[اليوم الخامس] إبراهيم عليه السلام : التعاليم السيكولوجية والروحية

باسم الله الرحمان الرحيم. سنتوقف اليوم عند نبي من أولي العزم من الرسل، وهو إبراهيم عليه السلام الذي وصفه الله تعالى بالأمة. قال تعالى :  » إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا ». وفي سياق آخر، يدعوه الله تعالى :  » إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ ۖ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ »، وهنا يستجيب لأمر الله تعالى بالإخبات وإسلام الوجهة لله تعالى. بعد ذلك، سيستقبل وعد الله تعالى :  » قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ». فهو واع باصطفائه من الله تعالى؛ لكنه يتهمم بمصير محيطه؛ وأول شيء يخطر بباله هو ذريته، يعني أنه لا يفكر في خلاصه الفردي فحسب، بل في خلاص ذريته وقومه. وسنجد بعض الأبعاد النفسية والروحية في هذه الآية الكريمة في قوله تعالى :  » وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ». فرغم نبوته، والرسالة الإلهية التي أمر بتبليغها، فإنه يحتاج إلى إشارات وآيات تدعم إيمانه وتقوي صلته بالله تعالى. وسنجد بعض السمات الأخرى في شخصية خليل الله إبراهيم، وهي المقاومة ومواجهة الإقصاء والنبذ ومحاولة حرقه بالنار بكل شجاعة وثقة في المولى جل وعلا. نجد كذلك من صفاته التفكير العميق أو الذكاء إلى جانب الإيمان القوي، فليس لأننا مؤمنون سنعطل العقل؛ بل يجب إعمال هذا العقل للحوار وللإقناع، و اكتساب القدرة على الإنصات للآخرين رغم مخالفتهم آرائنا. قال تعالى :  » أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ». ومن تجليات إيمانه وصلته الوثيقة بأمر الله هي عندما رأى رؤيا يذبح فيها ابنه :  » قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ »، فهو قد يأتيه شيء من الشك، وقد يطلب رأي ابنه، فمقام النبوة لا يتعارض مع ما قد يعتري الإنسان من ضعف بشري، لكن المطاف ينتهي به بالرجوع إلى نقطة البداية وهي تسليم الأمر لله تعالى.

لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم إنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا