باسم الله الرحمان الرحيم. سنتطرق اليوم إلى ابنتي شعيب عليه السلام لنستخلص العبر والفوائد. جاء في كتاب الله تعالى أن ابنتي شعيب كانتا تريدان تزويد الأغنام بالماء، فرآهما موسى عليه السلام في ضاحية مدين بعد أن خرج من مصر، وحين قصد البئر وجدهما تبتعدان بأغنامهما عن الزحام، فدنا موسى عليه السلام منهما، وسألهما لِمَ لا تسقيان غنمكما؟؛ قال تعالى : « وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ۖ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ۖ قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ۖ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ».
هناك العديد من التعاليم التي يمكن أن نستخلصها من هذه الآية الكريمة. أولا، إنهما تعتنيان بأبيهما، لأنه شيخ كبير، وهنا نلفت النظر إلى ضرورة الأخذ بأيدي آبائنا عندما يكبرون في السن. ثانيا، هناك إشارة في الآية الكريمة إلى خروجهما من البيت ليقوما بواجباتهما من أجل العيش اليومي. بعد ذلي، ستأتي إحداهما إلى موسى عليه السلام، وخاطبته قائلة كما جاء في كتاب الله تعالى : » فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ». وهنا نرى أن الآية تشير جليا إلى خصلة الحياء، وإلى ثقة شعيب عليه السلام بابنته، فهو يكلفها بمهمة ويدعوها إلى رد الجميل إلى موسى عليه السلام. ولذا، فحضور المرأة خارج البيت كان أمرا بدهيا، كما كان محكوما والحياء والثقة التي تجمع الأب بابنته، وهذا ينافي إلى حد ما الثقافة الشرقية. بعد ذلك، ستقترح على أبيها قائلة : » قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ ». وهنا يظهر جليا مشاركتها الإيجابية في اتخاذ القرار.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم إنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.