طارق رمضان : أنا مُتفق بطبيعة الحال مع فكرة إعادة النظر في مصطلحات الحوار الجديد بين الأديان. لم أتوقف عن الكتابة والاشتغال في هذا الصدد منذ خمس وعشرين سنة. أود أن أرجع إلى الملاحظة التي طرحها كلود هنري ديبور على هذه الأديان التي تتنافس فيما بينها، والتي تتنافس أحيانا حتّى من الدّاخِل بين مختلف التيارات والمذاهب. هذا الأمر واضح بجلاء عندما ننظر إلى الفوضى السائدة داخل الأسرة الإسلامية بين الشيعة والسنة خصوصا، وحتى داخل هذين التيارين الرّئيسيين. الملاحظة نفسها يمكن معاينتها داخل اليهودية الممزقة بين التوجهين الأورثودوكسي والليبرالي؛ واللذان يضاف إليهما، بالتأكيد، العلاقة مع إسرائيل والتيارات الأكثر تطرفا. إن مختلف المذاهب المسيحية تجتاز بدورها التوترات ذاتها. إذاً، هناك عمل حقيقي يتعين القيام به من الداخل، ويُعَدُّ ضرورة حتمية للحوار بين الأديان. وكما قلتم، إدغار موران، من الواجب دعوة معتنقي الأديان إلى التفكير سويّاً في قضايا العالم، وفي التحدّيات المعاصرة، والعمل على تطوير حِسِّ المسؤولية، والتضامن، والاحترام المتبادل، والمحبة. إنها أولوية بكل تأكيد، وأشاطركم النَّقْدَ الذي قُمْتم بالتعبير عنه. لكني أتعامل بِدِقَّةٍ أكثر مع الخطاب الذي طُبِّعَ في أوربا فيما يَخُصُّ نقد الأديان، فهناك من يعتقد أنه من أصحاب خطاب إنساني أو علمي بإجراء محاكمة للتجاوزات والانحرافات البشرية. كما لو كان الدِّينُ، على مَرِّ التاريخ، مُنحصرا فقط في هذه الأمور. والواقع هو أن إسهام التجربة الدينية، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، هو شيء آخر، أكثر عمقا وروحانية ونبلا. الدِّين، بداية، عالَمٌ يحمل في طيّاته المعنى على المستوى الروحي، وهو كذلك منظومةٌ للإصلاح والتغيير الذاتي، وهو أخيرا، تعبير عن علاقةٍ نربطها بالعالم، وترمي إلى تحقيق الكرامة والتضامن والتحرير والتواضع.
طارق رمضان، إدغار موران : القضايا الإنسانية الطارئة والجوهرية.
(L’urgence et l’essentiel, Tariq Ramadan et Edgard Morin, 2017)