سنكون معكم في كل يوم من أيام رمضان المبارك، نستقي من كتاب الله تعالى أهم التعاليم الروحية، وستكون المقاربة تدور حول أهم الأحداث التاريخية التي طبعت حياة الأنبياء والمرسلين، وسنركز بشكل خاص على الجوانب السيكولوجية والروحية التي كانت تميزهم، لنحذو حذوهم من أجل التزكية وصلاح النفس.
اليوم 1 : التعاليم السيكولوجية و الروحية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سنتوقف في هذا اليوم عند دراسة أهم الملامح السيكولوجية والروحية التي كانت تميز آدم وحواء. هذه الملامح ستكون ترجمة لأول تجربة إنسانية على الأرض. فالقرآن يذكر في العديد من المناسبات أن التكاملية هي الصفة التي تميزهما حقا، ولكن أيضا تعرضهما للمحن نفسها التي تجتاز التجربة الإنسانية بشكل عام. إضافة إلى ذلك، يقول تعالى : « ولقد كرمنا بني آدم »، وهنا الكرامة مشتركة بينهما، حتى أن الله تعالى أسجد الملائكة لآدم تجسيدا لهذه الكرامة الإنسانية : » وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس ». سيكون آدم وحواء مدعوين إلى الاستماع بجنة الأرض، لكن بالتزام بعض الحدود، وهي عدم الاقتراب من الشجرة. قال تعالى : » ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزمًا »؛ هنا يذكرنا القرآن بالصفة اللصيقة بني آدم وهي النسيان، وهنا ستكون سيكولوجية آدم مقترنة بهذا الصراع وهذه النوازع النفسية التي تبرز بقوة عند النسيان : « فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى ». ولذا، يؤتى الإنسان من النسيان والغواية. وهنا الغواية تأتي من أمرين مهمين : الطمع في الخلود الذي يتجاوز قدرات الإنسان، والغنى الذي لا يبلى. وهكذا فالصفة الثلاثية التي تميزهما : الكرامة التي تسمو بهما إلى العلى، والنسيان الذي يبعدهما عن الطريق، وتعرضهما للإغواء. لكن هناك أمر بالغ الأهمية الذي وجب عليه التركيز بشكل خاص هو القدرة على الرجوع إلى الله، والتوبة والندم، وهذا ما يتجسد في قوله تعالى : » فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم ». ولذا، فنحن قد ننسى ونتعرض للمحن، لكن تبقى لدينا القدرة على تدارك ما فات بالرجوع إلى الخالق : » إنا لله وإنا إليه راجعون ».
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يعود انكسارالحضارة الإسلامية - حسب العديد من المؤرخين- إلى حوالي القرن الثالث عشر، والغزو المغولي. كانت الاضطرابات على طول حدود الإمبراطورية، وهشاشة السلطة، والهزائم...