صياغة الخطاب الإسلامي في الغرب

إن أكبر التحديات التي ستجتاز المسلمين في السنوات القادمة هو إعادة النظر في النصوص، والمراجع الدينية، والقيام بمجهود فكري حقيقي فيما يخص استيعاب النصوص. لا يتعلق الأمر فقط بالوقوف عند الأوامر والضوابط، بل يجب استيعاب جوهر هذه الأمور، والوقوف عند متطلباتها، والغاية من تشريعها، في إطار مقاربة لا تتجاهل الأساس الروحي الذي يجب أن يبني عليه المسلمون، وهو السلوك إلى الله. فالجميع يشعر بالحاجة إلى تحقيق هذه الرؤية، ليس فقط، ليفهمنا الآخرون ويستوعبوا خطابنا بشكل جيد، ولكن ليتحقق كذلك التفاهم بين المسلمين أنفسهم، وليعملوا على صياغة خطاب واضح. لكن هذا الأمر أبعد ما يكون عليه المسلمون اليوم، وهذا يبدو بجلاء في واقع المسلمين.

ولذا فمن الضروري الرجوع إلى الركائز التي بني عليها الإسلام، والعمل على توضيح مبادئه وآفاقه. تتجلى الخطوة الأولى في تحديد بعض المفاهيم والعمل على توضيحها، لأنها ستتيح لنا صياغة خطاب متماسك ودقيق يكون في متناول الجميع، سواء تعلق الأمر بالمسلمين أو بمحاوريهم. إنه خطاب واحد وموحد يعكس تصور المسلمين ونمط حياتهم، ويرفض في جميع مراحل صياغته، أن يقوم على المظاهر البديهية أو على الاستمالة التبسيطية أو الكاريكاتورية الباعثة على السخرية. ولذا، يبدو جليا أن المشروع كبير، ويتطلب من المسلمين والمسلمات مجهودا فكريا حقيقيا، كما يدعوهم إلى العمل الجاد من أجل توضيح المفاهيم. فلا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نعمل على توضيح فكرة معينة، وهي مازالت غامضة في عقولنا. إن هذا الأمر يعد واجبا بالنسبة إلى مسلمين الذين يحملون هم الدعوة والتبليغ ، وهي مسؤولية ملقاة على عاتقهم من أجل تبليغ الشهادة للناس.

طارق رمضان- أضواء على قضايا الإسلام والمسلمين-2016.

Tariq Ramadan, « De l’islam et des musulmans – Réflexions sur l’Homme, la réforme, la guerre et l’Occident », 2014.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا