باسم الله الرحمان الرحيم. سنتوقف عند شخصية محورية في القرآن الكريم، وهي عيسى عليه السلام.
قال تعالى : » يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ». تشير الآية الكريمة إلى أن عيسى بشر وليس إلها كما يعتقد الغلاة، وهو حامل خطاب الله عز وجل، وقد كان من صفاته الحب والروحانية العالية.
ورغم ما كان يتمتع به من قوى خارقة، فقد كان دائما مقرا بعبوديته المطلقة لله عز وجل. قال تعالى : » إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا ۖ وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ ۖ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي ۖ وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِي ». فهذه الخوارق كانت تتحقق مطلقا بإرادة الله عز وجل.
وعلى غرار باقي الأنبياء، كان عليه أن يواجه عصيان قومه. ورغم قدراته الخارقة التي كان يحظى بها، لم يكن ليستعلي على البشر، بل كان يبحث عن شركاء يساندونه من أجل استكمال مهمة التبليغ والدلالة على الله تعالى وهنا تتجلى جليا أهمية الصحبة في الدعوة إلى الله. قال تعالى : « فَلَمَّآ أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ ٱلْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِىٓ إِلَى ٱللَّهِ ۖ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ ٱللَّهِ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَٱشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ». لكن الحواريين طلبوا منه آية إلهية في قوله تعالى : » إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ ۖ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ». ورغم ذلك، فقد استجاب لطلبهم، ودعا الله تعالى أن ينزل عليهم المائدة. وهنا نستخلص أن عيسى عليه السلام كان بشرا كسائر البشر، رغم القدرات التي سخرها له الله تعالى، كما كان مستمسكا بصحبة الصالحين، ليساعدوه في مهمته، و كان منتبها لحاجاتهم.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم إنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يعود انكسارالحضارة الإسلامية - حسب العديد من المؤرخين- إلى حوالي القرن الثالث عشر، والغزو المغولي. كانت الاضطرابات على طول حدود الإمبراطورية، وهشاشة السلطة، والهزائم...