باسم الله الرحمان الرحيم. سنتوقف اليوم عند يعقوب عليه السلام لنرى أهم العبر والدروس التي يمكن استخلاصها من سلوكه، وسيرة حياته. وما نجده في القرآن في هذا الخصوص، هذا الحديث الذي دار بينه وبين ابنه يوسف عليه السلام : » إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ». وسيستوعب يعقوب عليه السلام أن هذه الرؤيا حاملة لرسالة إلهية، وأول رد فعل تجاه ابنه هو ما جاء في قوله تعالى : » قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ». وسيدرك يعقوب من خلال هذه الرؤيا أن يوسف له مقاما خاصا، وبقدر ما كان مستوعبا لهذه الرسالة الغيبية، بقدر ما كان حذرا مما قد يصدر عن أبنائه تجاه أخيهم، بسبب الحسد وغواية الشيطان، وهنا نستوعب كيف كان يعقوب عليه السلام ينظر إلى العالمين؛ عالم الغيب والشهادة، بكل اتزان وحكمة. بعد ذلك، سيحدث الفراق القسري بين يعقوب ويوسف عليهما السلام لسنين عديدة، ورغم ذلك، كانت له الثقة العميقة في أمر الله تعالى. قال تعالى : » وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ». فهو يدرك جليا أبعاد الرؤيا، لكنه لا يحدث بها أبناءه ورغم أنهم أخبروه أنه قد مات، فلم يكن يصدقهم، ويجيبهم قائلا : « فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ ». وهنا نرى أسمى تجليات الثقة في الله تعالى، بالتحمل والصبر الجميل. وعندما تحققت الرؤيا بعد سنوات عديدة، وجمع أبناءه قال لهم واثقا في موعود الله : » فَلَمَّا أَن جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا ۖ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ».
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم إنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يعود انكسارالحضارة الإسلامية - حسب العديد من المؤرخين- إلى حوالي القرن الثالث عشر، والغزو المغولي. كانت الاضطرابات على طول حدود الإمبراطورية، وهشاشة السلطة، والهزائم...