طارق رمضان : [..] أَوَدُّ رغم ذلك الرجوع إلى الفكرة التي طرحتموها، إذ قلتم إنّ من واجب الإسلام، بِحُكْمِ حداثة عهده، أن يعمل على تجاوز « أخطائه » المتعلقة بإقصاء الملحدين، أوالمشككين كذلك من أهل الكتاب، خصوصا اليهود والمسيحيين، الذين قد يستفيدون من سماحة الإسلام. يجب أن نكون حريصين مرة أخرى، على رفض استعمار الزمن والتاريخ، بعدما اسْتُعْمِرَ الفضاء واستُعمِرَت بعض الدول. إن الاعتقاد أننا الأكابر سِنّاً في تاريخ البشرية، باعتقاد أن الأديان حديثة العهد يجب أن تَمُرَّ عبر نفس المراحل، هو اقتراف لخطإ مزدوج يتجلى في :
أولا: إن الأديان لا تتشابه فيما بينها، والأمر نفسه بالنسبة لتاريخ الأديان، ولا وجود لحتمية إيجابية في التطور التاريخي.
ثانيا: لا يمكن أن تصبح حضارة ما أو فلسفة ما أو دين ما بالضرورة أكثر نضجا وانفتاحا مع مرور الوقت. نجد الواقع، فعلا، أكثر تعقيدا، بالنسبة إلى الإسلام، أو المسيحية أو اليهودية، أو أي دين آخر أو فلسفة أخرى. يجب أن نتفادى النظر إلى أنفسنا معيارا لحساب زمن الآخر وتطوره وتقدمه، انطلاقا من موقف الهيمنة السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية. لقد عَرَفَتِ الحضارة الإسلامية فترات الانفتاح الفكري والديني والفلسفي والفني، التي تجاوزت العلاقة بأديان أهل الكتاب فقط، لتَشْمَلَ مُبَكِّرا جدا الإسهامات الهندية والصينية والافريقية فيما بعد. لقد كانت منفتحة وتعددية في سِنٍّ مبكر من عُمرها، لكنها انغلقت على نفسها مع مرور الزمن. إن أسباب جميع أشكال الانغلاق والتوترات والعجز الذي أصاب مجال الإبداع أو الانفتاح هي التي يجب دراستها دون تبسيط، أو إسقاط تاريخي، أو اختزال. يجب أن نعترف بعد ذلك بأن هناك عوامل داخلية وخارجية تمكننا من تفسير هذا التطور. إذا ركزنا على الشرق الأوسط، مثلا، لا يمكن إنكار أن إدارته وتقسيمه ورهاناته السياسية والاقتصادية كان لها تأثير على طريقة إدارة التعددية وواقعها، وكيف كانت تمنع في بعض الأحيان.
Edgard Morin, Tariq Ramadan, « L’urgence et l’essentiel », 2017.