باسم الله الرحمان الرحيم. سنتوفف اليوم عند شخصية بلقيس ملكة سبأ، التي كانت متميزة عن قومه بصفات عديدة.
أولا، نجدها ملكة مستقلة عن الآخرين، ورغم ذلك نجدها كانت تقرر بعد أخذ رأي مستشاريها، وهنا كانت تجسد نوعا ما مفهوم الشورى. من جهة أخرى، كانت تتميز بحس تواصلي كبير، فعندما توصلت برسالة من سليمان عليه السلام، سترجع إلى محيطها لتأخذ رأيهم مرة أخرى، وكانت هذه الرسالة مثيرة بالنسبة إليها لأنها كانت » باسم الله الرحمان الرحيم ». قال تعالى على لسان ملكة سبأ : » قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ ».
هذه الرسالة أرسلها سليمان ليدعوها إلى عبادة الواحد الأحد والاعتراف بحكمه، وأول رد فعل تقوم به هي الاستشارة وطلب رأي مستشاريها، فهي تجسد الممارسة الشورية ولا تستبد برأيها. وهنا سيكون رأي مستشاريها قائما على استعراض القوة التي يحظون بها، بعيدا عن الحكمة. قال تعالى : » قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ » وردت عليهم في قوله تعالى : » قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ۖ وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ ». وهنا لم تأخذ برأيهم، لأنها تر أنه أقرب إلى الصواب، واستدلت بالإفساد والإذلال الذي يمارسه الملوك على أهل القرى. فصفات الحكمة والتشاور والاستقلالية هي التي كانت تميز بلقيس، كما أنها ستوظف دهاءها في التعامل مع سليمان. وهكذا فقد قررت أن ترسل هدايا لسليمان لتختبره هل كان صادقا في دعوته أم أنه قابل للاستمالة، لكنه لم يكن كذلك.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم إنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يعود انكسارالحضارة الإسلامية - حسب العديد من المؤرخين- إلى حوالي القرن الثالث عشر، والغزو المغولي. كانت الاضطرابات على طول حدود الإمبراطورية، وهشاشة السلطة، والهزائم...