[اليوم الرابع] ابن نوح : التعاليم السيكولوجية والروحية
باسم الله الرحمان الرحيم. لقد رأينا كيف واجه نوح المحن التي تعرض إليها. والآن سنتوقف عند قصة ابنه، التي لا نعلم عنها إلا أنه لم يطع أباه، ولم يسر في طريقه، فانتهى به الأمر غريقا. والحقيقة التي يجب أن ندركها هو أن الإيمان لا يمر بالضرورة عن طريق صلة القرابة، فإذا كان الأب حكيما أو نبيا من الأنبياء، فهذا لا يعني أن الابن سيكون بالضرورة كذلك. وهكذا كانت محنة نوح عليه السلام مزدوجة، فمن ناحية؛ كان من واجبه تبليغ ما أمر به ودعوة قومه إلى الحق، ومن ناحية أخرى كان في مواجهة عصيان ابنه. قال تعالى : » وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ » . وقال في سياق آخر : » وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ ». هنا لم يدرك ابن نوح عمق رسالة أبيه التي كانت تدعوه إلى الركوب في سفينة الحق، فقد نكون في صحبة أهل الحق والنور، لكن قلوبنا محجوبة عن رؤية هذا النور. قال تعالى : « قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ». وهنا استخدم ابن نوح ذكاءه لإنقاذ نفسه لكنه لم يكن موفقا، فالقلب الأعمى والمحجوب عن رؤية أنوار النبوة المتجسدة في الأب، كان مصيره الغرق، فرحمة الله تعالى هي العاصم من أمره.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم إنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يعود انكسارالحضارة الإسلامية - حسب العديد من المؤرخين- إلى حوالي القرن الثالث عشر، والغزو المغولي. كانت الاضطرابات على طول حدود الإمبراطورية، وهشاشة السلطة، والهزائم...