يوميات شهر رمضان (1-10)

اليوم 1 : الشريعة

نحن اليوم في اليوم الأول من شهر رمضان المبارك، وسيكون موضوعنا في هذا الشهر هو المقاومة؛ يعني المقاومة بجميع أشكالها، انطلاقا من المعنى الأول للمقاومة وهو الجهاد، الذي يجب أن نحيط بجميع أبعاده العميقة، لاستيعابه بشكل جيد، وهو يحيلنا إلى مفهوم المقاومة والإصلاح.
الأمر الأول الذي يجب أن نستوعبه ليس هو مفهوم المقاومة فحسب، بل يجب استيعاب هذا المفهوم داخل الفضاء الإسلامي من خلال نظرة هذا الفضاء إلى الكون والإنسان، أي من خلال نظرة الإسلام إلى كيف يجب أن تكون علاقة الإنسان بنفسه، وبالمخلوقات، وبخالقه. وهذا يحيلنا إلى مفهوم الشريعة، ليس كمجموعة من الأوامر والقوانين الإلهية بل كمنهاج إلهي، حيث يقول سبحانه وتعالى : « ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون »، وقال في آية أخرى :  » ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق »، وفي آية أخرى : « لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا » .
إذن الشريعة منهاج إلهي وطريق الوفاء والإخلاص، وبالتالي نحن مدعوون إلى الاختيار، يعني مدعوون إلى اختيار طريق بناء الذات من خلال التربية والسلوك إلى الله تعالى والانخراط في قضايا الإصلاح… وهذه الأمور تندرج في إطار المقاومة. الأمر الأول الذي يجب القيام به هو مقاومة الأهواء واختيار طريق الإيمان والتربية والمعرفة والعدالة والكرامة، لأن أول خطوة في الطريق لفهم ذواتنا وعلاقتنا مع أنفسنا وللتصالح مع أرواحنا هو خيار المقاومة : مقاومة الأهواء ومقاومة انحرافات النفس.

في نهاية هذه الحلقة، لا بد أن أذكركم ألا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبنوهم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اليوم 2 : الفطرة

نحن في اليوم الثاني من شهر رمضان المبارك، وسنواصل حديثنا عن المقاومة بجميع أشكالها. لقد تطرقنا بالأمس إلى الشريعة كمنهاج إلهي، ووجدنا أننا مدعوون إلى الاختيار بين طريقين، طريق الحق من خلال المعرفة والتربية والعدالة والكرامة، وطريق الأهواء والانحرافات، التي تؤدي بنا إلى فقدان الكرامة البشرية، وبالتالي نحن مدعوون من البداية إلى الاختيار السليم من خلال الإنصات إلى نداء الفطرة، التي تعتبر مفهوما بالغ الأهمية في الإسلام. قال تعالى :  » فأقم وجهك للدين حنيفا، فطرة الله التي فطر الناس عليها، لا تبديل لخلق الله ». الفطرة هي تطلع متأصل في عمق كل إنسان إلى السمو الروحي، تدفعه إلى التساؤل عن الجوهر والمعنى…

إذن القلب البشري سليم منذ البداية ويبقى مستعدا فطريا إلى هذا التطلع السامي، فهناك شرارة من النور داخل هذا القلب التي تدفع بصاحبه إلى البحث عن النور الإلهي « نور على نور »، إذن هذا النور يجب أن نحافظ عليه، وبالتالي فأول شكل من أشكال المقاومة هو الرجوع إلى هذا النور، وتَفَقُّد القلب لإزاحة غبار الغفلة عليه، لنحصل في نهاية الأمر على ذلك القلب السليم كما جاء في قوله تعالى :  » يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ». إن القلب يُغشَى عليه عندما نتجاهل الفطرة، فيحجب الله عنه هذا النور، لأن القلب يصبح مريضا عندما نطلق العنان لأهواء النفس، حيث قال تعالى :  » في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ». إذن أول مقاومة كما ذكرنا هي الرجوع إلى الذات والحفاظ على هذا القلب السليم، « واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه ».

في نهاية هذه الحلقة؛ لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اليوم الثالث: الجهاد

سنواصل حديثنا عن موضوع المقاومة من خلال التطرق إلى مفهوم الجهاد. لقد تحدثنا في اليومين السابقين عن الشريعة والفطرة، وسنرى أن بين الفطرة وبين الشريعة كمنهاج رباني، نجد مفهوم الجهاد، لأن هذا المفهوم هو الذي سيتيح لنا معرفة كيف نقاوم الأهواء لنحافظ على نور الفطرة، ولنبقى أوفياء لمنهاج الشريعة من خلال هذا النوع هذه المقاومة. المقصود بالجهاد هنا هو مقاومة الأهواء والانحرافات والعمل على إصلاح وتهذيب النفس. نجد القرآن الكريم يعبر عن هذه المفاهيم بأشكال مختلفة، وهكذا نكون بعيدين كل البعد عن ما يروج من مفاهيم خارجة تماما عن هذا الإطار، كمفهوم الحرب المقدسة، أو القتال ، إلخ..

فالجهاد مفهوم متعدد الأبعاد، ويبدأ أساسا بالجوانب الروحية والنفسية والفكرية، قال تعالى:  » إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا »، إذن هناك إيمان بالله وبرسوله عليه الصلاة والسلام، وهناك يقين في الله تعالى وهو عكس الشك والارتياب، وفي تتمة الآية الكريمة، يقول تعالى « وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون »، يعني هناك جهاد بالنفس والمال وتنتهي الآية بذكر صفة هؤلاء المؤمنين بوصفهم بالصدق. يعني أنهم بداية عرفوا طريق الحق، والمعرفة هي ضد الجهل، يعني يجب أن يكون لنا فهم خاص لمثل هذه الآيات حتى نفهم كنهها ومغزاها. فحتى عندما كان النبي عليه الصلاة والسلام يلتقي بالعدو، فإنه يبدأ بالرد عليهم من القرآن « وجاهدهم به جهادا كبيرا »، يعني أن هناك جهادا فكريا، وهو مقرون بجهاد النفس الذي يقصد به التحرر من كل المعيقات التي تحجبنا عن طريق الحق. إذن هناك جهاد فكري، وجهاد تربوي، وجهاد متعلق بالانخراط في قضايا الإصلاح والمجتمع، والجهاد ضد الظلم والفقر؛ وللاستمرار على هذا المنهاج، يجب مقاومة النفس، ليس للذهاب إلى القتال، بل لنحيا حياة يسودها العدل والخير والعيش المشترك والقيم الروحية. إذن الجهاد مفهوم متعدد الأبعاد، ويبدأ بالضرورة بجهاد النفس، مرورا بجهاد الفكر والتربية والانخراط في قضايا الإصلاح، إذن ليس هناك شريعة بدون جهاد؛ والذي نقصد به هذه المعاني التي أتينا على ذكرها.

في نهاية الحلقة، لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اليوم الرابع : النسيان

سنواصل حديثنا في اليوم الرابع من شهر رمضان المبارك، للحديث عن المقاومة، واليوم سنتحدث عن مقاومة النسيان، وهي طبيعة بشرية كامنة في النفوس، ولهذا السبب أرسل الله تعالى رسله إلى الناس لتذكيرهم بحقيقة وجودهم في الحياة. قال تعالى : « إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ». وقال تعالى « وأقم الصلاة لذكري »، إذن الصلوات الخمس فرضت لمقاومة هذه الغفلة عن الله تعالى، والأمر ينطبق على الصوم والزكاة وباقي العبادات، وقال تعالى « ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا »، وفي آية أخرى :  » ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم ». إذن يجب أن نتبه جيدا إلى هذا الأمر، فالإنسان ينسى، والنسيان طبيعة في الإنسان ومن الواجب مقاومتها، حيث هناك في القرآن سرد لبعض الأحداث التي وقعت في تاريخ البشرية، والتي يجب أن نستخلص منها الدروس والعبر حتى لا نعيد نفس الأخطاء…

لا تنسوا كذلك أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم والسلام عليكم ورحمة الله.

اليوم الخامس : النفس (أو الأنا)

سنواصل حديثنا في اليوم الخامس من شهر رمضان المبارك للحديث عن موضوع بالغ الأهمية يدخل في إطار أشكال المقاومة التي نتحدث عنها وهو جهاد النفس. هذه النفس التي تجعلنا أسرى لأهوائها فتصبح هي المركز الذي يدور حوله وجودنا. لقد ذكر الله تعالى في كتابه الحكيم أن إبليس هو أول من جسد هذا الاستكبار والاستعلاء عندما أمره بالسجود لآدم عليه السلام في الآية الكريمة :  » قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك »، فكان جواب إبليس : « قال أنا خير منه، خلقتني من نار وخلقته من طين ». فعوض التصالح مع الفطرة ومع ذلك النور القابع في أعماقنا الذي يتيح لنا السمو بأرواحنا إلى معالي الأمور والتحرر من الأنا ، ستكون النفس هي ذلك السجن الذي سيبح لنا اقتراف كل شيئ، واتباع الأهوا وكنز المال والطمع في السلطة، إذن هنا يحل الأنا محل كل ما هو رباني وسام، وهنا يصبح الإنسان مستعليا، مختالا ومستكبرا. وهذه هي الصفات التي يجب أن نتحرر منها من خلال المصالحة مع فطرتنا، وضبط غرائزنا وأهوائنا، والسعي إلى تحقيق القرب من الحق سبحانه وتعالى، إذن من الواجب الالتزام بهذا العمل التربوي للتحرر من سجن الأنا الذي يخنق أنفاس الإنسان ويحتل المكانة الكبرى في حياته. لنقاوم هذا السجن حتى نتمكن من السير على خطى المنهاج ومن السلوك إلى الله بشكل سليم.

في نهاية هذه الحلقة، لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، لأن الحياة هشة، والسلام عليكم.

اليوم السادس : الرياء

من واجبنا أن نقاوم، لأن الحياة مقاومة؛ مقاومة انحرافات النفس التي قد نكون في سجنها وتحت أسرها، وقد تكون في الطريق السوي عندما نكون في خدمة الإنسانية، كما جاء في حديث نبوي :  » أحب الناس إلى الله أنفعهم لعياله ». من أمراض النفس، نجد مرض الرياء، يعني هل نحن نعمل من أجل مرضاة الله فقط، أم من أجل الآخرين، وهنا نحن نصبح أسرى أحكامهم. إن مقاومة الرياء هي الكفيلة بالتحرر من أحكام الآخرين، وهنا يصبح فقط هاجسنا هو مدى استجابتنا لأمر الله تعالى. قال تعالى :  » ويل للمصلين، الذين هم عن صلاتهم ساهون، الذين هم يراؤون ويمنعون الماعون »، وقال عليه الصلاة والسلام :  » ألا أخبركم عما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ قالوا : بلى يا رسول الله، قال : الشرك الخفي؛ أن يقوم الرجل يصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل ». إن الاهتمام بنظرالناس إلينا وبأحكامهم فينا هو سجن يجب أن نتحرر منه حتما، ليكون هاجسنا هو السعي إلى رضى الله تعالى ومحبته والسعي كذلك إلى خدمة خلقه، متجاوزين أحكام الناس ومتحررين من سجنهم.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم لأن الحياة هشة، وبدون رياء، والسلام عليكم.

اليوم السابع : الأنانية
سنواصل حديثنا عن المقاومة في اليوم السابع من شهر رمضان المبارك، وسنتطرق إلى صفة ذميمة من صفات النفس البشرية وهي الأنانية، وهي عكس العطاء والإنفاق، قال تعالى :  » الذين يومنون بالغيب و يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون »؛ هذا الإنفاق ليس ماديا فحسب، بل قد يكون معنويا أو عاطفيا أو روحيا كذلك…حتى في بداية الوحي ونزول القرآن، كان الأمر بالعطاء والإنفاء والاهتمام بالفقراء وذوي الحاجات، لأن الإيمان يحررنا من شح النفس لنعطي وننفق مما نملك، إذن نحن مدعوون إلى التحرر من الأنانية، رغم أن عالم اليوم القائم على الرأسمالية يدفع الناس إلى التملك والطمع دائما في المزيد. إن التحرر من الأنانية يعتبر من الأبعاد الرئيسية في سلوكنا الروحي. قال تعالى : « ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون »، إذن الفلاح هنا رهين بتحررنا من الشح، ولهذا نجد الزكاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام. هذا الإنفاق كما ذكرنا آنفا لا يقتصر فقط على الإنفاق المادي، بل يشمل ما نعطي من وقت لننصت للآخرين، وما نعطي من قلوبنا لمحبة الناس، وما نعطي كذلك لنصرة ودعم من هم في حاجة إلى ذلك. إن هذا الإنفاق هو بمثابة إصلاح وتهذيب للنفس، وهكذا كان النبي عليه الصلاة والسلام خصوصا في شهر رمضان. إن الإيمان في نهاية المطاف هو كرم وعطاء وإنفاق ومقاومة لجميع أشكال الأنانية.
لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، لأن الكلمة الطيبة نوع من العطاء، والسلام عليكم.

اليوم 8 : الدوابية والملائكية

نحن في اليوم الثامن من شهر رمضان المبارك، وسنواصل حديثنا عن المقاومة، لنتطرق إلى مقاومة بعض انحرافات النفس، خصوصا عندما نسعى إلى الاعتقاد أننا ملائكة لا نخطئ، أو كدواب؛ وهنا من المهم أن نفكر دائما بشكل وسطي… فمن خلال قوله تعالى :  » ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها »، يجب أن نسعى إلى تحقيق التوازن مثلما جاء في الآيتين الكريمتين : « وكذلك جعلناكم أمة وسطا »، والآية : « ألا تطغوا في الميزان »، وهكذا يجب أن نقاوم في أنفسنا الميول الحيوانية والدوابية التي تجرنا إلى الهلاك والضياع  » أولئك كالأنعام بل هم أضل »، وفي نفس الوقت يجب ألا نعتقد أننا ملائكة لا نخطئ، فحتى الإيمان يبلى وقد نفقده، كما جاء في الآية  » ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا « ، إذن يجب مقاومة الأمرين معا. هناك مقولة لباسكال :  » الإنسان ليس دابة وليس ملاكا، والمأساة هي أنه من يريد أن يتصرف كملاك فإنه ينحط بذلك إلى درك الدواب »، لأن الاعتقاد بالملائكية سيؤدي بنا إلى الاستعلاء . يجب أن نسعى دائما في سلوكنا الروحي إلى تحقيق هذا التوازن بين الملائكية وبين الدوابية، وهذه هي طريق الوسطية والاعتدال.

لا تنسوا دائما أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اليوم التاسع : الانفعال
سنواصل حديثنا عن المقاومة، وسنتطرق اليوم إلى نوع خاص من المقاومة وهو مقاومة الانفعالات خصوصا الانفعالات السلبية التي قد تؤدي بنا إلى الهلاك. هذه المقاومة رهينة بسلوكنا الروحي، فعندما نقول مثلا : » لا إله إلى الله » وعندما نعيش في أجواء الإيمان، فهذا الأمر يدعونا ضمنيا إلى ضبط انفعالاتنا دون محاولة إنكارها، فهناك مثلا مشاعر نحس بها عندما نرى الطبيعة، وعندما ننبهر بجماليتها وبجمالية المخلوقات، وهناك مشاعر الحب كذلك، هذه مشاعر يجب أن ننميها لأنها مشاعر إيجابية…
لكن المشاعر والانفعالات تصبح مشاكل حقيقية عندما تزيد عن حدها وتتجاوز العقل، خصوصا عندما نشعر بالغضب، فلا نستطيع آنذاك التحكم في مشاعرنا أو في ما نقول وفي ردود أفعالنا كذلك. هنا يأتي التوجيه النبوي في الأحاديث النبوية :  » أمسك عليك لسانك »، وحديث  » لا تغضب »، وحديث  » ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب »، إذن هناك عمل تربوي يجب من خلاله مقاومة هذا النوع من الانفعالات لأنها قد تزيغ بنا عن الطريق السوي، فالجميع على علم بهذه المقولة الشهيرة :  » الحب أعمى »، لأنه قد يعمينا فعلا ويحجبنا عن التفكير بشكل معقول وسليم، هذا لا يعني أن ننكر هذه المشاعر كما قلنا، لكن دون إفرط أو تجاوز للحدود، وهذا ينطبق على الشعور بالخوف، مثلما حدث لموسى عليه السلام عندما كان وجها لوجه مع فرعون وسحرته؛ كان الوعي بمعية الله واستحضار عظمته كفيلا بتجاوز هذا الخوف، حينما أمره تعالى قائلا : » يا موسى أقبل ولا تخف ».
إذن من واجبنا مقاومة هذه الانفعالات السلبية، من خلال معرفتها واستيعابها قصد تجاوزها في نهاية المطاف، لأن ضبط المشاعر من لزاوم السلوك إلى الله تعالى.
في نهاية هذه الحلقة، لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، والسلام عليكم ورحمة الله.

اليوم العاشر : الجبن

سنواصل حديثنا في اليوم العاشر من رمضان المبارك، لنتحدث عن مقاومة الجبن، والجبن ضد الشجاعة، وضد القدرة على التعبير والتصرف. هناك عدة أشكال من الجبن نجد منها الجبن الفكري، والجبن السياسي والجبن الجسدي، والجبن الاجتماعي؛ هذا الجبن يعني، كما قلنا، عدم قدرتنا على التعبير بكل حرية عما نعتقد، والخوف من عواقب هذا التعبير.

وبالمقابل، تعتبر الشجاعة من القيم الكبرى في الإسلام، حيث كان الصحابة يجدون دائما النبي عليه الصلاة والسلام في الصفوف الأولى في مختلف المعارك التي خاضها عليه الصلاة والسلام، فلم يكن فقط يدعو إلى هذه الشجاعة، بل كان نموذجا يجسد هذه القيمة في الميدان. من تجلياتها ما جاء في قوله تعالى:  » الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا »، كما أن أفضل الشجاعة هي ما جاء في قول النبي عليه الصلاة والسلام :  » أفضل الجهاد كلمة حق أمام سلطان جائر ». إن السلوك إلى الله تعالى يدعونا إلى التوكل واليقين في الله تعالى واستحضار وجوده ودعمه ونصرته لعباده، وبعدها يأتي التصرف بكل شجاعة عند مواجهة الشدائد إضافة إلى التحكم في المشاعر والانفعالات السلبية، من خلال التعبير بكل قوة عن الواقع، وعدم انتظار أحكام الآخرين، حيث لا يمكن إصلاح الأوضاع القائمة في غياب الشجاعة والقدرة على التعبير بدون خوف أو وجل، وهذا ما جسده النبي عليه الصلاة والسلام في قوله : « والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته ».

في نهاية هذه الحلقة، لا تنسوا أن تقولوا لمن تحبونهم أنكم تحبونهم، والسلام عليكم ورحمة الله.

2 تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا