يجب أن نفكر حتما في البعد الثقافي للإسلام داخل المجتمعات الغربية. يعني هذا الأمر بداية الإقرار بأن الحساسيات والأذواق تغيرت، وعوض أن نحَرِّم جميع الأمور، وهو هدف مستحيل وغير منطقي، يجب أن نشجع المبادرات التي تسعى إلى إيجاد تعابير فنية تتلاءم مع سياقنا الجديد. إن العمل على تأليف روايات ومسرحيات جديدة، وتركيب ألحان موسيقية وأغاني، والتفكير في سينما أصيلة وتعابير تصويرية ذات خصوصية، أمور تعكس التحديات المستقبلية، والتي يجب أن نرفعها على ضوء مبادئ وأخلاق الإسلام. إن الدعوة إلى ثقافة إسلامية غربية يقتضي أن نختار ثقافة انتقائية وبديلة في الآن ذاته.
كم هو شاق مجابهة هذه التحديات التي لا مفر من مواجهتها، وإلا سنغرق أنفسنا في زوبعة ثقافة فرعية بدون روح أو قيم، أو سنعيش في تفاوت مستمر مع محيطنا، متحسرين على الماضي، وسنرى أبنائنا يبتعدون عنا كثيرا، أو يتيهون، لأننا لم نحسن مخاطبتهم بلغتهم. إن الثقافة الإسلامية الغربية في طور الولادة، و تتجلى الإمارات بكل وضوح في كل مكان، كما أن هناك العديد من المبادرات في هذا الشأن، لكن من اللازم أن نبقى حذرين حتى لا نسقط في بعض التجاوزات، التي تدعونا إلى إباحة كل شيء، فقط لأننا قمنا بإسقاط بعض المصطلحات الإسلامية على الإنتاجات الفنية، فالهدف أكبر من ذلك بكثير.
يتعلق الأمر بالتفكير في تأسيس ثقافة إسلامية وفن إسلامي غربي بجذور صلبة وقوية، تعطي الماء والغذاء لمخيال نبيل ولائق وإنساني. إنه فن يعكس الجمال والرمز، وموسيقى تعكس الانسجام ورقة المشاعر، وإنشاد يغني للحياة وللسمو، ورسم يعكس النور وقيم السلام. إنها ثقافة وفنون تتأسس في قلب الغرب انطلاقا من مرجعيتنا، التي نأمل أن تكون انعكاسا للنور وجسرا لتحقيق القرب من الله تعالى، الذي يدعونا إلى حسن العيش، والاعتناء بأنفسنا. هذه قيم قد تنعكس في صدى الكلمة، وجمالية اللوحة الفنية، وعمق الأنغام الموسيقية. »
من كتاب أضواء على قضايا الإسلام والمسلمين- 2018