إن بناء جسر بين البشر، وبين الضفاف الهوياتية، والدينية، والثقافية، والاجتماعية، وبين الذاكرات والحكايات التاريخية، هو أمر محفوف بالمخاطر فعلا، ويتطلب تضحيات كبيرة للغاية. ومن شأن التوفيق والمصالحة أن تنتهيان بخلق مناخ يسود فيه الشك وتنعدم فيه الثقة. ولهذا يكون من المُغري الاستسلام للأجواء السائدة واختيار مُعَسْكَرٍ معين للولوج إلى سلام مُزَيَّفٍ. يُمْكِنُ أن ييدو هذا الحل مُرِيحًا، لكنه خيانة للقيم العليا الذاتية. يجب أخذ الوقت اللازم والتّحَلِّي بالشجاعة. ستستمر الضفاف في الحذر من بعضها بعضا، حتى يتمكن الجِسْرُ من مصالحتها وحتّى يتيح لها إدراك جمال النهر الذي يجمعها، بِجَمْعِ وجهتي النظر، مانحا لها منظورا غنيا. وستعرف، نتيجة ذلك، حاجاتها المشتركة التي تتجَلّى في هذا الماء الذي يجري، وهو ليس في ملك أحدٍ، بل يُسْهِمُ في الثّروة الجماعية. سيصبح الجسر للناس ما يصبح النهر للضفتين معا : إنها ثروة مشتركة بعدما كانت تهديدا يدعو إلى التّفرِقة والانقسام والانشطار.
طارق رمضان- واجب الحقيقة (2019 ,Devoir de vérité)
يعود انكسارالحضارة الإسلامية - حسب العديد من المؤرخين- إلى حوالي القرن الثالث عشر، والغزو المغولي. كانت الاضطرابات على طول حدود الإمبراطورية، وهشاشة السلطة، والهزائم...