باسم الله الرحمان الرحيم. سنتوقف اليوم عند أيوب عليه السلام، لنستخلص أهم الملامح السيكولوجية، والفكرية والروحية، كما سنشير إلى أهم محطات حياته. فأول خصلة نشير إليها عندما نذكر اسم أيوب عليه السلام هي خصلة الصبر.
سنرى في هذه الحلقة كيف تعامل مع المحن التي تعرض إليها، وكيف أراد الشيطان أن يزعزع إيمانه الراسخ ليجعل منه فريسة ينزع منها روح التعلق بالله تعالى الواحد الأحد. فإذا كان غنيا، فسيحاول الشيطان إفقاره، وإذا كان في صحة جيدة، فسيحاول المس بصحته، وإذا كان متعلقا بزوجته الوفية، فسيحاول الإيقاع بينه وبينها، فهذه هي حيل الشيطان. قال تعالى : » وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ». هنا يتبين أن المؤمن يتعرض للمحن، فعندما يكون في انسجام مع ذاته، مؤمنا بربه، ومقرا بالعبودية لله تعالى، نرى أن كل القوى تأتي لتزعزع استقراره. لكن رغم كل هذه المحن اللتي تعرض لها أيوب، سنرى أنه كان آية في الصبر، كما أن الصبر سمى بإيمانه، ليستوعب بكل ثقة ما يحدث له.
قال تعالى : » وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ». وهنا يستوعب أيوب عليه السلام أن الضر الذي أصابه هو سمو وخير أراده الله تعالى ليزداد إيمانه. ففي المحنة، نرى أن هناك تحولا من حال إلى حال، لكن هذا التحول يجب أن يكون مصحوبا بمراجعة الذات والصبر والثقة في الله تعالى. قال تعالى : » فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ ». وهنا نستوعب أن المحنة دفعت أيوب عليه السلام إلى استمطار رحمة الله تعالى، فكانت رحمة الله تعالى هي الاستجابة النهائية، نتيجة الصبر والثقة في وعد الله تعالى. ولذا فليس الغرض من المحنة هو تأنيب ضمير الإنسان، بل إنها نداء للسمو والقرب من القريب جل في علاه.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم إنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يعود انكسارالحضارة الإسلامية - حسب العديد من المؤرخين- إلى حوالي القرن الثالث عشر، والغزو المغولي. كانت الاضطرابات على طول حدود الإمبراطورية، وهشاشة السلطة، والهزائم...