لا يكاد يمر يوم دون الحديث عن الإسلام والمسلمين، ودون الحديث عن العنف والتطرف. كل هذه الأمور تحدث كما لو كان العالم بأسره، وليس الغرب فقط، لديه مشكلة حقيقية مع المسلمين والإسلام. سواء تعلق الأمر بالأنظمة السياسية، أو بالسمات الثقافية، أو بالعلاقات بين المسلمين (سواء بين الشيعة والسنة، أو بين مختلف التيارات الفكرية)، فمن الواضح أن هناك غيابا للحريات، وسيادة للنظام الأبوي، بالإضافة إلى الانقسامات والتوترات والحروب.
لا يبدو المشهد في الغرب باعثا على التفاؤل، بحكم أن قضية « الإسلام » باتت تطرح في كل مكان. فمن قضية الدين إلى العلمانية، ومن المواطنة إلى الهجرة، ومن الاندماج إلى التعددية الثقافية، ومن التهميش وصولا إلى العنف، كل هذه الأمور تؤيد هذا الانطباع السلبي. بالإضافة إلى هذه التطلعات الجديدة التي بات يعبر عنها الشباب الذي لم يكن منخرطا من قبل في القضايا الدولية سواء في إفريقيا أو في الشرق الأوسط أو في فلسطين، لكنه أصبح فجأة مغمورا بالذهاب بكل غباوة إلى جبهات القتال أو إلى الجهاد كما يعتقد، سواء في سوريا أو في العراق، للالتحاق بالجماعات المتطرفة التي تتبنى العنف وتستخدم وسائل الترويع، ضاربة عرض الحائط أبسط التعاليم الأساسية للإسلام.
ها نحن إذن أمام التباس كبير، فلم يعد ممكنا معرفة معنى هذا الإسلام الذي نتحدث عنه كثيرا، ومعرفة من يمثله، ومن يخون تعاليمه، ومن يملك الشرعية للحديث عنه، ومن يعتدي على قيمه. لقد أصبح التنافر سائدا في كل مكان. فالعديد من الأوروبيين غير المسلمين ضلوا عن طريق الحقيقة، ولا يحتفظون إلا بالتصورات السيئة والسلبية عن الإسلام زاعمين أن الإسلام مشكلة في حد ذاته. والمسلمون، بالإضافة إلا ذلك، يعيشون كذلك هذا الالتباس متسائلين من الصادق، ومن المتلاعب، وماذا يجب أن نقول، وكيف يجب أن نتصرف؟
يجب الرجوع في بعض الحالات إلى الأصل، كما ينبغي الاستناد إلى المفاهيم والتصورات الأولية قصد توضيح الأمور، وتجاوز الالتباس، وتحديد المراحل والأولويات في إطار البحث عن حلول ملموسة. إن تأملاتنا حول قضية الإسلام تبدأ في كثير من الأحيان من تحليلاتنا ومن تصوراتنا للمشاكل التي نواجهها في الميدان. يجب علينا ربما أن نسير عكس هذا الاتجاه. يعني يجب بداية استيعاب المفاهيم والمبادئ بشكل جيد، ثم نقوم بعد ذلك بوضعها وجها لوجه مع الواقع وتحدياته. هذه إذن هي المقاربة التي نقترحها في هذا الكتاب.
إذن يجب أن نبدأ من البداية : فما هو مفهوم الإنسان الذي نجده في قلب رسالة الإسلام؟ وكيف يمكن أن نحدد » إنسانية الإسلام »، كما جاء في عنوان كتاب مارسيل بوازار؟ إن هذه التساؤلات ستتيح لنا الحديث عن العلاقة بكل ما له صلة بالله، وبمعنى الحياة، وبالأديان الأخرى والروحانيات، وبالعلاقة بالكون والطبيعة، إلخ. إذن من الضروري الرجوع إلى هذه المبادئ والأسس حتى لا نخوض في نقاشات لا تنتهي حول سوء الفهم والتجاوزات، وجميع أشكال التطرف. إذن الأمر يتعلق بمقدمة بسيطة، بل أود أن أقول أنها مقدمة هادئة، حول الأسس التي تقوم عليها رسالة الإسلام. إن هذه الخطوة تعتبر ممرا لا مفر منه بالنسبة للنساء والرجال سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، والراغبين في التحاور والعيش المشترك والعمل معا من أجل تغيير هذا العالم إلى الأفضل.
للإشارة، الكتاب هو قيد الترجمة إلى العربية وعنوانه بالفرنسية هو:
De l’islam et des musulmans :Réflexions sur l’Homme, la réforme, la guerre et l’Occident
المقاربة منطقية لو أننا نعود للمفاهيم و التصورات الأولية بغية ابراز الحق لا بغية إيجاد نقاط تلاق مع الغرب..لا ادري بقدر ما أجد نفسي في كل هذه الأفكار بقدر ما أخشى على فكرك من الانسياق وراء هويتك الاروبية..حبيبنا المصطفى لم يبحث عن نقاط تلاق حتى مع عمه الذي رباه..بل بحث عن الحق
وفقنا الله لسبيل الحق و اعاذنا مما سواه