحية، التي تقر بمفهوم الخطيئة الأصلية. إن الإسلام يقر ببراءة الإنسان منذ ولادته حتى يصل سن الرشد؛ آنذاك يصبح مسؤولا عن أفعاله وليس عن أفعال الآخرين، وسنحاسب عليها، حيث لا دخل للآخرين فيها. إذن من واجبنا أن نتحلى بالشجاعة، والاستقلالية، وألا نتخفى وراء أي سلطة، بدعوى أنها هي المسؤولة عن كل ما قد نقوم به من أعمال، فأوزارنا لا يحملها غيرنا بل سنحملها نحن، ومن هنا تأتي ضرورة الاستقلالية، وضرورة أن يبقى الوعي يقظا.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم الثالث والعشرون : الآيات الكونية
في اليوم الثالث والعشرين، سنتوقف عند الآية : « وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ » . هذه الآية تدعونا إلى التدبر في الكون والتأمل في آياته، لاستحضار عظمة الله تعالى وجبروته. إن الكون آية من آيات الله تعالى، يجب أن نحسن قراءته بقلوبنا، فإحياء الأرض بعد موتها دليل على أن الله حي لا يموت، وأنه هو القاهر فوق عباده، وهكذا فتحقيق القرب من الله عز وجل رهين بمدى تأملنا في هذه الآيات، وتدبرنا في هذا الكون الفسيح.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم الرابع والعشرون : « إن الله يغفر الذنوب جميعا »
نحن في اليوم الرابع والعشرين من شهر رمضان المبارك. سنتوقف عند آية في الجزء الرابع والعشرين، يقول فيها الحق سبحانه وتعالى : » قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ». هناك العديد من التعاليم الإلهية التي يمكن أن نستقيها من هذه الآية الكريمة، فالإنسان عندما يراجع نفسه، ويمتحنها، يجد أن صحيفة أعماله مليئة بالذنوب، والأخطاء، والمعاصي التي نرتكبها في حياتنا؛ هنا يدعونا الله سبحانه وتعالى إلى عدم اليأس من رحمته، مهمة بلغت ذنوبنا، ومهما كانت معاصينا، بشرط التوبة، والإقلاع عن المعاصي، وتجنب العودة إليها. فمادامت هناك حياة، فباب التوبة إلى الله تعالى مفتوح، ورحمته واسعة وهو أهل المغفرة. لنكن واثقين في رحمة الله تعالى ومغفرته مهما كان ماضينا ومهما كانت ذنوبنا.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم الخامس والعشرون : مسؤولية الإنسان
قال تعالى : » وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ». هذه الآية ترجع بنا إلى ما تطرقنا إليه في بداية رمضان، عندما تحدثنا عن استخلاف الإنسان في الأرض، حيث أن الإنسان له مقام خاص بين خلق الله تعالى، يتطلب منا أن نكون مسؤولين عن هذا الاستخلاف، حيث أن الله تعالى سخر لنا جميع الوسائل لنكون في مستوى هذا الاستخلاف، وليس لنستكبر، ونتجبر على خلق الله، ونعتدي على الطبيعة، والمخلوقات، وهذا هو ما نشاهده في الواقع، وخير دليل هو هذه التغيرات المناخية، التي نعيشها في العالم بأسره. إن الطبيعة لها حياتها كذلك، ويجب ألا نعتدي على حق المخلوقات في الحياة… لنكن مسؤولين وجديرين بهذا الاستخلاف، ولنعتن بخلق الله وبكل ما سخره لنا الله تعالى في هذه الحياة.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم السادس والعشرون :الحجرات
يقول تعالى في سورة الحجرات : » يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ». هذه الآية بالغة الأهمية، فهي تدعو المؤمن بداية إلى ضرورة التحري، والتبين، والتأكد من صحة الأخبار ومصادرها قبل نشرها، فمن غير المعقول إطلاق الأحكام جزافا دون التنقيب عن صحة المعلومات. وهذا ما نراه في الواقع مع الأسف، خصوصا مع هذا الكم الهائل من الأخبار والمعلومات التي نتلقاها كل يوم، خصوصا من مواقع التواصل الاجتماعي. فإما أن يكون الخبر صحيحا بعد التأكد من صحته ومصدره، وهنا يمكن أن نعطي رأينا وحكمنا في المسألة المطروحة، بشكل سليم وعقلاني، وإلا فإنه يجب الصمت في هذه الحالات عندما تكون المصادر غير موثوقة.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم السابع والعشرون :الميزان
نحن في اليوم السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك، وسنتوقف عند الجزء السابع والعشرين، عند آية من سورة الرحمان، عروس القرآن، يقول فيها الحق سبحانه وتعالى : ﴿ وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ ﴾. إن مفهوم الميزان له معاني عديدة بالغة الأهمية، فهناك الدنيا، وهناك الآخرة، وهناك الليل، وهناك النهار، وهكذا فالتوازن بين الأمرين مهم للغاية… فالإنسان مثلا لا يمكن أن ينغلق على نفسه، فهو مدعو للعيش وسط المجتمع، كما أنه لا يمكن أن ينقطع إلى العبادة بشكل مطلق وينسى نصيبه من الدنيا، فمن السهل أن تكون متطرفا، لكن أن تكون في الوسط، فهذا جهاد، ويجب أن نعمل كل ما في وسعنا لبلوغ هذا التوازن، وهو عقبة من العقبات وجب اقتحامها.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم الثامن والعشرون : سبح لله ما في السماوات وما في الأرض : الانسجام والاتساق في الكون
نحن في اليوم الثامن والعشرين من شهر رمضان المبارك، ونقترب من نهاية هذا الشهر الكريم. سنتوقف عند الجزء الثامن والعشرين من كتاب الله، حيث يقول تعالى : » سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ. كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ ». يمكن أن نستقي مجموعة من التعاليم الإلهية من هذه الآيات، حيث هناك الإشارة إلى هذا الانسجام والاتساق الذي يحكم حركة الكون، من سماوات وأرض، وهو غارق في تسبيح الله عز وجل، وهنا تتجلى عظمة المكون سبحانه وتعالى. في تتمة الآية، يحدثنا الله تعالى عن هذا الإنسان الذي يخرج عن هذا الانسجام والاتساق، عندما يقول ما لا يفعل، وبالتالي يكون عنصرا مشوشا ومناقضا لهذا الانتظام الذي يحكم الكون. وهنا يذكرنا الله تعالى بالرجوع إلى جادة الصواب، حتى نكون منسجمين مع ذواتنا، وتكون أفعالنا مطابقة لأقوالنا.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم التاسع والعشرون : « واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا »
نحن في اليوم التاسع والعشرين من شهر رمضان المبارك، وسنتوقف قليلا عند الجزء التاسع والعشرين من كتاب الله عز وجل، حيث يقول سبحانه وتعالى : » رب المشرق والمغرب، لا إله إلا هو، فاتخذه وكيلا، واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا ». يتحدث الجزء الأول من هذه الآية عن عظمة الله تعالى، كما يدعو نبيه عليه الصلاة والسلام بالتوكل عليه، واتخاذه وكيلا، لمواجهة كل أشكال النبذ، والإقصاء من الآخرين. هنا يدعو الله سبحانه وتعالى نبيه إلى الصبر، كما يدعوه إلى هجرهم هجرا جميلا، وهنا تتجلى جمالية الأخلاق في الإسلام.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم الثلاثون : اقرأ
نحن في اليوم الأخير من شهر رمضان المبارك، وسنتوقف قليلا عند الآية الكريمة :” اقرأ باسم ربك الذي خلق”. هذه الآية بالغة الأهمية، حيث يدعو الله سبحانه وتعالى نبيه محمد عليه الصلاة والسلام إلى القراءة، لأنها تفتح لنا آفاقا معرفية تتيح لنا معرفة أنفسنا واستيعاب العالم من حولنا. إن العلم يتيح لنا تربية أنفسنا وتهذيبها، كما يتيح لنا الانفتاح على من حولنا، لخدمة غيرنا والتقرب من الله تعالى.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عيد مبارك سعيد
نسأل الله أن يتقبل أعمالنا وصيامنا ويستجيب لدعواتنا ويشفي مرضانا. لقد أنهينا قراءتنا لكتاب الله عز وجل، من خلال تدارسنا الوجيز لمختلف الأجزاء، والآن يجب أن نواصل قراءتنا لكتاب الله عز وجل، فكتاب الله تعالى لا تنقضي عجائبه وأسراره، من أجل الفهم والاستيعاب، تهذيبا لأنفسنا، وتقربا إلى الله تعالى.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
Bonjour, Professeur Ramadan
Serait il possible de faire une traduction
Merci infiniment
Bonjour Nadia,
La traduction en français et en anglais est disponible en video sur la page facebook du professeur.
Salutations