[اليوم السادس والعشرون] لقمان: التعاليم السيكولوجية والروحية

باسم الله الرحمان الرحيم. سنتوقف اليوم عند شخصية بارزة في القرآن، ليست من الأنبياء أو المرسلين، بل هناك إجماع على كونه حكيما من الحكماء، وهو لقمان.

لقد ذكر في القرآن في العديد من المناسبات تتعلق بتربية ابنه والحكمة في التصرف، بخلاف الأب -العنصر الغائب في المجتمعات المعاصرة. لقمان جسد حضور الأب، ليس في إطار علاقة سلطوية تجمع الأب بابنه، بل إنها علاقة مبنية على التربية بالحكمة والموعظة الحسنة والرفق. قال تعالى :  » وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ». وقال تعالى :  » وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ». فأول وصية هي دعوة ابنه إلى التوحيد ونفي الشرك بالله، وهنا تبدو جليا محورية التوحيد في صلة الإنسان بربه.

بعد ذلك، قال تعالى :  » وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ». بعد الدعوة إلى التوحيد، تأتي الوصية بالإحسان إلى الوالدين، إنها ليست طاعة مطلقة، بل طاعة في الخير والمعروف، بدليل قوله تعالى:  » وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ». لقد اقترنت طاعة الوالدين والإحسان بالوالدين بالتوحيد، فطاعة الوالدين بالمعروف من أسمى مقامات القرب.

ومن وصايا لقمان ما جاء في قوله تعالى :  » يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ »، يعني لو كانت تلك الذرة محصنة داخل صخرة صماء ، أو غائبة في أرجاء السماوات أو الأرض فإن الله يأتي بها، لأنه لا تخفى عليه خافية. وقال كذلك : « يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ – وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ – وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ». إنها وصايا تدعو بداية إلى توثيق الصلاة بالله عز وجل من خلال إقامة الصلاة، والصبر على المكاره، وتنهاه عن الخيلاء والتكبر في علاقته بالخلق أجمعين. إنها تربية مبنية على الحكمة والرفق والإيجابية.

لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم إنكم تحبونهم، فالحياة هشة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا